نشر بتاريخ: 27/05/2015 ( آخر تحديث: 27/05/2015 الساعة: 11:53 )
الكاتب: توفيق الحاج
سبعة وستون عاما ..منذ التغريبة الاولى ونحن نحيا النكبة ونحيي ذكراها بمهرجانات وخطابات ومواويل عتابا وميجنا ودبكات ونتباكى على وطن ضيعناه بأيدينا.. وهذه حقيقية تاريخية ساطعة كالشمس ولا يتجاهلها إلا أعمى بعيون أمريكية أو سفسطائي مبرمج على شعارات عنترية دين كيشوتية كاذبة أثبتت الوقائع والتجارب الممارسة عدم صلاحيتها للاستخدام الادمي ويستغلها دائما تجار الكلام من أجل السيطرة على عبيد الجهل و الطمأنينة الزائفة..!!
وللتوضيح أكثر فان فلسطين في رأيي أشبه بالحسين الذي خذله القريب قبل البعيد وخانه الأعوان وتفرق عنه الخلان قبل أن ينفرد به الدوشمان.. ثم تباكى ويتباكى عليه الأنصار والتجار من عرب وعجم إلى اليوم وحتى قيام الساعة..!!
بالأمس ولدنا مع نكبة 48 وتلفعنا بها و شربنا من كأسها مرارة اللجوء وغياب الهوية وقد نسينا أن هذه النكبة كانت حصيلة مؤكدة لنكبات في زعامات وقيادات محلية وعربية وإسلامية ..فكم تناحر النشاشيبيون و الحسينيون وكم تسابق إلى الخيانات أمراء و مخاتير وقادة مقابل الجاه والذهب ورضا إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس ..!!وكم تنافس عجزا وتخاذلا فاروق مصر مع عبدالله الأردن على الفوز بما تهلهل من شرف أمتهما المغتصب بينما ملك الحجاز يسبح ربه خارج التغطية ..!!
وبالأمس بعد النكبة الأم صحونا على نكبة أشد دلعوها تخففا وتلطفا أسموها "النكسة " وقد كانت بفعل أيدينا لأننا ورثنا عن رضا و هجوع نفس الطراز السيئ من الحكام والأزلام ونفس السلوكيات والأنانيات وان اختلفت الألقاب والأسماء والشخصيات ..!!
فمن ولاء أعمى وتبعية الخادم لسيده إلى غرور الجاهل بما حوله ومن خيانات وصفقات مكشوفة إلى حماقات وسهرات حمراء !!..
ثم كانت التغريبة الفلسطينية الثانية لنمر في نكبات الاقتتال في الأردن ولبنان وقد فقدنا الآلاف من فلذات قلوبنا لكي يرضي قادتنا غرور السلاح في مخيلاتهم ووهم أن يكون مكان الثورة المؤقت وطنا بديلا .. !!
ثم جاءت نكبة " الصمود والتصدي" ..صفين الجديدة وقد قسمت العرب قسمين وكليهما كانا وجعا في خاصرتين ..قسم متهالك يباع ويبيع وقسم غير سالك اضاع ويضيع ..!! ثم توالت النكبات لتأتي نكبة "أوسلو" التي باعت خلسة من وراء ظهر" مدريد" دم الانتفاضة الأولى بثمن بخس و عدا سنغافورة..!!ومن أجل أن يفخر قادتنا بالمشي على البساط الأحمر المفروش ولو مابين علبتي سردين..!!وجربنا لأول مرة كيف نحكم أنفسنا بأنفسنا وكيف تحول الثوار منا إلى رجال بيزنس وسماسرة وأثرياء..!! لم يترك لنا قادتنا وهم يجرجروننا خلف شهواتهم الموروثة كابرا عن كابر حتى فرصة للهاث ..!!
وجاءت الانتخابات بنكبة " الصراع" بين ضدين كانا طعنتين في القلب..أحدهما لا يتصور الكرسي بدونه والآخر يتصوره منحة ربانية!! ثم تأتي أخيرا وليس آخرا نكبة (الحسم).. التي احلت للشقيق من شقيقه حرمة الدم وزادتنا ضعفا على ضعف وهوانا على هوان وهما على هم ..!! ووصل بنا الحال إلى أن يحاصرنا الأهل قبل العدا ويتقزم الوطن في زمن الكرامات والبركات ..!! بحجم كوبونة خضرا ونص جرة غاز وكهربا 6ساعات وشربة ميه مفلترة ..!! هانحن نعاني صابرين محتسبين إلى أن يشاء الله ..!!
لقد كان لنا ولازال أعداؤنا الكثر ممن يريدون اقتلاعنا إلى الأبد من وجودنا وكان لهم نصيب كبير في نكباتنا التي عشنا ونعيش ولكن كان لنا النصيب الأكبر بخياناتنا وتفاهاتنا وشهواتنا!! ..
إن توالى النكبات والمهازل من انتاج محلي وعربي وإسلامي وعالمي مفتخر.. لن يقربنا مما نريد وستظل العودة مجرد حلم أو ترويدة ساذجة..!! يورثها الأجداد للأحفاد الذين يعانون من امية فلسطينية مخجلة..!! ومهما غنى ودبك المتفائلون أو جعجع ولطم الزاعقون ...لن يتقدموا بنا نحو تحقيقها شبرا..!!فما يفعلاه وان بدا تضادا إنما هو لونين مختلفين لنوع رديء من ترامال الشعوب الغافية ..!! ولن نخرج من نفق النكبات الطويل إلا أن تطهرنا (كارثة) من دنسنا ونرجسياتنا و فتننا وتشرذماتنا ثم تعيدنا بما يشبه المعجزة إلى أنفسنا ودمنا وجذرنا الفلسطيني الواحد بلا شروط..!!
والى ان يتحقق ذلك... تعيشوا وتتذكروا.. كل نكبة وانتو طيبين...!!