الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نظرة موضوعية على نتائج انتخابات الجامعات؟

نشر بتاريخ: 23/04/2015 ( آخر تحديث: 23/04/2015 الساعة: 16:07 )

الكاتب: عقل أبو قرع

لا شك ان اكبر انجاز تم تحقيقة ، خلال انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، وقبلها بأيام خلال انتخابات طلاب جامعة البولتكنيك في مدينة الخليل، هو نجاح العملية الديمقراطية، كثقافة وكممارسة وتطبيق، وكتعددية او مشاركة من قبل كل الاطراف، والاهم هو القبول بالنتائج بشكل حضاري وصحي، وحتى المباركة والتمني بالنجاح والتوفيق، للجهة الفائزة، كما حدث من خلال تهنئة حركة فتح، او حركة الشبيبة الطلابية، للكتلة الاسلامية، الفائزة وعن جدارة، وبفارق كبير، في انتخابات طلبة جامعة بيرزيت، ونجاح العملية الديمقراطية، بكل مراحلها، في جامعة بيرزيت، وفي غيرها من الجامعات والمؤسسات الفلسطينية، هو مؤشر ايجابي وحضاري، على تعمق عملية الانتخابات والممارسة الديمقراطية، او عملية اختيار الناس لممثليهم، في هذه المؤسسات، وهو مؤشر ايجابي كذلك، ولو بحذر، على افاق نجاح العملية الانتخابية وبالتالي اختيار القيادة، على مستوى الوطن، او الدولة، او السلطة، وسواء اكانت هذه الانتخابات، انتخابات رئاسية او تشريعية او محلية؟

وتجربة جامعة بيرزيت، وغيرها من الجامعات، من خلال الانتخابات الديمقراطية، هي تجربة متأصلة وعريقة، وبالاخص في قبول النتائج من قبل الطرف او الاطراف الاخرى، اي الطرف غير الرابح، وفي احيان عديدة، القبول بنتائج غير متوقعة او صادمة او مفاجئة، لاطراف عديدة، كما حدث في نتائج انتخابات جامعة بيرزيت،  اذا كانت هذه النتائج صادمة للبعض، وبالتحديد للمراقبين او للمسؤولين او للمحللين من خارج الجامعة، فلا اعتقد انها كانت مفاجئة بذلك الحجم، لمن هو في داخل الجامعة، من طلبة او من غيرهم؟

وبالطبع فان هذه ليست المرة الاولى التي تأتي فيها انتخابات جامعة بيرزيت، بشكل غير متوقع، حيث حدث ذلك في الماضي، وبتقلب من طرف الى اخر، سواء من اليسار، الذي كان يتحكم بمجلس طلبة جامعة بيرزيت ولسنوات عديدة، وحتى اوائل الثمانينات، او حتى بصعود الكتلة الاسلامية، التي لم تكن بالحسبان قبل سنوات، او حتى بسيطرة فتح، والتي لم تكن بتلك الكتلة التي تذكر او يحسب لها حساب، على المجلس ولفترات عديدة، واعتقد ان العديد، قد عايش هذه التقلبات الطلابية، وانا منهم سواء حينما كنت طالبا في الجامعة، او حين كنت اعمل فيها ولسنوات عديدة؟

والتقلبات او الانقلابات الطلابية، والتي كانت تتم عن وعي وعن دراية وعن تقييم وعن متابعة دقيقة من الطلبة، وحتى من قبل العاملين، حين يختص الامر، بأنتخابات نقابات العاملين في الجامعات، هي شئ متوقع، حين لا يتم تحقيق الوعود التي تم الحديث عنها، او حين تغيب الانجازات التي تم التعهد بها من قبل الجهة التي كانت تملك مجلس الطلبة، او التي تتحكم في زمام الامور، او حين لا يتم قبول ممارسات، من جهات متنفذة، او من قبل افراد في موقع السلطة والقوة، او حين يتم التفرد بالقرارات والممارسات، في محاولة لاقصاء اطراف اخرى، او حين تصاب جهات بالغرور، او بالاتكالية، ولا تحسب ان هناك من يراقب ومن يتابع، ومن ينتظر الاعمال، وفي هذه الحالة، من قبل الطلبة؟

وبشكل عام، فأن الطالب الفلسطيني، في الجامعات، وربما ينطبق ذلك على الطلبة على مستوى العالم، يأخذ مساران او اطاران، بعين الاعتبار، حين يقرر او حين يحدد من ينتخب، وهما المسار النقابي او القضايا النقابية، اي القضايا التي تنعكس على الحياة اليومية الدراسية للطالب، وبالطبع المسار او الافق او الموقف السياسي، والذي بشكل او بأخر يتداخل مع حياة الطللبة، داخل وخارج الجامعة، وبالطبع فأن مدى او نسبة اهمية كل مسار للطالب، تتغير مع الزمن، وتعتمد على الاوضاع العامة بأنواعها، من سياسية واقتصادية واجتماعية وبطالة وعمل وما الى ذلك؟

