نشر بتاريخ: 24/05/2015 ( آخر تحديث: 24/05/2015 الساعة: 11:03 )
الكاتب: عباس الجمعة
انتصار المقاومة الوطنية والاسلاميه في لبنان سيظل مطبوعا في ذاكرة العالم وذاكرة صانعيه, , التي تمكنت من تحقيق انتصارين متتاليبن بكفاحها الوطني التحرري وبصمود الشعب اللبناني حيث لقنت العدو الصهيوني دروسا لن ينساها ,وتمريغ أنوف رؤساء قادته ومرتزقته وجنودهم في الوحل، وما زال هذا النصر العظيم يشكل انتصارات بمواجهة القوى الامبريالية والصهيونيه والرجعية عصاباتهم من قوى الارهاب التكفيرية والظلامية الذين يحاولوا من خلال مشاريعهم التفتيتية للمنطقة يجرّون أذيال الهزيمة والخيبة والعار، مما يفتح آفاقا جديدة , ويعزز القناعات لدى كل منا بحتمية تحرير الارض والانسان.
الشعب الفلسطيني لا يقل عطاء عن شقيقه الشعب اللبناني، أُدرك أن الظروف في لبنان هي غيرها في فلسطين, الا ان النضال الثوري هو فن ,كذلك هو الانتصار على معيقات استمرار الكفاح الثوري وابتكار الأساليب الملائمة والمواءمة لظروف النضال، حيث يتصدى الشعب الفلسطيني بمقاومته الشعبيه وبأرادته الحية للاحتلال والاستيطان في الضفة والقدس ، بينما يتمسك بمقاومته في قطاع غزة ، لإن الإنسان العربي الفلسطيني في حقيقته الجوهرية إنسان نوعي لا يقبل الضيم والذل ومستعد لدفع حياته ثمنا للدفاع عن ارضه ووطنه وقضيته ، ولذا فان إمكانيات الصمود لدى هذا الشعب العظيم وقدرته على مواجهة التحديات ،تفوق كل خيال لانها تستند إلى قيم ومبادئ ولقد حاول مدعوا الدين أن يغيروا طريقة تفكير هذا الإنسان من خلال التمسك بالانقسام ومحاولة اقامة الامارة ، من اجل اعادة الشعب إلى العصور الجاهلية أو عصور قبل التاريخ ولكنهم فشلوا .
من هنا ونحن نقف امام ذكرى انتصار المقاومة وتحرير اغلبية اراضي الجنوب اللبناني من الاحتلال الصهيوني باستثناء مزارع شبعا ، هذا الانتصار العظيم والاحتفال بمناسبة عيد المقاومة والتحرير يعيدنا إلى الأذهان صورة هزيمة الاحتلال الصهيوني وعملائه من جنوب لبنان بعد الضربات الموجعة التي وجهتها لهم المقاومة الوطنية اللبنانية، حيث ستبقى راسخة في وجدان الشعوب العربيه وقواها الحية وفي ذهن شعبنا الفلسطيني الذي حقق مجموعة من الانتصارات بصموده وعطائه غلى ارض فلسطين المحتلة .
لقد شكلت المقاومة في لبنان انجازا كبيرا بسبب الطريقة التي تم بها والحفاظ عليه إضافة إلى تحصينه شعبيا وسياسيا وهذا ما تحقق من خلال إدارة المقاومة للصراع بحكمة وعقلانية ، حيث أثبتت أنها قادرة على صنع النصر ، وستبقى رغم كلّ الظروف المأساوية قادرة على مسك سيناريوهات المستقبل ورؤية الاتجاهات كافة، لتؤكد أن الغد هو ما اصنعه اليوم واليوم هو ما صنعته بالأمس، ، واستخلاص العبر والدروس لخدمة الحاضر والفعل في المستقبل.
عيد المقاومة والتحرير هو مناسبة وطنية وتاريخية لإحياء وتخليد بطولات عشرات آلاف الشباب والرجال والنساء الذين تشكلت منهم قوى المقاومة والذين تحدروا من مشارب سياسية وعقائدية ومنابت اجتماعية مختلفة منذ تجربة الفدائيين التي قادها الشهيد معروف سعد في حرب فلسطين وصولا الى تجربة جبهة المقاومة الوطنيه اللبنانية وحركة امل وحزب الله بقيادة السيد حسن نصرالله ورفيق دربه القائد الشهيد عماد مغنية وما بينهما مساهمات ريادية لمقاومين شيوعيين ويساريين وقوميين وسواهم من مناضلي الفصائل الفلسطينية والاحزاب اللبنانية الوطنية.
