الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

احلام شعب، اوهام قيادة

نشر بتاريخ: 22/05/2015 ( آخر تحديث: 22/05/2015 الساعة: 20:31 )

الكاتب: عوني المشني

الوهم بان حكومة نتنياهو ستسقط سريعا ليس له ما يؤكده ، احتفاظ نتنياهو لنفسه باربع وزارات خطوة لا تحتاج لتفسير ، تلك الوزرارت ابقى بها بيده ليعيد التفاوض من جديد من ليبرلمان وبضمه للحكومة خاصة ان وزارة الخارجية وهي الطعم الذي ييدخل ليبرلمان في قفص الحكومة ، حينها فان ٦٧ عضو كنيست كافية لتواصل هذه الحكومة صمودها ، وسيكون المجتمع الاسرائيلي بحاجة لنضوج كحلون ليصل الى مستوى يؤهله للاستقالة كي تسقط الحكومة وهذا يحتاج الى وقت كافي لاشباع نهمه في وزارة مهمة كوزارة المالية التي يتسلمها حكومة نتنياهو باقية لسنتين على اقل تقدير ، واوباما سيغادر قبل اقل من عام ، والرهان الفلسطيني على متغيرات دراماتيكيه تسقط حكومة نتياهو سريعا هو رهان على مجهول.

اما الوضع الاقليمي وبالتحديد العربي فانه وحتى اكثر المتفائلين بهذا الوضع يدرك ان استقرار الحالة العربية سيحتاج الى سنوات طويلة ، فالمتغيرات عميقة ودموية وعاصفة ولن يكون بمقدور العالم العربي تجاوز اثارها خلال مدة قصيرة لهذا فان الرهان على الحالة العربية والاقليمية لا يعدو كونه امنيات ليس اكثر ، هذا على المدى المنظور.

اما على الصعيد الدولي فلا مشكلة امام اسرائيل حتى لو اصطف العالم باكمله ضدها ما دامت امريكيا هي حليفها الاستراتيجي ومن يمدها بالسلاح ويقف بالمرصاد ضد من يعترض طريقها ، امريكيا سيدة الكون وكما يقال مثلا لدينا " ابن الشيخ شيخ " ، وما قيمة الاخرين بعدها ؟!!!

والحالة الفلسطينية لا تحتاج لتحليل للوصول الى استنتاج انها حالة لا تساعد على احداث تغييرات في معادلة الصراع ، ودون الغوص في التفاصيل فان للتشرذم والاضعف الفلسطيني من الاسباب ما يكفي للقول ان العامل الذاتي صعب ، وان تجاوز نقاط ضعفه تحتاج الى وقت وجهد وارادة وبرنامج وادوات ، وكل تلك عناصر فيها من النقص او العور ما يكفي لافشال الاستنهاض.

هذه هي رؤية القيادة الفلسطينية للوضع ، هذا تحليلها ، هذا افقها ، وانطلاقا من هذا نراها تتساءل : على ماذا نراهن اذن ؟!!!! لماذا ننتظر ؟!!!!! ، دعونا نستعجل المفاوضات والحل !!!! ، لا وقت للانتظار !!!!
كل ما ذكر ليس اكثر من تحليل تسطيحي للوضع ، تحليل تستخدم فيع معطيات الواقع بطريقة مغلوطة لتؤدي الى نتائج مغلوطة.

تعالو لنرى الصورة من جانب اخر ، هناك بعد اخر مختلف ، سيعطي نتائج مختلفة ، البعد الذي يراه شعبنا بمثقفيه الحقيقيين ، بقطاعاته العريضة ، بحسه الاصيل ، بتلقائيته وعفويته ، الصورة هنا مختلفة ، ومختلفة جدا ، ومختلفة جذريا: 

اسرائيل : لا زال الخوف الوجودي مسيطرا على اسرائيل ، كل هذا التفوق العسكري لم يجلب امن ، الاستيطان انهى امكانية الفصل وتحولت اسرائيل واقعيا الى ثنائية القومية عنصرية ، جوهر الصهيونية يتقوض من الداخل ، سقطت كذبة الواحة الديمقراطية ، سقطت كذبة ارض بلا شعب ، سقطت كذبة اسرائيل الضحية ، سقطت كذبة اسرائيل تريد سلام ، اسرائيل الان منقسمة امام الاسئلة الاستراتيجية ، الزمن لم يعد يعمل لصالحها ، اسرائيل لم يسعفها السلام مع مصر او الاردن لتدخل المنطقة من الابواب ، لا زالت تتسلل من شبابيك هنا او هناك خلسة كلصوص الليل.