وهذا ينطبق تماما على ما جرى خلال انتخابات جامعة بيرزيت، وبالتحديد يمكن ان يفسر نتائجها، غير المتوقعة للبعض، فالطالب في جامعة بيرزيت وغيرها من الجامعات الفلسطينية، هذه الايام، يعيش في دوامة الاقساط المرتفعة والمتصاعدة، وفي دوامة توفير المواصلات السهلة والرخيصة، وفي دوامة الحصول على الطعام وعلى الكتب والسكن، او في الحصول على قرض من هنا او من هناك، وحتى في دوامة التفكير في كيفية الحصول على عمل وعلى وظيفة وعلى دخل، وحتى ان الكثير من الطلبة يعيش في دوامة الحصول على الشهادة، حين الانتهاء من متطلبات الجامعة، لان هذه الشهادة اصبحت مرتبطة بدفع المستحقات المالية المتراكمة او القروض، وعدم الحصول على الشهادة، يعني الابتعاد عن الحصول على فرصة عمل، وما الى ذلك، من امور اقلقت وتقلق الطالب.

ولكن يكون التأثير لهذه القضايا النقابية او الحياتية كبيرا، او حاسما، في اوقات محددة، وهذا بالطبع ما حدث عند طلبة جامعة بيرزيت، وبالطبع فأن من يدفع ودفع الثمن في هذه الحالة، هي الجهة الحاكمة، او الجهة التي تمسك او تدير شؤون الطلبة، وفي هذه الحالة كانت حركة الشبيبة، او كتلة فتح، ولو كانت كتلة اخرى تمسك زمام المجلس، ولم تحقق الانجازات الموعودة، او تفردت او مارست اعمال لم يرضى عنها الطلبة، لحدث معها ما حدث مع "الشبيبة"، لان الطالب الفلسطيني، هو طالب واع ويدرك الامور ولا يمكن الاستخفاف بة او بقراره او بأختياره؟

وبعيدا عن الامور النقابية، فلا يمكن اغفال الجانب السياسي، او انسداد او جمود الوضع السياسي الحالي، والذي وبشكل او بأخر يؤثر على مناحي الحياة المختلفة، والطالب الفلسطيني، في جامعة بيرزيت، او في غيرها، يرى بل يتعايش مع ذلك، بدأ من الجمود في العملية السلمية، ومن التوسع الاستيطاني وفرض الامر الواقع، ومن الخمول في الاقتصاد وقضايا الرواتب وسوق العمل والبطالة، ومن ممارسات اجتماعية اصبحت جزء من الحياة، لها علاقة بالنفوذ والمصالح والواسطة والمحسوبية، وكذلك من مواصلة الانقسام والتشرذم والاتهامات المتبادلة بين كافة الاطراف، وما الى ذلك من اوضاع، اصبحت في نظر الطالب في جامعة بيرزيت، لا تطاق، او على الاقل لم يتوقع الوصول اليها بأي شكل من الاشكال، وفي اوضاع مثل هذة، فأن من يدفع الثمن، او من يلام على ذلك، هي الجهة الحاكمة او الجهة التي تتخذ القرارات، وفي هذه الحالة في الضفة، هي السلطة الوطنية، والتي في اذهان الطلبة، هي مرتبطة ب "فتح" وبالتالي فأن من تم محاسبتة على ذلك هي حركة الشبيبة، التي تمثل فتح ومن ثم السلطة في اعين الطلبة، وربما لا ندري، اذا كان سيحدث نفس الشئ، ان تمت او جرت الانتخابات الطلابية، في جامعات وكليات قطاع غزة؟

ومعروف انة بعد ايام من اعلان نتائج الانتخابات، تنتهي فورة الفوز والتهاني والاحتفالات، ويبدأ الطلبة في انتظار الاعمال اوفي انتظار تحقيق الوعود، وبالطبع فأن العبء الاكبر يقع الان على الجهة الفائزة، او على الجهة التي سوف تدير امور مجلسهم، وبالطبع فأن على الكتل الاخرى، وبالاخص الكتلة الاكبر غير الفائزة، اي كتلة " الشبيبة"، في حال جامعة بيرزيت، العمل على المراجعة الذاتية والتقييم الموضوعي لما حدث، وبالتالي سد الثغرات والخلل للانتخابات القادمة، والامر الجيد هنا، ان هذه الانتخابات سوف تتم بعد عام فقط، والذي سوف يقرر نتائجها، هو الطالب، الواعي والمراقب لما يتم عملة وانجازة، وصحيح ان جامعة بيرزيت، بالمحتوى السياسي والنقابي لطلبتها ولعامليها،مثلت وتمثل عينة واقعية، للمجتمع الفلسطيني، وبالتالي فأن ما حدث في جامعة بيرزيت، قبل عدة ايام، من الممكن ان يحدث في جامعات ومؤسسات اخرى، وحتى من الممكن ان يحدث على مستوى الوطن او الدولة او السلطة، ان تمت الانتخابات، في ظل الاوضاع الحالية، سواء اكانت اوضاع سياسية او اقتصادية او اجتماعية، او حتى في ظل اوضاع من الانقسام غير المبرر في نظر الكثير، وهذا ربما ينطبق، على شقي الوطن، اي ينطبق على السلطة الحاكمة، في الضفة اوفي غزة؟