لذلك نقول ان التحرير والانتصار كان ثمرة تراكم انتصارات وانجازات وتضحيات جليلة لأجيال من المقاومين وهو شكل اول هزيمة ساحقة للعدو منذ النكبة وقد ثبت نتيجته الحاسمة بحصيلة حرب تموز التي سحقت هيبة الردع الصهيونية .
وهنا اتوقف لأقول بكل صراحة لماذا لم يحفظ البعض انتصارات المقاومة بدلا من التهجم والتجريح والكذب ، وخاصة في ظل ما نشهده من محاولات امبريالية وصهيونية وارهابيه هدفها ضرب قوى المقاومة ، حيث اثبتت المقاومة انها قادرة على مواجهة الاحتلال الصهيوني والارهاب التكفيري ولا تنتظر شكرا من احد رغم كل التضحيات التي تقدمها ، هذه المقاومة بتضحياتها وبتواضعها وتفانيها هي كنز وطني وقومي تظهر قيمته التحديات الوجودية الراهنة كنموذج لحقيقة هذا الكنز الثمين .
اليوم ومع القوة العملاقة للمقاومة يبدو لبنان دولة فاعلة في المنطقة، حيث تتلاقي روافد المقاومة التي تتصدى للإرهاب ولداعميه دفاعا عن التاريخ والجغرافيا وعن الإرث الحضاري العظيم لمنطقة هي مهد الديانات في العالم وتغتني كنوزها الحضارية والثقافية بذلك التنوع الحاضر في شراكة الحياة وفي نسيج الثقافة الشعبية والتقاليد التي توارثها الناس في تحركهم المشترك ضد المخاطر والتحديات على مر الزمان .
وفي ظل المخاطر التي تتعرض لها فلسطين نسأل اين الموقف العربي مما يتعرض له الشعب الفلسطيني وارضه ومقدساته الاسلامية والمسيحية ، اين المجتمع الدولي بما حدث ويحدث للشعب الفلسطيني , وان هذا الشعب الذي ما زال يعاني من الاحتلال لم ينس مأساته وانه مصمم ومتمسك بحقه بالعودة إلى بلاده، ونحن نرى ما يجري من استهداف لمخيم اليرموك من القوى االارهابية من تدمير للمخيم وتشريد سكانه وصولاً لالغائه نهائياً كجزء من المخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي في المنطقة والذي يسعى لتصفية المخيمات الفلسطينية على طريق الغاء حق العودة إلى فلسطين تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية.
أن التطورات التي تواجهها القضية الفلسطينية، ، بعد اعادة انتخاب نتنياهو ، وفي ظل ما يطرح من مشروع فرنسي، اضافة الى توسع مشاريع الاستيطان والتهويد في القدس والأراضي المحتلة، انما تهدف الى المضي قدما في مخطط تصفية هذه القضية سياسيا وعمليا، اضافة الى الاجراءات التي تقوم به وكالة الاونروا بتخفيض خدماتها ، وكلها تجري في ظل الانقسام الفلسطيني الكارثي ، حيث تشكّل كل هذه الاوضاع خطرا على القضبة المركزية، مما يستدعي تعزيز الوحدة الوطنيه الفلسطينية والاستفادة من المتغيرات في ميزان القوى الدولي لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما يشكل ذلك من إمكانية تحقيق تغيير نوعي في مسار القضية الفلسطينية؛ الأمر الذي يستدعي التخلي عن مسار المفاوضات، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية والعودة الى خيار مقاومة الاحتلال الصهيوني بكافة الاشكال المتاحة، حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيتي في الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس مع ضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجّروا منها في العام 1948.
