نشر بتاريخ: 23/04/2015 ( آخر تحديث: 23/04/2015 الساعة: 13:32 )
الكاتب: قسام مروان البرغوثي
صباح الخير... صباح نفض الغبار عن الجسد النقي معدنه والملوث ظاهره ووجهه.. صباح الانتفاضة الفتحاوية الداخلية من أسفل الهرم صعوداً وتمرداً على هذا الظلم والقهر والختطاف الممنهج للحركة.. يقولون أن الجرح المفتوح لا يجب العبث فيه حتى يدمل، ولكن الجراح الماهر يعلم أن اغلاق الجروع منذ عشر سنوات دون تطهيرها لا يؤدي الا الى المزيد من العفن داخل هذا الجسد، وعليه وبما أنني أنتمي قلباً وروحاً وفكراً الى فتح كعنصر فيها مؤمن بأنها أحد الوسائل الى الحلم المقدس الأبدي فلسطين أود أن أعطي رأيي بكل ما تمر به الحركة:
أولاً: يتحمل القائد العام للحركة ولجنته المركزية كل المسؤولية عن المصيبة التي وصلت لها الحركة، وعن تجريده من روحها التي قامت على الفداء والتضحية والعمل الثوري، واحباط شبابها وكوادرها وخلق حروب المصالح، وشرذمة أطرها وتغليب مصالحهم الشخصية والفئوية على مصلحة الحركة.
ثانياً: مؤسسة الشبيبة في كامل تراب الوطن بمنسقيها وهيئاتها الإدارية وكوادرها وعناصرها من الجنسين أنتم الأمل الوحيد لرفض هذا الواقع المقيت، وأنتم الروح التي ستُنفخ بالحركة لرفدها بالحياة مرةً أخرى، لكن لن يتحقق ذلك قبل أن ننفض جميعاً قرف الطفيليات التي نمت على أجسادنا بسبب بلادة وعجز قيادة الحركة، علينا أن نكفر بهذه الأصنام التي حرفت وحرَفت الدرب والمسيرة ووصايا ياسر عرفات الذي وثقنا فيه حتى استشهد مقاتلاً قابضاً على الزناد.
ثالثاً: لا ننساق أبداً كفتحاويين وراء تكريس الانقسام، ولا ننجر وراء خزعبلات هذه القيادة، ومهما تجبر وظلم شقيقنا الفلسطيني فلا طريق لنا سوى نصحه وارشاده، لا أن نأخذ الزاوية المقابلة من الردح والتآمر والتكبر، وقد ظهر وبان للجميع بأن حركةً بوصلتها القدس لا يسمح لها بأن تغير اتجاهها، وان حاججني آخر بأفعال حماس في غزة أو شماتة اليسار ووقوفه ضدنا في أي موقف فعلينا الاعتراف بأن قيادتنا هي المسؤول الأول عن بناء أساسات الكراهية وعدم احترام الاختلاف، واحتكار العمل السياسي وكأننا وحدنا من ينتمي لهذا الوطن.
رابعاً: لقد فقدت فتح أو بالأحرى أُفقدت من قبل هذه القيادة الروح الثورية التي لطالما تغنينا فيها، حتى المفاهيم الأخلاقية للأسف، فكيف بنا ونحن نتغنى بدلال المغربي وأيات الأخرس وغيرهن من بطلات فلسطين كيف لنا أن نذعن في سحق المرأة الفلسطينية واستمرار تغييبها عن أطر الحركة ومحاربتها وعدم احترام حريتها الشخصية، ولعل حادثة الصبية هلسة في بيرزيت أهم ناقوس يدق خطر الفكر الأسود الذكوري الذي استشرس وعشعش في عقول أصحاب المناصب الرسمية لدينا، حيث أن أول من بدأ الهجوم على هذه الصبية النموذج للديمقراطية هم مسؤولين اعلاميين أغبياء في هذه الحركة لطالما نادينا بايقافهم عند حدهم. وهنا لا بد من التأكيد ورفع القبعة للأخوة في الكتلة الاسلامية الذين أعطوا اشارة مهمة من كل ما حدث مع هذه الصبية بأنهم يعون ويقدرون ولديهم من الحنكة والتكتيك ما يكفي لاصابة جمود عقول مسؤولينا في مقتل. وبهذا الخصوص لا بد من الحسم بشكل استراتيجي وليس تكتيكي بأن فتح حركة تحرر وطني علمانية تحترم كل الأديان وتحترم كل المعتقدات وتقدس الحرية الشخصية ولا تحكم على الناس من لباسهم أو طريقة حياتهم، لكنها تهدي الى المسلك الثوري الذي يصب ويخدم المعركة الوطنية الكبرى في سبيل التحرر.
