نشر بتاريخ: 24/05/2015 ( آخر تحديث: 24/05/2015 الساعة: 12:57 )
الكاتب: سفيان أبو زايدة
قد يكون هناك جدال اذا ما كان الذهاب الى انتخابات رئاسية و تشريعية كخطوة اولى هو الحل الامثل لفكفكة بقية الازمات الفلسطينية الداخلية و على رأسها انهاء الانقسام والتخلص من نتائجه الكارثية على قضيتنا الوطنية . لكن ، لا يوجد خلاف على ان كل الشرعيات التي وصلت الى ما وصلت اليه من خلال الانتخابات قد انتهت صلاحياتها منذ زمن بعيد و على رأسها منصب رئيس السلطة و المجلس التشريعي. و للتذكير فقط ، الانتخابات الرئاسية جرت في شهر يناير عام ٢٠٠٥ حيث دورتها الانتخابية هي اربع سنوات فقط وفقا للقانون الاساسي الفلسطيني و تم تمديدها لمدة عام لكي يتم اجراءها في نفس الوقت التي تجرى فيه انتخابات المجلس التشريعي الذي انتهت صلاحيته ايضا في يناير عام ٢٠١٠ حيث جرت الانتخابات التشريعية اخر مرة في العام ٢٠٠٦ ووفقا للقانون الفلسطيني دورته الانتخابية هي اربع سنوات فقط.
اما الحكومة الفلسطينية و التي تستمد شرعيتها من خلال المجلس التشريعي الذي يجب ان يصادق عليها و يراقب عملها ، فمنذ العام ٢٠٠٧ ، و بسبب الانقسام و تعطيل عمل المجلس التشريعي منذ ذلك التاريخ و كل الحكومات التي تم تشكيلها سواء كان في غزة او الضفة لم تكن شرعيه وفقا للقانون الاساسي الفلسطيني، حيث جميعها كانت تفتقر اما لمصادقة رئيس السلطة عليها كما هو الحال في غزة او مصادقة المجلس التشريعي كما هو الحال في الضفه.
الحكومة الحالية، و التي تم تشكيلها في شهر مايو من العام الماضي و التي تسمى بحكومة الوفاق الوطني لانها الحكومة الوحيدة التي تشكلت بالتوافق نتيجة اتفاق الشاطئ فاقدة للشرعية ايضا حيث قرار تشكيلها جاء لفترة زمنية محددة ( ستة شهور) تكون مهمتها اعادة توحيد مؤسسات السلطة و التحضير للانتخابات التشريعية و الرئاسية على ان يصدر السيد الرئيس مرسوم رئاسي بتحديد موعد لاجراء الانتخابات خلال مدة اقصاها شهر من تشكيل الحكومة.
النتيجة ، و بعد مرور عام على تشكيل هذه الحكومة ، و ليس ستة شهور، لم يتم اصدار المرسوم الرئاسي بتحديد موعد لاجراء الانتخابات و لم تنجح في توحيد المؤسسات ، و من الناحية العملية لم يحدث اي تغيير على الحالة الفلسطينية حيث بقي الانقسام. و استمرت المناكفات بل تصاعدت اكثر مما كانت علية قبل تشكيل الحكومة ، و الاهم من ذلك ان هذة الحكومة فشلت في وقف نزيف غزة من خلال عجزها عن فك الحصار و البدء بأعادة الاعمار. لذلك لم يتبقى من حكومة الوفاق سوى اسمها فقط و لا اعتقد ان هناك من يتعامل معها بما يجب او بما تستحق من جدية على اعتبارها انها حكومة الكل الفلسطيني.
ان من واجب الشعب الفلسطيني ان يذكر السيد الرئيس محمود عباس ان دورته الانتخابية قد انتهت منذ خمس سنوات على الاقل ، و من واجب الشعب الفلسطيني ان يرفع صوته عاليا و يذكر اعضاء المجلس التشريعي بأن دورتهم الانتخابية قد انتهت ايضا منذ خمس سنوات و ان من حق هذا الشعب ان يمارس حقه في اعادة انتخاب من يمثله. و ان تعطيل اجراء الانتخابات يعود الى عوامل داخلية فلسطينية و هو صناعه محليه ليس للايادي الخارجية او المؤامرات الكونية اي دور فيها.
ما يثير الحيره و الريبه في آن معا ان كل الاطراف الفلسطينية و على رأسها السيد رئيس السلطة و حركة فتح و كذلك حركة حماس و كل التنظيمات الفلسطينية و قياداتها، جميعهم يدعون الى اجراء الانتخابات و اعتبارها المدخل او الخطوة الاولى لانهاء الانقسام و اعادة اللحمة الداخلية الفلسطينية. سيما ان كل اتفاقات المصالحه التي تم توقيعها من مكة و حتى الشاطئ مرورا بالقاهرة و الدوحة تنص على اجراء الانتخابات.