ان ما تتعرض له المنطقة من هجمة ارهابيه تكفيرية تأتي في ظل دعم امبريالي صهيوني استعماري يمنع الأمة العربيه من استعادة وحدتها، مما يستدعي من كافة الاحزاب والقوى العربية المناضلة دعم واسناد قوى المقاومة في المنطقة وإطلاق مبادرة تجديد حضاريفي نسيجنا الاجتماعي وفي تكريس الثراء الروحي والثقافي الذي يحققه التنوع في قلب وحدة الحياة وفي ظل المساواة والعدالة الاجتماعيه وتكون قادرة أن تصنع المعجزات،فهي لم يعد لديها ما تخسره، في معركة اثبات الوجود تبقى بوصلة فلسطين هي الاساس حتى تحرير الارض والانسان وتسترشد من مواقف الرئيس الخالد جمال عبد الناصر واحمد بن بيله وهواري بومدين وعمر المختار والرئيس الرمز ياسر عرفات ورفيق دربه ابو جهاد الوزير وفارس فلسطين ابو العباس والحكيم جورج حبش ورمز جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية جورج حاوي وسيد الشهداء عباس الموسوي وقائد الانتصارين عماد مغنية وعروسة الجنوب سناء محيدلي ومعروف سعد وكمال جنبلاط ومحمد سعد وغيرهم من القادة ،المؤمنين بوحدة الهدف والمصير،المؤمنين بأن هذه الشعوب يجب أن يكون لها مكانة لائقة بين الأمم، ولذلك ستتمكن حتما من قبر وإفشال مشاريع الفوضى الخلاقة،مشاريع تفتيت الوطن العربي واستباحة جغرافيته، أمة ستفشل مشاريع الشرق الاوسط الكبير والجديد الامريكية، ولن تقبل هذه الشعوب بوجود إسرائيل العصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا في ضرب حركة التحرر العربي وقواها الثورية، واستمرار احتلالها للأراضي العربية. ان المقاومة، التي صمدت وانتصرت في لبنان وفلسطين ، فإنها ستصمد اليوم ، حيث تثبت كلّ الوقائع والحقائق أنها ستخرج من هذه الأزمة أكثر قوة ومنعة وحصانة بمواجهة المشاريع المعادية التفتيتية .
أن مجرى التاريخ بدأ يتغير على إيقاع الفعل الذي صنعه الصمود وكتبت المقاومة صفحاته الناصعة البيضاء، وان ما نشهده اليوم من تغير للمعادلات الجيو ـ سياسية، يأتي نتيجة الإرادة القومية الصلبة الرافضة للمشاريع الاستعمارية، والتي تلاقيها إرادة إقليمية ودولية ترفض كذلك سياسة الهيمنة والأحادية الأميركية التي انتهى زمنها ومفعولها.
ونحن في شهر ايار شهر النكبة والانتصار والذي يحمل في ثناياه بصمات واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والمقاومة ، حيث حفر شهداء المقاومة وشهداء فلسطين وشهداء عملية القدس البحرية لابطال جبهة التحرير الفلسطينية تاريخهم وسجلهم في عمق ذاكرة الشعوب العربية والشعب الفلسطيني باعتبارهم الرموز والعناوين الخالدين في سفر النضال ، شهداء تركوا بصماتهم واضحة وعميقة على مسيرة الكفاح والنضال ، وكتبوا بأحرف من نار ودم أرواحهم على مذبح الحرية، بلا تردد او خوف او رهبة من الموت،وما زال شعبنا وثورتنا وفصائلنا تسيرعلى نهجهم ودربهم وثقافتهم.
من هذا المنطلق نؤكد بان التلاحم الفلسطيني اللبناني العربي شكل عنوان الصمود والعطاء والتضحية، ما قبل النكبة وبعدها رغم سياسة المجازر وحرب الإبادة الجماعية التي انتهجها العدو الصهيوني خلال تاريخه الدموي الطويل..
وختاما : ان الاحتفال بعيد المقاومة والتحرير اعطى دروس وعبر وما النصر الكبير والعظيم، ونحن أحوج إلى الوحدة من أي وقت آخر، وأن الصراع مع العدو الصهيوني هو من أجل تحرير الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين وعاصمتها القدس ،وبتحرير كل الاسرى البواسل من سجون الاحتلال، لان لهذا النصر،كان وراءه ابطال اسود خاضوا هذه الملحمة البطولية، شهداء، وتضحيات، وفي المعركة يتجند الجميع لخدمة المقاومة، فبكل تأكيد هم من صنعوا هذا الانتصار، الذي كان مصدر اعتزاز للأمة، وإذا كنا نسير اليوم على دروب الصراعات الإقليمية بأمان، أو تبحر سفينة في بحار الحروب العاصفة اللامتناهية بثقة وجرأة، فكله بفضل التضحيات المنبعث من أضرحة الشهداء ، هذه التضحيات تضيئ مسيرة النضال وتزود شعبنا وشعوبنا العربيه بالثقة والعنفوان الى النصر الاكيد.