نشر بتاريخ: 27/05/2015 ( آخر تحديث: 27/05/2015 الساعة: 21:19 )
الكاتب: د.احمد يوسف
كتب الصديق حسن عصفور؛ الفتحاوي والسياسي المخضرم، مقالاً بعنوان "حماس تحت الخطر!"، استعرض فيه تداعيات التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية (أمنستي)، والمقال جدير بالقراءة والتدبر والعمل بالملاحظات المذكورة فيه.
ما جاء بالتقرير من اتهامات لحركة حماس يمكن استخدامه كوثيقة للتدليل في المحاكم الدولية، وإسرائيل والمؤسسات التابعة لها في الغرب هي خير من يعمل على توظيف ما ورد في التقرير من إدانات لحركة حماس، وتوصيف بعض عمليات المقاومة بأنها جرائم حرب.!!
بعد عدوان 2008/2009م على قطاع غزة، جاء وفد أممي لزيارة القطاع وإجراء معاينات ومقابلات مع العديد من ضحايا العدون، وكانت لي الفرصة للجلوس القاضي جولدستون وفريق العمل المرافق معه، واستمعنا إلى شرح وافٍ لطبيعة عملهم ودلالات المصطلحات التي يتم ترديدها وأبعادها القانونية، ومدى ما يمكن أن يلحق بالمقاومة التي تعمل على صد العدوان بما لديها من إمكانيات قتالية محدودة.
لقد تبين لنا أن المطلوب للنجاة من تلك الاتهامات أن يتمَّ تجنيب المدنيين، وألا يظهر بأن هناك استهداف لهم؛ بمعنى أن تكون المقاومة واضحة في إعلاناتها أنها تقصف بصواريخها أهدافاً عسكرية محددة، وتتقصد بعملياتها الجنود وليس المدنيين.
في حرب حجارة السجيل والعصف المأكول، أبدعت المقاومة في استهدافاتها للمواقع العسكرية، وحتى صواريخها كانت تشير بأنها في اتجاه مواقع عسكرية.. لذلك، فإن المعرفة بقوانين الحرب والقانون الدولي مهمة حتى لا تضع المقاومة الفلسطينية نفسها تحت طائل العقوبات الدولية وجرائم الحرب.
لذا، ومن باب الحرص على مقاومتنا الفلسطينية الباسلة، فإنني أضم صوتي للصديق حسن عصفور فيما قدمه من اقتراحات وجيهة، أرى أن بالإمكان إنجازها بسرعة، وأن على حركة حماس أن تأخذ بها جميعاً أو ببعضٍ منها، وتضع الذي فيه الكدر أو الحرج.
إن هذه المسألة - كما يشير الأستاذ حسن عصفور – بالغة الجدية، ولذلك فإنه يتوجب أن تسارع حركة حماس بالاطلاع على التقرير، والعمل والتحضير الجاد والمسؤول لتجهيز ما لديها لمواجهة ما ورد فيه، والذي قد يشكل "سكيناً حقيقياً وحاداً جداً" على رقبة الموقف الفلسطيني المتجه إلى المحكمة الجنائية.. ولذا، فالمطلوب من حركة حماس أن تذهب لخطوات عملية لتجنب الضرر المتوقع من تقرير "العفو الدولية"، وذلك من خلال بعض الإجراءات التي قد تكون ضرورية، ومنها:
1) الاعلان عن تشكيل لجنة مهنية تضم ممثلي منظمات حقوقية فلسطينية عاملة في القطاع لبحث ما أشار إليه التقرير، والتدقيق بها.
2) العمل على تحضير الملفات كاملة لمن تمَّ تنفيذ حكم الإعدام به خلال الحرب أو بعدها، خاصة المشتبه بتعاملهم مع قوات العدو خلال الحرب، خاصة وأن حماس أعلنت في حينه أنها قامت بـ"محاكمة المتهمين محاكمة عادلة"، ولذا لتضع نتائج تحقيقاتها ومسار المحاكمة بين يدي اللجنة المفترض تشكيلها..
3) الاتصال مع حكومة التوافق الفلسطينية، مع كل ما لها وعليها من ملاحظات كارثية، لكنها هي واجهة الشرعية الرسمية، من أجل تنسيق الموقف، والعمل على كيفية الرد ومواجهة التقرير.
4) العمل على التنسيق مع اللجنة الفلسطينية الخاصة "لجنة الأربعين" بمتابعة المحكمة الجنائية الدولية، ويمكنها أن تدعو وفداً منها لزيارة قطاع غزة، والوقوف على كل ما له صلة بتلك المسألة، خاصة وأن حماس لم تعارض تشكيل اللجنة.
5) الطلب من الرئاسة الفلسطينية، بالعمل على تشكيل "خلية قانونية - سياسية" مشتركة بمشاركة وزارتي الخارجية والعدل، للعمل في الساحتين العربية والدولية، وتنسيق الجهد في مخاطبة الجامعة العربية والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، ومؤسسات عالمية ذات ارتباط بتلك القضايا.
بالتأكيد هناك كثير من الخطوات الهامة الأخرى التي يمكن أن تكون ضرورة، بعد تشكيل خلية الأزمة السياسية - القانونية، لكن الأهم هو البدء العملي في مواجهة التقرير الآن.
إن الجدية في التعاطي مع التقرير، وتطويق مخاطره ضرورة وطنية فلسطينية، قبل أن تكون حماية لحركة حماس وبعض قادتها، الذين قد يصبحوا ظلماً "مجرمي حرب" بين ليلة وضحاها.
ومع اختلافي في الكثير من القضايا السياسية الخاصة بالشأن الفلسطيني والإقليمي مع الصديق العزيز حسن عصفور، إلا أنني أجد نفسي متفقاً معه بالكلية فيما ذهب إليه من مقترحات لضرورة حماية الحالة الفلسطينية الوطنية.
إن هذه الموقف يعبر - بلا شك - عن وطنية خالصة، وحرص أكيد على الحالة الفلسطينية أشكره عليه، وأناشد إخواني في حركة حماس بأهمية الأخذ بقوة بتلك النصائح والمقترحات.