الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رسالة جريئة للرئيس أبو مازن

نشر بتاريخ: 08/05/2015 ( آخر تحديث: 08/05/2015 الساعة: 16:40 )

الكاتب: نافذ الرفاعي

ان استعراض الحالة الفلسطينية الراهنة بكافة معطياتها الداخلية والخارجية وعلى كافة الصعد تظهر ابعادا خطيرة لم تشهدها من قبل ، واخر نذرها القادمة حكومة المستوطنين المتطرفة في اسرائيل تفرض ضرورات على المشهد السياسي غير عادية وتحتاج الى جرأة عالية لقلب موازين الاداء الفلسطيني راسا على عقب كي يتفاعل مع المخاطر القادمة ويشكل حائط مواجهة حقيقي وليس شكلاني رث.

وحيث ان اجندة حكومة المستوطنين معلنة وتسير ضمن نظم معده سلفا تستهدف تصعيد الاستيطان وترحيل البدو وتقسيم الضفة الغربية الى ثلاث معازل كبرى، من خلال اقامة اكبر مدينة استيطانية في منطقة الخان الاحمر وما يسمىE1 ومخططات هذا المستوطنة تصل في مساحتها الى حجم يوازي مدينة تل ابيب ،وتسعى الى تهجير 46 تجمع بدوي من خلال عملية ترانسفير يتم الاعداد لها حيث تعمل الجرافات في بوابة القدس ليل نهار . وتعمد الى اغلاق الطريق الرابط بين جنوب الضفة ومنطقة القدس واعادة العمل بطريق واد القلط القديم المليء بالمعرجات والمخاطر وتفرض مسارا جديدا على حركة المواطنين في محافظتي الخليل وبيت لحم ومناطق قرى شرق القدس .وتعيد رام الله الى طريق الاغوار وما يسمى بالمعرجات وبذلك تمنع التواصل الجفرافي بين منطقة جنوب الضفة وبقية ارجاء الوطن الا عبر طريق خطير يعطل ويطيء حركة السير ويزيد المدة الزمنية ما بين المسافر من الجنوب الى رام الله من ساعه الى ثلاث ساعات ذهابا وثلاث ساعات ايابا .

والخطوة اللاحقة ربط مستوطنة ارئيل مع مستوطنات عيلي وشيلو في الشمال واغلاق الطرق الرئيسي على الفلسطينين واجبار الشمال على سلوك طريق معرجات واد الباذان والدخول الى الوسط ورام الله عبر المعرجات والجنوب عبر معرجات واد القلط مما يشكل مخاطر استرتيجية اجتماعية واقتصادية وزمنية وعنصرية . ويحول الضفة الغربية الى ثلاث معازل وصعوبة التواصل الجغرافي والمواصلات .

اضافة الى الخطط المعلنة الى ضم مناطق ج الى اسرائيل وتنفيذ الخطوات الاولى بتطبيق القانون الاسرائيلي على هذه المناطق كمقدمة لمخططات بينت العنصري .

وليس بعيدا عن مخططات تهويد الاقصى وتهويد القدس ومخطط كيديم الذي يشمل بناء خط بشري يهودي عازل للمناطق العربية في سلوان وواد الجوز والعيساوية عن محيط حرم الاقصى .

رغم كل هذه المخاطر فان الاداء الفلسطيني سياسيا لا يرقى الى مواجهة التحديات هذه وبيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ردا على تشكيل حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو لن يوقف الاجراءات الاسرائيلية الاحتلالية العنصرية.

وعلية فان القيادة الفلسطينية وتحديدا الرئيس ابو مازن مطالب بخطوات جريئة وشجاعة وغير عادية على كافة الصعد .

اولها المفاوضات: حيث ان أي عودة لمفاوضات مع حكومة المستوطنين هو اعطاؤها فرصة تنفيذ مخططاتها وبالتلي هناك ضرورة لتبني حلول غير عادية وحيث ان المفاوضات العادية لا تثمر مع هكذا احتلال ،

وانا شخصيا ادعو الرئيس ابو مازن الى تبني تغيير مسار المفاوضات الذي تبنته وقادته مجموعه من قيادة انتفاضة 1987 وهم الاخوة عيسى ابو عرام والاخ عوني المشني والاخ منير العبوشي مع اخوة اخرين قيادات من انتفاضة 1987 واسرى محررين ومفكرين وصحفيين فلسطينين الذين بدأووا بتكريس نموذج جنوب افريقيا . ان عدم استناد المفاوضات الى قواعد واضحه يسوقها الى الجحيم وخاصة افتراض حسن النوايا لدى عدو مجرب .

ان ما حصل يوم الخميس في تل ابيب يشكل تحول سياسي هام على الساحة السياسية وفي مجال المفاوضات وان الغرف المغلقة والكواليس لم تعد مقبولة ولا يمكن تقبلها تحت دعاوى مختلفة .

