الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ابو مازن ودلائل ملاك السلام الهامة

نشر بتاريخ: 26/05/2015 ( آخر تحديث: 26/05/2015 الساعة: 12:18 )

الكاتب: أ . سامي ابو طير

يُعـتبر رفع علم فلسطين فوق حاضرة الفاتيكان لأول مرة بعد الاعتراف الرسمي للأخيرة بدولة فلسطين حدثاً تاريخياً وهاما نظرا للاحترام والمكانة التي تتمتع بها الفاتيكان بين العالم، والدور المنوط بها لنشر السلام بين ربوع الأرض وقاطنيها ،وخصوصا على أرض السلام ومهد الأنبياء فلسطين الحبيبة التي تئن تحت سطوة الإحتلال الغاشم.

لذلك فإن الحدث وما صاحبه من حفاوة لفلسطين وابنها البار "ابو مازن" إنما يدل على القناعة الأكيدة لدى الحبر الأعظم للفاتيكان البابا فرنسيس بوجوب قيام دولة فلسطين ، كما يدل على أن البابا لن يألو جُهدا من أجل تحقيق ذلك الوجوب الفلسطيني الهام تحقيقاً لمبادئ العدالة الدولية والإنسانية التي تدعو إلى رفع الظلم وإنهاء المعاناة والألم للشعب الفلسطيني من خلال إنهاء الإحتلال و قيام دولة فلسطين المستقلة.

الاعتراف الأخير بدولة فلسطين يدل على القناعة الكاملة لدى الفاتيكان بأنه حان الوقت كي يتم رفع الظلم التاريخي الواقع على أبناء فلسطين ، و إنهاء الإحتلال الإسرائيلي البغيض وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف لتحقيق السلام .

من تلك القناعة والرسوخ بضرورة عودة الحق لأصحابه لدى الحبر الأعظم ، وضرورة إحلال السلام على أرض السلام كان الاعتراف أخيرا بفلسطين تتويجاً لتلك القناعة البابوية لدولة الفاتيكان ، وذلك الاعتراف يعتبر انتصاراً حقيقيا وتحفيزاً لقيادتنا الوطنية لمواصلة العمل الدؤوب لتحقيق الحلم الوطني الكبير.

إن اللقب التاريخي "ملاك السلام" الذي أطلقه الحبر الأعظم على الرئيس ابو مازن يُعتبر تعظيماً وتقديرا للدور الوطني الهام والجهود الجبّارة التي يقوم بها "ابو مازن "من أجل انتزاع حرية شعبه من براثن الغاصب المحتل وصولا لتحقيق السلام العادل في المنطقة وفقاً للشرائع والقوانين الدولية ذات الخصوص .

إن اللقب "ملاك السلام" يعتبر وساماً خالدا على صدر السيد الرئيس لما له من مدلولات هامة في هذا الوقت الحساس التي تمر به عملية السلام بسبب التعسف والتعنت الإسرائيلي الرافض لعملية السلام ،والذي يتفنّن في وضع العراقيل أمامها لتصل إلى ما وصلت إليه من أفاق مسدودة .

لذلك أؤكد بأن اللقب على عكس أماني قادة العدو الإسرائيلي، وتفنيداً أكيداً وبما لا يدع مجالا للشك ببطلان الذرائع والحجج الإسرائيلية بعدم وجود شريك فلسطيني لتحقيق السلام وغير ذلك .

لذلك فإن "ملاك السلام" يعتبر أبلغ رد على الكذب و الدّجل والتعسف الإسرائيلي ، ولأجل ذلك إذا كان السيد الرئيس محمود عباس ابو مازن قد أجمع عليه العالم وفي مقدمتهم الفاتيكان بأنه "ملاك السلام" .

لذلك فإن النقيض في الطرف الأخر الذي يرفض الانصياع لمبادئ و قرارات الأمم المتحدة بتحقيق السلام على أرض فلسطين مهد السلام يُعـتبر و بدون جـدال هو "شيطان السلام".

ملاك السلام هو لقب تاريخي مُستحق ومقصود ذو دلائل هامة وقد جاء عرفاناً وتعضيداً ودافعاً أكيدا لسيادة الرئيس محمود عباس ابو مازن من أجل المُضي قُدماً لتحقيق النهاية السعيدة للمسيرة الوطنية بتحقيق الحلم الفلسطيني الكبير بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف حتى يتحقق السلام .