في اكثر من مناسبة اعلن السيد الرئيس انه جاهز الى اجراء الانتخابات ، وهو هنا يتحدث بصفته كرئيس للسلطة و في نفس الوقت كرئيس لحركة فتح و الاهم من ذلك بصفته رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية. حركة حماس هي الاخرى اعلنت و في اكثر من مناسبة و على لسان اكثر من ناطق و قيادي انها جاهزة للذهاب الى الانتخابات بل و طالبت الرئيس باصدار المرسوم الخاص بهذه الانتخابات فورا. في نفس الوقت اعلنت لجنة الانتخابات المركزية عن جهوزيتها لاجراء الانتخابات خلال مئة يوم من اصدار المرسوم وفقا للقانون الاساسي الفلسطيني.
على الرغم من ذلك ، برزت "عقبة صغيرة جدا"امام اصدار مرسوم الانتخابات ، وهو طلب السيد الرئيس كتاب خطي من حركة حماس بالموافقة على اجراء الانتخابات قبل اصدار المرسوم٠ حماس حتى هذه اللحظة ترفض ارسال رسالة خطية بالموافقة على هذا الطلب و اعتبرته طلب غير مفهوم و غير ضروري.
الحقيقة كما اراها او كما افهمها ، ان طلب الرساله من حركة حماس هو حقيقة غير مفهوم و غير مبرر، خاصة ان السيد الرئيس محمود عباس او احد من المقربين له لم يوضح لماذا اعتبار هذه الرسالة شرط اساسي لاصدار المرسوم. الرئيس عباس ليس بحاجة من الناحية القانونية لرسالة من حماس ، خاصة ان اتفاق الشاطئ الذي شكلت على اساسة حكومة الوفاق تتحدث بشكل واضح عن هذا الامر، و في نفس الوقت لا استطيع ان افهم لماذا ترفض حماس ان ترسل رسالة وفقا لطلب الرئيس، ما الذي ستخسره من ذلك، صحيح طلب غير منطقي من وجهة نظري و نظر كل من تحدثت معهم في هذا الشأن، و لكن على افتراض ان هذا الطلب هو طلب تعجيزي و غير مبرر، وغير قانوني، و غير منطقي، لماذا لم تستجيب حماس لهذا الطلب و ترسل الرساله و بالتالي تفوت الفرصه على من تعتقد انه لا يريد اجراء الانتخابات او يتهرب منها؟
الحل بسيط جدا من وجهة نظري، اما ان يتنازل السيد الرئيس عن هذا الطلب و يصدر المرسوم الرئاسي بأجراء الانتخابات التشريعية و الرئاسية دون الحاجة الى هذه الرسالة التي يرى الشعب الفلسطيني في غالبيته انه لا داعي لها و يتحمل المسؤولية كل من يعطل تنفيذ هذا المرسوم و اعادة الحقوق للشعب الفلسطيني في الولاية على نفسه من خلال ممارسة حقة الانتخابي في اختيار من يمثله، و اما ان توافق حركة حماس على ارسال هذه الرسالة رغم عدم ضرورتها او منطقيتها من وجهة نظرهم و لكن ارسالها يعبر عن جديتهم باجراء هذه الانتخابات و عدم تعطيلها، خاصه في غزة، و اما ان يطلب السيد الرئيس رسالة مماثلة من كل الفصائل و ليس من حركة حماس فقط ، اذا كانت الرسالة مهمة الى هذا الحد، و لكن يا ريت قبل هذا الطلب ان يفسر احد للشعب الفلسطيني ما هو الهدف او ما هو المبرر لهذا الطلب.
على اية حال، من الواضح ان عقبة الرسالة قد تكون عقبه اصطناعية، ولكن هناك عقبات حقيقية تواجه القيادة الفلسطينية و لجنة الانتخابات المركزية مصدرها الاحتلال الاسرائيلي، لذلك، و من منطلق تفكيفك الازمات قد يكون من المفيد عدم التمسك باجراء الانتخابات الرئاسية و التشريعية في نفس الوقت ، بل بالامكان البدء باجراء انتخابات رئاسية فقط كما حدث في المرة السابقة، لان اجراء مثل هذه الانتخابات يحتاج الى جهد اقل بكثير من الانتخابات التشريعية. هذا طبعا اذا كان التوجه هو البحث عن حلول و مخارج و ليس البحث عن مبررات و ذرائع للتهرب من هذا الاستحقاق.