السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الصحافة النسوية بين الواقع والمحال

نشر بتاريخ: 12/05/2015 ( آخر تحديث: 12/05/2015 الساعة: 10:57 )

الكاتب: إكرام التميمي

الصحافة النسوية هي حبر بلا ورق ؛وحتى بدون ملامح امرأة ؛ فالجميع شركاء و في يوم الصحافة العالمي تجدنا سنوياً نسارع جميعاً دون تخطيط مسبق لنحتفل ونتباكى وكصحافة مدادها بلا ورق ؛ فلا جديد ليكتب ، ولا ما كتب أو قيل سيسمع ، تكرار للمشهد ذاته العام تلو العام ، ودونما استراتيجية توضع على منبر صناع القرار الفلسطيني لتكون لوائح وقوانين ناظمة وفاعلة تنظم العشوائية في المؤسسات الإعلامية وبمختلف أشكالها ودون استثناء لأحد .
قد يخرج علينا بين الفينة والأخرى عمل هنا وآخر هناك يبرق برسائل عديدة يكون الهدف ظاهراً منه الإصلاح أو التغيير للأفضل ؛ وما إن يؤسس له قبس من نور إلا وتجد له المتربصين يضرمون عليه هشيم النار والسواد الأعظم ، أو قد يكمن به السم الزعاف وظاهره العسل المداوي .

متناقضات وكأنما هي إنكباب أو تلكؤ أو انغماس الذات في ما لا تريد ؛ ومما يزيد الطين بلة بأن ندعي بأننا نحترم الرأي الآخر وبأننا نمتلك زمام الأمور ، وكأننا داعمين كلية للنساء فنطرح العديد من المسميات تقديراً وتمجيداً ونحتفل ونسارع لهن بالورود ، وهن في لحظة الاحتضار أو ما بعد الموت ، فلا كرامة ولا تكريم ولا دعم أو إشادة للكثيرات واللواتي استطعن وبذلن الكثير من العمل في وقت كان حمل العلم الفلسطيني تهمة ، وكتابة شعار على حائط زقاق إعدام ، وترديد أغنية وطنية عصيان ، والانتماء التنظيمي إرهاب وتستحق عليه السجن والحكم مربدات أو إن سلمت كنت ممنوعاً من نشر أو تداول أو القيام بأي عمل له بالسياسة صلة .
وعندما أصبحت التحديات أقل تمخضت عقبات جلية ارتفع البعض منتشياً على جسد الحقيقة ؛ وتسلقت أخريات على أكتاف النضال وبات الوطن رغيفاً يقتسم بين جائع يستحق وغني لا يستحق ولا يشبع .

وأخيراً :أعلنوا كتابة خطاب يحاكي الصحافة النسوية ولكنني يا سادتي أقولها هراء فما عادت الخطابات هي ما تريدون بل هي مزاودات ومهاترات لترسمون حدود نون النسوة ومواصفات ألوانهن وقياساتهن وعباراتهن وكيف هي العبارات التي عليها ان تسمعكم في الحشود وعند الخطوب ؛ سقطت الأقنعة وما عادت النسوة تستطيب لذة العبودية في السكون أو الضم وما باتت تقبل بكسر الفتح ولو أصابها الضيم أو السخام أو الموت الزعاف .

وبمراجعة ما أشارت له المفوضة السامية في ملاحظاتها "بأن الصحافة المتينة والجريئة والمستقلة أمر حيوي لأي مجتمع ديمقراطي فهي القوة الدّافعة وراء الحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها والحق في التماس المعلومات والآراء ونقلها وتلقيها؛ وتسمح بوضع الشفافية والمساءلة في صلب إدارة الشؤون العامة والمسائل الأخرى المتعلقة بالمصلحة العامة؛ وتشكّل العصب الذي يغذي مشاركة الجميع الكاملة والمستنيرة في الحياة السياسية وعمليات صنع القرار. فسلامة الصحفيين هي بكل بساطة أمر أساسي لإعمال حقوق الجميع المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلاً عن الحق في التنمية"، ولكنني لا بد من الاشارة بوجود فروق واضحة بواقع العديد من الدول ، والواقع الفلسطيني وحتى بما يدلل عليه احتياج الفرد في المجتمعات الاخرى ومجتمعنا الفلسطيني والذي هو أمس احتياجاً للحرية والأمن والسلام من احتياجه للمعلومة وبواقع الحال المحاصر به والمحتل .