ونظراً لأهمية اللقب "ملاك السلام" ومغزاه السياسي في هذا الوقت الحساس التي تمر به عملية السلام في ظل المُتغيرات الإقليمية التي تمر بها المنطقة في السنوات الأخيرة، ولهذا فقد ارتأيت التطرق إلى دلائل وأهمية ذلك اللقب الذي منحه الحبر الأعظم كوسام تقديري للسيد الرئيس "ابو مازن" ،ولأجل تلك الأهمية سأذكر بعضا من دلائل "ملاك السلام" الذي ازدان به صدر السيد الرئيس محمود عباس "ابو مازن" ومنها :-

1 – الوصف الدقيق للسيد الرئيس بـ "ملاك السلام" من طرف البابا فرنسيس كان مقصوداً ومدروسا بعناية فائقة، ولم يكن وليداً لظروف الحدث أو مشاعر اللحظة الآنية عند الاحتفاء بفلسطين سواء عند تطويب و تقديس الراهبتين الفلسطينيتين ( ماري غطاس من القدس ومريم بواردي من الجليل ) أو رفع العلم الفلسطيني فوق حاضرة الفاتيكان .

2 – الفاتيكان تعتبر السيد الرئيس شريكاً رئيسياً وحقيقيا من أجل تحقيق عملية السلام ولا يمكن تجاهله بالمُطلق لحدوث وإحلال السلام في المنطقة، ولذلك فإن الطرف الآخر لعملية السلام يُعتبر هو المُعرقل الحقيقي لإحلال السلام في المنطقة، وبذلك فإنه يستحق اللقب المعاكس لملاك السلام عن جدارة واستحقاق.

3 – اللقب يدل على القناعة الراسخة والأكيدة التي ترسّخت لدى البابا بأن ابو مازن هو رجل السلام الحقيقي في ظل الظروف التي مرت و تمر بها عملية السلام في الشرق الأوسط بفعل التعنت الإسرائيلي، والانحياز الأمريكي الواضح بعدم الضغط على الكيان الصهيوني ومساندته بالفيتو الظالم .
ولذلك كانت رؤية الحبر الأعظم بابا الفاتيكان أن "ابو مازن" يستحق التكريم والعرفان تقديراً لدوره الهام خلال مشواره الوطني الطويل الباحث عن الحرية، وعمله المتواصل لتحقيق السلام العادل وإنهاء معاناة شعبة من خلال التقيّد والمطالبة الدائمة للسيد الرئيس بتنفيذ القوانين الدولية ذات العلاقة لتحقيق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة.

4 – اللقب يُعتبر انحيازاً صارخا للحق الفلسطيني ضد التعسف الإسرائيلي الظالم، ولهذا فإن اللقب كان نابعاً من الإيمان الكامل بعدالة الحق الفلسطيني لدى الحبر الأعظم مع وجوب إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.

5 – إذا كان اللقب يُمثل تعاطفاً وانحيازاً للحق الفلسطيني فإنه في نفس الوقت يُعتبر رفضاً قاطعاً للتعنت والتعسف الإسرائيلي المُتغطرس الذي يقوده نتنياهو بسبب سياسته العنصرية ضد أبناء فلسطين.

6 – اللقب "ملاك السلام" هو نفي كامل وأكيد لجميع الذرائع الإسرائيلية والأمريكية على حدٍ سواء، و التي يتحجج بها كل منهما لتبرير عدم إحلال السلام وعودة الحق الفلسطيني لأصحابه.
وهنا فإن اللقب بمثابة رد قوي ودحض للباطل الإسرائيلي وخصوصاً التبريرات الأمريكية المتساوقة مع الاحتلال بعدم وجود شريك فلسطيني ، وخصوصا عندما يقوم الجانب الفلسطيني باللجوء إلى المحافل الدولية لانتزاع حقوقه الوطنية ، ولذلك فإن اللقب ملاك السلام هو تكذيب لتلك الذرائع الأمريكية أو الإسرائيلية .

7 – اللقب ومما لا يدع مجالا للشك يُعتبر تشجيعاً لجميع قادة العالم كي يبذلوا جهودهم الحثيثة لمؤازرة فلسطين و رئيسها والعمل الجاد بجانبه لإنهاء معاناة شعبه الفلسطيني بنيل الحرية والاستقلال.

8 – اللقب هو تأكيداً وتعضيدا للسياسة الحكيمة والهامة للسيد الرئيس ابو مازن ،وتشجيعاً له للذهاب بعيدا في مُقارعة الاحتلال الإسرائيلي في شتى المحافل الدولية المختلفة لرفع الظلم التاريخي عن شعبه .
ولذلك فإن اللقب هنا يدل على الرضا التام لجميع الخطوات التي اتخذتها فلسطين بقيادة السيد الرئيس ابو مازن في هذا الشأن لتحقيق حلم الدولة المستقلة .

9 – اللقب هو "لا" كبيرة لجميع السياسات العنصرية الإسرائيلية من قتل للأبرياء وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها وتعذيب الأسرى ، وضد سياسة الاستيطان بأكملها من تجريف ومصادرة الأراضي واقتلاع الأشجار واستمرار الحصار وإقامة الحواجز الظالمة وجدران الفصل العنصرية ، وغير ذلك من تلك الأفعال العنصرية .

