نشر بتاريخ: 12/05/2015 ( آخر تحديث: 12/05/2015 الساعة: 10:54 )
الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات
منذ بداية العلاقات الفلسطينية السوفيتية في القرن الماضي ، سيطرت أجواء التفاهم والاحترام المتبادل بين القياديتين الفلسطينية - السوفيتية ، وزادت الثقة العميقة مع الجمهورية الروسية باعتبارها وريث الاتحاد السوفيتي ، منذ مجيء فلاديمير بوتين عقل السياسة الروسية إلى سدة الحكم ،الذي عمل ويعمل على استرجاع هيبة روسيا إقليميا ودوليا ،وذلك بتحسين الأوضاع داخليا سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وغيرها من المجالات قد أصبح ملموساً ، ثم العودة تدريجيا إلى مناطق النفوذ الإقليمية وتواصل شق طريقها دوليا ثانيا في إعادة لعب دورها المركزي في القضايا الإقليمية والدولية عامة والدعم المطلق للقضية الفلسطينية خاصة ،و نتيجة لتلك المواقف التي لم تتغير وتتبناها الدبلوماسية الروسية توسعت العلاقات بين الشعبين الروسي والفلسطيني وترسخت يوما بعد يوم في عهد الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات ، وازدادت تنوعاً ومتانة وعمقا في عهد الزعيمين الرئيس محمود عباس والرئيس فلاديمير بوتين من خلال التواصل المستمر بين القيادتين وحرصهما على مأسسة العلاقات بين البلدين والتي ترجمت عبر الدور الهام والمركزي للسياسة الجديدة لروسيا الجديدة في التعاطي بشكل اكثر فعالية مع القضية الفلسطينية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي ، وإصرار روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن واللجنة الرباعية على تحقيق تقدم في الجهود المستهدفة للوصول إلى حل عادل وشامل عبر استئناف مفاوضات جدية فلسطينية - إسرائيلية وفق القرارات والمرجعيات الدولية وخاصة قراري مجلس الأمن 242 - 338.القاضيان بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت عام 1967م وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
أن الأجواء الودية الدافئة بين القياديتين الروسية والفلسطينية والتي تجلت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتأكيد الزعيمين وحرصهما على تعميقها بين مكونات الشعبين الصديقين عبر تبادل الزيارات التاريخية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والدبلوماسيين الروس ووفود ثقافية وسياسية وأكاديمية وإعلامية لفلسطين والزيارات الدائمة التي يقوم بها الرئيس محمود عباس الى موسكو تجسد العلاقة المتميزة والاحترام وعمق العلاقات بين البلدين الذي يقل نظيره في العلاقات الثنائية الدولية والذي يلاقي ترحيبا من القيادتين والشعبين الروسي والفلسطيني ، وللإيمان للدور الذي تلعبه قيادة الشعب الروسي رئيسا وحكومة وشعبا في تحقيق سلام عادل وشامل وتمسكهم بالدعم المطلق للحقوق الفلسطينية وبعملية السلام كخيار استراتيجي وفقا للقرارات الدولية لاستقرار المنطقة من شبح الحروب وان يعيش كلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بأمن وسلام وإطلاق مفاوضات جدية وملزمة لجميع الإطراف وخاصة للطرف الإسرائيلي المتنصل من جميع الاتفاقيات التي تمت مع منظمة التحرير الفلسطينية وبضمانه الشرعية الدولية ، فان القيادة الفلسطينية تتشاور وتنسق وتتعاون مع القيادة السياسية الروسية لإنجاح تلك الجهود الروسية الحريصة على عملية سلام جدية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبإشراف دولي لضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه ، مع اشارة الموقف الفلسطيني التحذير باستخدام الاوراق الاخرى التي يمكن ان تعيد المنطقة ككل الى مربع المواجهة وإعادة خلط الاوراق في حال استمرار الاحتلال الاسرائيلي عدوانه على مقدرات الشعب الفلسطيني والاستمرار بالاستيلاء على الأراضي والاستيطان المتزايد على اراضي الدولة الفلسطينية وحول العاصمة " مدينة القدس " خصوصا ، والتعنت الإسرائيلي المتمثل بعدم اعترافهم بالحقوق الفلسطينية وغيرها من الإجراءات والانتهاكات التي تمارس على الأرض يوميا بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