والخروج بالمفاوضات الى الشارع العام يطرح ابجديات هامة وجدية اجتماع تل ابيب التفاوضي جاء تحت شعار طرحة بجرأة عالية المناضل عيسى ابو عرام " ان لا سلام مع الاحتلال" وان على الاسرائيليين ان يقروا بذلك .

حضر من الجانب الاسرائيلي 40 شخص وهم من يمين ووسط ويسار من المجتمع الاسرائيلي، ضم كل من سافي هيلدمان ويحمل دكتوراة في حل الصراعات وزائير راز الطيار الذي قصف المفاعل الننووي العراقي وجيل متروفيتش وهو مسؤول الحركة الكشفية في الكيبوتسات الاسرائيلية والتي تضم 150.000 عضو ، وشبتاي ليفي جنرال متقاعد في البحرية والعديد من الاعلاميين والصحفيين الاسرائيليين والممثلين والمخرجين .

تم الاتفاق على نقاط بناء الثقة لخوض مفاوضات مكشوفة ليست في الكواليس ضمن القواعد الاساسية المبنية على النقاط التالية :-
• ازالة الاحتلال عبر حدود 1967 .
• دولتان مستقلتان في فضاء واحد .
• القدس عاصمة مفتوحة لدولتين .
• ازالة الحواجز الاحتلالية التي تمزق الضفة الغربية.
• وقف الاستيطان كليا والوصول الى اتفاق سلام شامل .
ونقاط اخرى لا تتعارض مع هذه الرؤيا.

في خطوة جريئة ذات ابعاد مستقبلية هامة فان قيادة انتفاضة 1987 اثبتت ان خوض مفاوضات تحت هذه المباديء ليست نوعا من التطبيع مع بعض منظمات اليسار الاسرائيلي والتي هي مجرد ترف سياسي.

رغم انني التقي في التاريخ مع الاخوة الذين خاضوا المبادرة وتحفظي على الدولة الواحدة الا انني اعتبر ان خطوتهم هي ابداع سياسي منقطع النظير وان ملف المفاوضات يجب ان يغلق ويحال الى مفاوضات الشارع على نمط جنوب افريقيا ايام النظام العنصري ،وليس مفاوضات حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو والتي لم يعد فائدة من اضاعة الوقت معها .

وعلية ادعو الرئيس ابو مازن الى ضرورة تغيير اللاعبين واحالة هذا الملف الى قيادة انتفاضة 1987 بعد تراكم احدى وعشرين عاما من المفاوضات وعدم نجاح الكواليس والتي شابها بعض الصفقات غير الحميدة.

ثانيا : ان الحالة الفلسطينية تفرض علينا مراجعة تناقضاتنا فهي استراتيجية جوهرية واولوياتها مع الاحتلال كعدو رئيسي، وثانيها تناقضنا مع حركة حماس والتي ترسخ الانقسام ومحاولة فرض اجندتها على الساحة الفلسطينية وهي بحاجة الى اعادة مراجعة عدائيتها واجندتها في معاداة مصر وسوريا والالتزام بالمصلحة العليا الفلسطينية.

ثالثا حشد كافة القوى الوطنية والشعبية وقوى المقاطعة الاقتصادية كي تصبح لاعبا رئيسيا في محاصرة المستوطنين واستثماراتهم وصناعاتهم بالتعاون مع جهد دبلوماسي يتطلب اعادة ضخ الكفاءات السياسية والاكاديمية في سفاراتنا في جميع انحاء العالم .

وضرورة احداث تغيير عميق في كافة المستشارين السياسيين والدبلوماسيين والتخلص من اعباء الاداء السياسي السابق .

واخيرا ان الرئيس ابو مازن يتحمل مسؤولية التغيير وعدم التمسك بنفس الوجوه حيث ان الحكومات الاسرائيلية غيرت اللاعبين عشرات المرات ونحن ما زلنا نتمسك بنفس الوجوه والتي اضحى اداؤها مكرر ولا يفاجيء الاحتلال ولا حكومات المستوطنين المتطرفة .

وان البيانات السياسية في ظل التدهور الاقليمي والعربي والدولى اضحت مجرد حبر على ورق وان المهمة الاساسية هي تصنع هنا داخل الوطن .

وهذا يتطلب ايضا اجراء انتخابات عاجلة وعامة لرئاسية وتشريعية كي يتم تشكيل حكومة منتخبة من الشعب تساهم في تطوير الاداء السياسي ومواجهة المخاطر المحدقة وهذه المسؤولية التاريخية عاجلة جدا .

وأدعو كافة المفكرين والادباء والشعراء والاكاديميين والقوى الحية في المجتمع الفلسطيني لمطالبة الرئيس بالتغيير العميق لمواجهة وكسر وافشال مخططات حكومة المستوطنين والتي تهدد حياتنا ومستقبلنا واحلامنا وابناءنا والذين يواجهون البطالة حيث ان 280 الف خريج جامعي بلا عمل اضافة الى ابناءنا من الشباب .