ولو تحدثنا عن تعريف الصحافة لوجدناه على الأغلب شاملاً الجميع ويتحدث عن الفرد الإنسان ككل ولم يتم تعريف إضافي يوضح أو يفصل بين الصحافة النسوية وفي هذا السياق، عرفت " اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 قائلة إنها "مهنة تتقاسمها طائفة واسعة من الجهات الفاعلة، بمن فيها المراسلون والمحللون المحترفون والمتفرغون فضلاً عن أصحاب المدونات الإلكترونية وغيرهم ممن يشاركون في أشكال النشر الذاتي المطبوع أو على شبكة الإنترنت أو في مواضع أخـرى".

وكما نص قرار الجمعية العامة 68/163 والذي أشار "اعترفت الجمعية بأن الصحافة تتطور باستمرار نحو الاشتمال على إسهامات من مؤسسات إعلامية وأفراد عاديين ومنظمات متنوعة تلتمس المعلومات بجميع أنواعها وتتلقاها وتنقلها عن طريق الإنترنت وغيره من الوسائط، ممارسة منها لحرية الرأي والتعبير، ومسهمة بذلك في تشكيل ملامح النقاش العام".

ومن هذا المنطلق اشتملت الدلالات بما ليس به التباس بالحق الطبيعي لأي شخص يستطيع إحداث تغيير إيجابي وبما لا يتعارض من مدونات السلوك وميثاق الشرف الصحفي الدور الدلالي والواضح في تمكين وتنمية هذا والتي حثّت عليه المفوضة السامية الدول لمعالجة المسألة والنقاش ،ومن منظور احترام حقوق الإنسان ،وأكدت على حماية الصحفيين وسائر العاملين في وسائط الإعلام بأوسع المعاني.
وأشارت إلى الدور الحاسم الذي يؤديه الصحفيون في إبقاء الجمهور على علم بما يجري وفي إبقاء السلطات والمؤسسات التي تدّعي أنها تعمل للصالح العام تحت المراقبة، ولكنها أشارت أيضاً إلى المخاطر الشديدة التي يتعرّض لها الصحفيون فضلاً عن معاناتهم الترهيب والمضايقة والعنف ، ووصفت العمل الصحفي قائلة إنه "مجازفة" في مناطق عديدة من العالم وذكّرت أن الهدف من هذه المناقشة هو تحديد الممارسات الجيدة التي تضمن سلامة الصحفيين والوسائل الكفيلة بتطبيقها.

وكما أنقل لكم ما نشر "بأن اليونسكو هي التي قادت إعداد خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وغيرها من وكالات الأمم المتحدة، فإن من الواضح أنّ غياب التزام الدول السياسي بهذا الشأن قد يؤدي إلى أن تظل خطة العمل حبراً على ورق دون أن تترجم إلى نتائج ملموسة بدون التزام سياسي حقيقي بها من قبل الدول. لتمكينهم من حماية أنفسهم بشكل أفضل. وشدّد السيد إنغيدا، وهو يستشرف المستقبل، على أن اليونسكو تدعو إلى تضمين خطة التنمية لما بعد عام 2015 حريةَ التعبير وسيادة القانون والإدارة الرشيدة كأهداف قائمة بذاتها".