خامساً: اذا كنا نحن أبناء أواخر العشرينات والثلاثينات والأربعينات لا حول لنا ولا قوة في كل شيء داخل الحركة فكيف يتوقع أحد تجدد الدماء في الحركة وكيف نتوقع أن نبقى قريبين من الشارع، اذا كانت القيادة التي تقرر تعيش في أبراجج عاجية، لا تتحرك على الأرض ولا تعرف الميدان فكيف لها أن تقود الميدان، ومن هنا لا بد من الاشارة الى أن مسرحية وجود سكرتاريا شبيبة أو أقاليم أو تعبئة وتنظيم لن تقدم شيئاً للحركة بل العكس ستضر، لأن كل القرارات والبيانات والموازنا تقر من مرافق أو مسؤول في مكتب الرئيس، حتى انطلاقة فتح تخطف في كل عام.
سادساً: المسار السياسي الذي تتبعه السلطة من تنسيق أمني، وسكوت على المستوطنين وعبثهم بكرامة أبناء شعبنا، ونكران لقضية الأسرى، وترك القدس وحيدة تقاوم بفيانها وفتياتها وأسوارها، ومهادنة وحماية للفاسدين، واعلاء منبر ياسر عرفات لشخص مخبول كالهباش يطالب العرب بقصف غزة من على ضريح ياسر عرفات، ويسير بمواكب ومسلحين، ويتدخل في القرار لأنه محبوب من الرئيس فهذه كارثة الكوارث تبين مدى ضعف وهزل اللجنة المركزية الغير قادرة حتى على وضع حد لمن يسلبون بحساب مفتوح من حساب فتح من الدخلاء عليها وهم كثر للأسف خصوصاً في الحكومة الحالية.
سابعاً: لقد نشأت حركة فتح وانضم لها الملايين ليس من فلسطين فحسب وانما من العالم أجمع لأنها حركة تحرر وطني تحارب وتكافح لانهاء الاحتلال عن شعبنا وعن أرضنا وسماءنا، فتح التي فداها الشهداء بأرواحهم والأسرى بأجمل سنين عمرهم لايمانهم اليقين بأنها الطريق الى الخلاص من هذا المحتل الغاشم، حُولت في العشر سنوات الأخيرة الى شركة مساهمة خاصة، تتربع لجنتها المركزية على كراسي مجلس الادارة وقائدها العام على كرسي رئيس مجلس الادارة، لكن هذه القيادة نسيت أن شعب فلسطين الذي احتار في قوته وصلابته العالم كله لن يكون موظفين أو مراسلين عندهم، بل سيعاقبونهم وسيدفع الجيل الشاب الوفي المناضل من فتح الفاتورة كاملة.
ثامناً: غزة... غزة....غزة.... كيف تنامون وأنتم تتركونها وتتركوا أهلها هكذا؟؟؟ كيف تتركون أبناء فتح في غزة تائهين تتقاذفهم الأمواج هنا وهناك، أيعقل أن تكون الثارات الشخصية وتسوية الحسابات هي الحل، ولمعاقبة شخص هنا أو هناك ارتأيتم عقابه لخروجه عن الملة التي تعبدون تعاقبون معه جيشاً فتحاوياً كاملاً؟؟؟ وتستغرصون في تجويع الناس، وقطع الرواتب وفصل أعضاء الثوري والتشريعي واغلاق النقابات، ومحاربة كل من يعمل على الأرض خوفاً على كراسيكم... المؤمن بفلسطين يعمل لأجلها ولأجل شعبها طمعاً في رضا ربه ورضا شعبه، وليس طمعاً في كرسي أو منصب.. واسألوا أهل الزنازين عن التضحية والفداء الذين تركتوهم ونسيتوهم.
نهايةً: لم ولن ينتهي الأمل في فتح، فتح باقية وستكون أقوى وأصلب وأكثر لحمة فور التخلص من غبار السنين المتراكم عليها بسبب رزمة المنتفعين ولن يبقى في الواد الا حجارته، وهي كافية ومتماسكة ومتجذرة في هذه الأرض وستمسي هذه الحجارة سداً منيعاً لا يسمح بعودة الشوائب الى النهر الرافد بالدماء الطاهرة، دماء أبو حلاوة ومروان زلوم وثابت ثابت، دماء أبو عين التي لم تجف بعد في تراب قرانا وبلداتنا... المطلوب صحوة من الغائبين والمغيبين والمقهورين والكادحين في فتح.. بيرزيت مؤشر خطير لكنها ليست النهاية... أقل ما يمكن حدوثه هو استقالة جماعية للجنة المركزية، وتشكيل لجان طوارئ ميدانية ففتح في كل بيت وكل حارة ومخيم وقرية وكلنا راعٍ وكلنا مسؤولٌ عن رعيته حتى يعود القطار الى السكة... سكة فلسطين والمقاومة والصمود والباء والتضحية.. ورفع الظلم عن الناس والأحرار... وتبقى فتح ما بقي على الأرض فلسطينيين... ونهايةً أنا عنصر في هذه الحركة وخطَاء لأني بشر ولا أزيل القذى من عيون الناس فبل أن أزيل القذى في عيني، لذلك أتمنى من كل من له نفوذ لايصال هذه الرسالة الى القائد العام واللجنة المركزية أن يفعل على وجه السرعة.. فهم بعيدون عنا كل البعد ولا نستطيع ايصال رسائلنا لهم... وياريت لو نراهم لنقول هذا الكلام لهم في وجوههم...