الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
على الحاجز العسكري يوقفني جندي اسرائيلي ويسألني امام اولادي: من هي الاكثر جمالا هيفاء وهبي ام عارضة الازياء اليهودية بار رفائيلي!!! وفي داخل مطعم على طريق البحر الميت يدخل الجنود وسط وجبة الطعام ويطلبون منا الوقوف لفحص بطاقة الهوية !!! وعلى حاجز اخر عند القدس يطلب جندي من طالبة جامعة رقم هاتفها الشخصي !!!
جنود اسرائيل يمارسون جميع انواع الاستفزاز بسبب ومن دون سبب وقيادتهم تغطيهم بالكامل مهما كانت النتيجة. وخصوصا حين تكون اعمار الجنود متقاربة مع اعمار شباب الضفة تكون الامور في قمة الخطر؛ وكلما قل الجندي الاسرائيلي ادبه كلما كانت ردة فعل الشبان اعنف واكثر حدة؛ وعلى الفور يسحب جنود حرس الحدود سلاحهم ويعتدون بالضرب على شباب الجامعات او الجنود الفلسطينيين ويعتقلونهم بتهمة محاولة خطف سلاح جندي او يقتلونهم ويدعون امام الضباط انه حاول طعنهم بسكين؛ وربما هم يرمون السكين او المفك بيد الضحية ، وهكذا استشهد القاضي الاردني على جسر اللنبي ؛ وهكذا استشهد شاب من الخليل وهو يحمل مسدس بلاستيكي يوم العيد وهكذا استشهد شاب اخر على حاجز وادي النار؛ وهكذا استشهد العشرات اخرهم علي ابو غنام على حاجز الزعيم وشهيد الحرم الابراهيمي . دون ان يقوم اي قاضي اسرائيلي بسؤال الجندي لماذا لم تطلق النار في الهواء ؟ او لماذا لم تطلق النار على رجل الشاب الفلسطيني ؟ بل على العكس نرى قادة اسرائيل يمنحون الاوسمة والنياشين للجنود القتلة !!!!
بل ويدعو ليبرمان الى اعدام الفلسطينيين ؛ ويدعو نفتالي بينيت علانية لقتل كل عربي يقاوم اي جندي !!! دون اي تحقيق ودون منحه فرصة الدفاع عن نفسه . ما خلق غضب شعبي حقيقي غير مسبوق في الضفة الغربية .
هذا من جانب؛ ولكن من جانب اخر وعلى الصعيد الداخلي هناك ظاهرة اخطر وهي المباهاة بالقذف والتجديف، وبعد ١٥ عاما طرح برنامج الاتجاه المعاكس ثمارا شيطانية وافية واعدّت جيلا جاهزا لشتم الانبياء والاتقياء والعلماء والفقهاء والاولياء والصالحين والاولين وحتى الاباء.
وارى ان البعض صار يشتم الاموات والشهداء بكل سهولة بل ويفخر بذلك على صفحته الخاصة وكأنه حقق انجازا ؛ مثل شتم الشهيد عرفات " ابو عمار " او عبارة " المقبور احمد ياسين " وهي نقيصة لا تشرف صاحبها وانما تجعله امعة بين القراء؛ لان شتم الاموات والشهداء نذالة وضيعة بدأها بعض المرضى النفسيين مع اندلاع الربيع العربي وصارت اليوم تتفشى على بعض الصفحات الرخوة كمنصة لكل تافه يريد لفت الانتباه ؛ فلم يبق رمز الا جرى شتمه من صلاح الدين الايوبي وصولا الى بعض الصحابة والخلفاء ورموز النضال والتضحية !!!
وأسال نفسي هل نحن السبب ؟ هل اخطأنا ؟ هل غفلنا ؟ ونشأ جيل متوحش لا يعرف اخلاق الانبياء ولا احترام الاجداد ولم يعرف نضالات الشعوب ورموزها ولا يعرف اشعار بابلونيرودا ولا ناظم حكمت ولا ابو القاسم ولا ابو تمام ولا لامية المتنبي ولا سينية شوقي ولا وصايا ابو ذر الغفاري ولا اشعار الشافعي ؛ جيل تربى على الحزب بدل الوطن ؛ وعلى قصيدة لا تصالح بكل لؤمها وغلّها ( المقصود لا تصالح اخيك وجارك ) او جيل تربي على شعار جئناكم بالذبح ( وغالبا الشعار ليس ضد اسرائيل ) وتربى على مفهوم السبايا بدل مفهوم الحب وتكوين الاسرة ؛ على الحقد بدل التسامح ؛ على الانتقام من اخيه وصديقه وزميله في الجامعة . في حين على الحاجز الاسرائيلي يقف الطرفان امام نفس البندقية ؟
نشتم الشهداء؟ نلعن الاموات ؟ نضرب من جاء يزور المسجد بالاحذية ؟ نلعق الدماء من جروحنا ونحن ندفن الشهداء الجدد في جنازة تراقبها المخابرات عند المسجد الاقصى قبل الفجر ؟
ولا كلام بعد قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}
صدق الله العظيم ؛ التواب الرحيم .