الواقع الاقليمي : عشرات الالاف الصواريخ على حدودها الشمالية في لبنان ، مئات الالاف الصواريخ الموجهة في ايران ، رعب في جنوب اسرائيل من صواريخ وانفاق وقذائف هاون ، المنطقة تتشكل من جديد ، جبهة الجولان مهددة بالاشتعال وحزب الله اصبح هناك ، المتغيرات في المنطقة العربية حبلى بكل جديد ومخيف ، ولا يوجد اقرب ما يصبح العداء لاسرائيل مدخلا لمتغيرات جديدة ، الواقع الاقليمي والعربي رمال متحركة وعاصفة لا حدود ولا منطق ولا رؤيا تحكمه ، والذي يعتبر مريحا لاسرائيل الان قد يتحول الى كابوسا لها ، تجربة افغانستان قد تتكرر ، امريكيا والسعودية صنعت السلام المقاتل هناك لحرب السوفييت وارتد بعدها السحر على الساحل لتتحول القاعدة الى كابوس امريكيا والسعودية. 

فلسطين : الشعب الفلسطيني عاد للخارطة السياسية وتجاوز مرحلة التذويب والشطب ، عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية يتجاوز عدد اليهود ، التفهم الدولي والاقليمي لعدالة قضية فلسطين وصل الى اعلى المستويات ، سياسة فرض الاستسلام على الفلسطينيين وبكل الصغوط الامريكية والاسرائيلية فشلت ، الحلم الفلسطيني يتعمق ويكبر وينتقل من جيل الى جيل ولا احد ينسا ، شعب يتفوق على نفسه في الصمود والحضور والجتراح اشكال نضالية حديثك ومتناسبة مع ظرفه وامكانياته ، شعب لا الحروب ولا الحصار ولا الاغراءات ولا التهميش كل تلك فشلت في احتواء هذا الشعب ، شعب ينحني امام اي نسمة ريح ولكن لا تقتلعه العواصف.

الوضع الدولي : فلسطين تقتحم المؤسسات الدولية بقوة وفعالية ، مقاطعة تمتد وتتعمق من امريكيا الشمالية الى اوروبا ومن جنوب افريقيا الى ماليزيا ، مقاطعة اقتصادية وثقافية وتعليمية وسياسية ورياضية على الطريق ، تغيرات عميقة في المجتمع الامريكي ستترك تاثيرها على المدى المتوسط على صانع القرار الامريكي ، تناقض واضح بين المصالح الامريكية والاسرائيلية كما يتضح في الموقف من برنامج ايران النووي ، اوروبا تقترب بالتدريج بموقفها الرسمي من الموقف الفلسطيني ، اسرائيل دولة متهمة ، متعجرفة ، عنصرية ، هذه هي الصورة الجديدة التي حلت مكان الصورة القديمة المتمثلة باسرائيل الديمقراطية المسالمة الانسانية.
 
وبعد هل توضحت الصورة ؟!!!!!
من هم هؤلاء اليائسون الذين يلطمون الخدود ويتباكون على الوضع ليمررو سياسية انهزامية استسلامية تحت عنوان انقاذ ما يمكن انقاذه ؟!!! من هم هؤلاء الفاسدون سياسيا الذين يروجون لسياسية اتفاق سلام باي ثمن ؟!!!
من هم هؤلاء تجار السياسة الذين يدفعون باتجاه الرضوخ لمطلب اسرائيلي بالعودة للمفاوضات بالشروط الاسرائيلية ؟!!!
نحن لسنا في اسوأ اوضاعنا ، ربما تجار الشنطة من السياسيين الفلسطينيين هم في اسوأ اوضاعهم لان امتيازاتهم مهددة ، وضعهم مهدد ، واوهامهم مهددة ، لكن شعبنا واثق من خطواته ، يسير قدما ، تتعزز ثقته بالوصول الى حقوقه.
اسرائيل ليست في احسن اوضاعها ، ربما بعض من اصابهم العمى الايدلوجي، الذين يفتقدون البعد الاستراتيجي في فكرهم ، الذين لا يدركون مخاطر الاستمرار بالوضع الراهن ، هؤلاء يتوهمون ان اسرائيل في احسن اوضاعها.
على كل الاحوال من حسن حظ شعبنا ، ان قادة اسرائيل الان هم هذا اليمين الاعمى والساذج وقصير النظر.
لدينا وضع في فلسطين فيه شعب قوي مؤمن متفائل قادر على الصمود والعطاء ، وقيادة مترهلة منقسمة محبطة تبحث عن مخرج تبرر فيه فشلها وعجزها ، لدينا وضع في فلسطين الحس الشعبي فيه اكثر عمقا ووعيا واصالة من برامج الاحزاب والفصائل والنتظيمات، لدينا وضع في فلسطين تتفوق فيه المبادرة الفردية الخلاقة على العمل المنظم ، لدي وضع اصبح فيه الحلم اكثر امكانية للتحقيق من اوهام القادة.