وفي هذا السياق أشير: بأهمية أن تكون هناك بنود ومصوغات قانونية دولية خاصة بالدول التي تواجه العنف وباستمرار وسيما في الدول الخاضعة للصراع والنزاع كما الحال في فلسطين المحتلة ؛ والتي هي الآن دولة عضو مراقب في الامم المتحدة وسيكون لها حقوق وكما عليها من التزامات اخلاقية ،والحق في مسائلة قانونية لأي كان وكما للدول ذات الكيان المستقل ، ولا بد من وضع خطة تشير بضرورة محاسبة الدول المحتلة "الاحتلال الاسرائيلي "والتي تمعن في انتهاكات حقوق الانسان ككل والصحفيين بشكل خاص ولا بد من ضمان لمحاسبتها وعدم افلاتها من العقوبة الرادعة لتجاوزها منظومة القوانين والمواثيق الدولية والشرعية .

وفي هذا المضمون أشارت ممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المعنية بحرية وسائط الإعلام السيدة دونيا مياتوفيتش، "إن الاعتداءات على الصحفيين ووسائط الإعلام وعلى حرية التعبير بشكل عام، أمر غير مقبول ،وحدّدت غياب الإرادة السياسية على أنها مسألة هامة" ، ومن هنا لا بد من تداول الموضوع برمته وبكل المعطيات والتي يجب أن تفرض دلالات وحجج قانونية نستند عليها كفلسطينيين ولمحاسبة الاحتلال الاسرائيلي وبمشاركة المجتمع الدولي .
وسيما وبأن هناك من تطرق وبالإشارة إلى "المخاطر الشديدة التي تواجهها الصحفيات ومن ذلك خطر التعرض للعنف الجنسي، وإلى الحاجة ذات الصلة لاعتماد نهج مراع للاعتبارات الجنسانية عند صياغة وتنفيذ السياسات" ، ومن هنا لا بد من وجود من يقرع الجرس وبالمبادرة بوضع استراتيجية خاصة للصحافة النسوية وبنود ناظمة توضح علاقتها بالمنظومة الاعلامية وبعمل الصحافة إن كان يراد الاشارة لها بمعزل عن الاعلام ككل والا فمن الاجدى والأكثر موضوعية أن تبقيا في نفس المنظومة وبعمل جامع لكليهما دون فصل وسيما ونحن نتحدث بالألفية الثانية عن اهمية دمج النوع الاجتماعي في كافة مناحي الحياة .

ودون إغفال لما تم ذكره في الدراسة الاستقصائية الشاملة والتي نُشرت مؤخراً "بشأن العنف والتحرش اللذين تتعرض لهما المرأة في وسائط الإعلام الإخبارية، والتي أجرتها مؤسسة وسائط الإعلام النسائية الدولية والمعهد الدولي للسلامة في مجال الأخبار"، والذي يحتم بضرورة أن تكون هناك أخلاقيات وضمن ميثاق الشرف للمهنة لتعزيز حقوق النساء العاملات في المؤسسات الاعلامية ، وان يتم مراعاة احتياجاتها والتي تختلف عن احتياجات الزملاء في نفس المجال المهني الصحفي وسيما في خارج المؤسسة وبالميدان .

وفي هذا السياق "لفت السيد إنغيدا كذلك نظر الدول إلى تقرير اليونسكو لعام 2014 المعنون "الاتجاهات العالمية في مجال حرية التعبير"، الذي تناول مسألة نوع الجنس وحرية التعبير"، ولكن هناك العديد من التحديات التي يصعب تحديد معالمها على المستوى الوطني الفلسطيني لكثرة الانتهاكات اتجاه الجمع الوطني برمته وتبقى الخوض في اولويات المجتمع أكثر تشعباً وبالرغم من المعيقات التي تحد من فاعلية السلطة الرابعة لأهميتها على الصعيدين الوطني الداخلي والخارجي ، وسواء على الصعيد الاعلامي أو حتى في إطار الصحافة النسوية كما تتوقون لتسميتها المبتورة من حقوق عديدة والتي أخشى لها بواقعنا المحال في دوام الحال .