إن البحث بتوسيع آفاق التعاون بين البلدين التي اصبحت في مجالات متعددة لموقع روسيا العالمي الفاعل والمؤثر ، ولإرثها الحضاري والتاريخي ومركزا مهما للتميز في الثقافة والعلوم حرصت القيادة الفلسطينية على تعميق تلك العلاقة من خلال توقيع السلطة الوطنية الفلسطينية 24 مذكرة تفاهم واتفاقية بين البلدين لتنشيط التعاون في مجالات عدة ، ما يعني أن العلاقات بين القياديتين والشعبين مرشحة للوصول إلى آفاق أرحب وأوسع لصالح الشعبين الصديقين هذا ما يترجم على ارض الواقع بحرص المجتمع الفلسطيني بمكوناته الرسمية والمؤسساتية والفصائيلية والشعبية بإحياء الفعاليات والمناسبات الوطنية والقومية الروسية التي تعبر عن عمق العلاقة الاستراتيجية بين الشعبين الفلسطيني والروسي بإقامة حفلا مركزيا كبيرا تحت رعاية الرئيس " محمود عباس" بالتعاون بين السفارة الروسية وجمعية الصداقة الفلسطينية الروسية ودائرة روسيا ورابطة الدول المستقلة في مفوضية العلاقات الدولية لحركة فتح لإحياء الذكرى السنوية بالعيد الوطني " عيد النصر " الذي يصادف 09 - 05 والتي تحرص الدولة الروسية على اقامتها سنويا بحضور ومشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعماء ورؤساء حكومات من مختلف دول العالم احياءاً لذكرى الانتصار على المانيا النازية ، وتكريما للتضحيات التي قدمها الشعب الروسي والفلك المحيط به في تلك الحرب المدمرة والتي رسمت على اثرها خارطة عالمية سياسية وجغرافية جديدة ، فقد شارك الالاف في احياء تلك الذكرى من ابناء الشعب الفلسطيني في فلسطين من رؤساء وممثلين وأعضاء المؤسسات الحكومية والحزبية والأكاديمية الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتهم عدد من اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح وأمناء فصائل حزبية ، والمؤسسة الامنية ، ورؤساء وممثلين عن مؤسسات وقطاعات اقتصادية والخريجين الناطقين باللغة الروسية في المحافظات الشمالية والداخل الفلسطيني 48 ، والجالية الروسية في فلسطين وسفراء وقناصل دول معتمدين لدى الدولة الفلسطينية ومكونات المجتمع المحلي الفلسطيني ومشاركة فرقة ميناخ الشيشانية التي قدمت عروضا فنية تمثل الفلكلور الشيشاني والروسي .
اخيرا ان مواقف الرئيس الروسي والقيادة والشعب الروسي جلية وواضحة ودعمهم المطلق لبناء الدولة الفلسطينية تنفيذا للاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين الفلسطيني والروسي ، وبناء مشاريع ذات تعبير رمزي للثقافة والتاريخ الروسي كالمركز الروسي للثقافة والعلوم ، والمتحف الروسي ، والمدرسة الروسية ، وكلية العلوم للفنون ومركزا للإعمال التي سيتم افتتاحه خلال الفترة القادمة ، والكثير من المساعدات التي قدمتها الحكومة والشعب الروسي على الصعيد المادي والمعنوي والتدريبي لموظفي المؤسسات الحكومية والأمنية والمنح الدراسية السنوية لأكثر من 130 منحة دراسية بمختلف التخصصات العلمية والإنسانية والدراسات العليا ، ومساندة القيادة في التوجه لمنظمات الامم المتحدة ، مما يضمن تحركا شعبيا فلسطينيا داعما للمواقف الروسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ، ويضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطيني جراء عمليات القمع والاضطهاد للاحتلال الاسرائيلي ومواصلة الاستيلاء وإقامة المستوطنات التي لم يعد السكوت عليها معقولا ولا مقبولا على المستوى الإقليمي والدولي .
فان الشعب الفلسطيني والقيادة السياسية اصدقاء الدولة الروسية وبوتين الرئيس ان يمتلك المبادرة والرأي الحكيم في تعاطيه مع القضايا الدولية على أساس المرجعيات والقوانين الدولية ، وان يتمسك بمفاتيح مجلس الأمن في جيوبه مع حليفه الاستراتيجي الصين الشعبية لطوي صفحات الماضي الاليم في مسيرة الشعب الفلسطيني لنشر الأمن والسلم الدوليين أمام الحاضر والمستقبل الفلسطيني وان يكون لروسيا ورئيسها بوتين صاحب النفوذ والقوة بزيادة نفوذهم وفرض مؤتمرا للسلام في موسكو باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي وإحياء اللجنة الرباعية التي اصبح دورها هامشيا نتيجة المواقف الامريكية في اللجنة والداعمة لسياسات الاحتلال الاسرائيلي ، الامر الذي يدعي الى ضرورة فرض قرار دولي يقضي بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وفق جدول زمني ينهي الاحتلال الاسرائيلي وفق توجهات الرئيس والقيادة الفلسطينية والمنسجمة مع المرجعيات والمواثيق الدولية وإنهاء معاناة شعب يخضع لأكثر من ثمان وأربعون عاما تحت الاحتلال .