نشر بتاريخ: 13/05/2015 ( آخر تحديث: 13/05/2015 الساعة: 09:51 )
الكاتب: ميساء سلامة
"تجلس على كرسي متحرك منذ زمن، يراهن عليها الألم وتصارعه ألف مرة في الدقيقة؛ وهي تحاول أن تسرق لحظات الحياة من بين سوداوية الواقع، تحاول أن تحرك عجلاته، ولا تعبث بألم يخترق طراوة جسدها الصغير، ولكن عبثا فًقصر ساعدها يمنعها من الوصول ..
تتعثر عجلات كرسيها مرارا بحفر الأرض وتدفعه أختها لتمضي بعزيمة فاقت الجبال، وتتمنى لو تلتحم حبات الرمل لتصبح طريقا سهلاً يصل بها للمدرسة بسرعة تقي جسدها الهزيل من حر الصيف و برد الشتاء ."
مشهد يتكرر يوميا مع هذه الطفلة، أو غيرها من ذوي الإعاقة الجسدية في قطاع غزة الذين يعانون من عجز كلي أو جزئي بشكل مستقر في أي من قدراتهم الجسدية و رغم هذا يقتاتون بقايا الأمل في صدور صغيرة أنهكها الواقع الفلسطيني المعاش، وتكاد تكون هذه المواقف سيناريوهات نشاهدها بشكل يومي أمامنا ؛ ومن الغرابة ألا تثير حفيظة المسؤولين كما تثير حفيظة المواطن وخصوصا بالفترة الأخيرة التي ازدادت فيها نسبتهم و ساعد عليها المواجهات التي امتدت بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي لسنوات طويلة، والتي كان آخرها الحرب التي شنها الجيش على قطاع غزة، نهاية عام 2014م ,وتجدر الإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة أضاف حوالي 500 شخصاً إلى صفوف ذوي الإعاقة معظمهم من الأطفال.
وبالرغم من كل النتائج والملاحظات التي قد تكون لنا على القانون النافذ في فلسطين فيما يخص حماية الطفل المعاق فان هناك بعض البنود والأحكام القانونية التي يمكن الاعتماد عليها وتفعيلها بشكل أساسي ؛ لتوفير الحماية للطفل ذي الإعاقة الجسدية، وتوفير البيئة الآمنة فإن تمعنا بزوايا يومنا سنلاحظ أنها تعج بكثير من الانتهاكات , فهم يعانون من نقص حاد في خدمات التأهيل والرعاية والخدمات الصحية والتعليمية ، إضافة إلى الحصار الذي يمنع دخول الأدوات الطبية والتأهيلية اللازمة لهم ويعرقل خروج المحتاجين منهم للعلاج خارج قطاع غزة, والعجب أن نضيف لكل تلك الإعاقات عائق بسلوكياتنا وتصرفاتنا فمن الغرابة أن تقوم بعض الشركات أو حتى الأفراد بإقامة المزيد من الحفر العميقة في الشوارع والأماكن المأهولة بالسكان لأغراض خدماتية مختلفة وتترك هذه الحفر لمدة طويلة دون أن توضع مستلزمات الأمان حولها لتزيد من الإعاقة الجسدية إعاقة أخرى تحرمهم فرصة التحرك بشكل أفضل في الطرقات والأماكن العامة.
إن المشكلة التي لازالت تواجهنا التغاضي عن الإعاقة الحقيقية، التي تكمن في المجتمع ككل، إعاقة تطبيق القانون، إعاقة العدالة الاجتماعية، إعاقة السلوكيات الخاطئة في التعامل معهم وغيرها من الإعاقات.
فإذا سلمنا بان هذه الفئة لها احتياجات خاصة في مجال الرعاية وتوفير البيئة المناسبة فأين هي؟ وعلى أي جهة تقع؟ وأين هو واجب الحكومة ؟ولم هذا الصمت الذي يحيك أفواه أهالي ذوي الإعاقة الجسدية؟ هل اعتدنا عطب السكوت خوفا من النتائج ؟ أسئلة كثيرة تدور في بوتقة واحدة نعلم الإجابة ونتجاهل التنفيذ.
ومن منحى آخر إن تعاملنا معهم كمواطنين لهم حقوق بصفة المواطنة فلهم واجب على الدولة بحكومتها وليس تجاهلهم كحالات إضافية فالمطلوب ليس التصدق عليهم ببعض الحقوق وإنما توفيرها كحقوق أساسية واجبة لكونها مرتبطة بأنهم مواطنين أسوة بغيرهم فبحسب ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل المادة "23" والتي نصت على أن "للطفل المعاق الحق في الحصول على الرعاية الخاصة وعلى التعليم والتمتع بحياة كاملة كريمة" وهنا يتأكد حقهم في كفالة أن تراعي لهم سبل الراحة المتوفرة لعامة الجمهور.
ختاما .. الأطفال ذوي الإعاقة الجسدية هم طاقة ايجابية وليسوا إعاقة إضافية فعلينا أن نكون يدا واحدة لنوفر لهم احتياجاتهم ولنعينهم على استثمار طاقاتهم كي يشار إليهم بالبنان فيقال هؤلاء أصحاب نجاح.