10 – اللقب ومسمياته وأهميته بكل دلائله المختلفة كان مقصودا بعناية فائقة، وقد جاء العناق الحار من طرف البابا للسيد الرئيس ليؤكد تماما وجوب استحقاق ابو مازن لهذا اللقب الهام بكل دلائله المختلفة .
علماً بأنه جرت العادة بأن الحبر الأعظم لا يقوم بتلك المصافحة الحارة مع الأخرين إلا نادراً جداً ، ولذلك كان العِناق الحار له دلالاته الهامة لتأكيد كل ما ذُكر أعلاه من استحقاقات لملاك السلام وحرية شعبه . "وكأن المصافحة الحارة أو العِناق بمثابة عِناقا لفلسطين والتزاما كاثوليكيا ومسيحيا بالوقوف بجانبها لنيل الحرية " .

11 – تقديس أو تطويب الراهبتان الفلسطينيتان اللتان عاشتا من أجل السلام وماتتا ودفنتا في أرض السلام قبل وجود الكيان الصهيوني أو تأسيسه، يُعتبر دليلا قاطعا من طرف الفاتيكان بأن فلسطين هي للشعب الفلسطيني وأن إسرائيل هي دولة غاصبة للحق الفلسطيني ، وعملية التطويب أو التقديس للراهبتين الفلسطينيتين هي اعتراف ضمني بذلك الحق الأبدي وهي شرفُ كبير لكل فلسطيني وعربي، وهذه حقيقة مؤكدة لثنايا تطويب الراهبتين .

12 – اللقب هو دعوة صادقة من البابا إلى جميع القادة والرؤساء المُغرر بهم لمراجعة حساباتهم وعدم تصديق الأكذوبة الإسرائيلية، والعدول عنها بالعمل الجاد لإحلال السلام وقيام دولة فلسطين على أرض السلام .
وهذا ما حدث جليا بعد اجتماع السيد الرئيس مع رئيس الوزراء الإيطالي الذي اعترف بعد الاجتماع بأنه و من حوله مُغرر بهم ويجب الجلوس معهم لتغير الفكرة والانطباع لصالح فلسطين .

إن ملاك السلام هو لقب مُستحق للسيد الرئيس محمود عباس ابو مازن حفظه الله ، إلا أنه تبقى المواقف الهامة والقرارات الوطنية الشُجاعة بالإضافة إلى الانتصارات التي حققها "ابو مازن" لفلسطين في المحافل الدولية هي "الأوسمة والنياشين" الأهم للسيد الرئيس خلال مسيرته الوطنية نحو تحقيق الحلم والمشروع الوطني الفلسطيني الكبير.

لذلك فإن تلك المواقف والانتصارات قد كتبت اسم ابو مازن بأحرف مضيئة في سجل الخالدين عبّر قادم الأزمان كما فعل أخيه الأكبر من قبله الشهيد الخالد ياسر عرفات رحمه الله ،ولذلك فإن التاريخ يكون عظيما عندما يُكتب بأفعال الثوار والوطنين الأحرار الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل الحرية وحب الأوطان .

ومما هو جدير ذكره بأن السيد الرئيس قد ترقرقت عيناه دمعاً غالياً عندما رأى العلم الفلسطيني خفاقا عاليا في سماء الفاتيكان وأثناء لحظة تطويب الأخوات الراهبات كقديسات فلسطينيات على أرض السلام .

الدموع الغالية ترقرقت حباً وشموخاً و فرحاً من العيون الوطنية العاشقة لفلسطين في مشهدٍ مؤثر وفريد قلما يتكرر مع الإنسان إلا في اللحظات والمواقف الخالدة التي يكون فارسها الأول والأخير هو الوطن فلسطين .

لأجل ذلك أؤكد بأن دموع العظماء حباً لأوطانهم تُعتبر فخراً وشموخاً وكرامة لأصحابها ، وتلك الدموع الغالية في المواقف التاريخية لا تصدر إلا من العظماء أمثالك سيدي الرئيس لأنك العاشق والفارس الأول لفلسطين، ولذلك ستبقى تلك الدمـوع الطاهرة هي الأغلى علينا سيدي الرئيس لأنها دموع فلسطين الحبيبة التي تفرح بانتصار أبنائها المخلصين الذين يعملون ليلاً ونهاراً لتحريرها من دنس الغاصب المحتل.

أخيراً إن "ملاك السلام" هو أعظم وسام لحبيب السلام على أرض السلام وفي مهد السلام "فلسطين".
دُمتم سيدي الرئيس ذُخراً لفلسطين .