نشر بتاريخ: 28/05/2015 ( آخر تحديث: 28/05/2015 الساعة: 11:15 )
الكاتب: وليد العوض
يعيش الناس في قطاع غزة حالة حذر وترقب شديدين جراء انسداد الأفق وحالة الجمود القاتل في العديد من الملفات الهامة ، في ظل مثل هذه الحالة من الجمود تبدأ كل جهة بتوظيف هذه الحالة لخدمة مفاهيمها ووضع ما يجري في سياق خدمة مشروعها ، وفي هذا السياق يمكن النظر لما جرى مساء الثلاثاء وفجر الأربعاء 27 أيار في قطاع غزة على اثر إطلاق صاروخ سقط في منطقة مفتوحة قرب عسقلان ، سارعت حكومة الاحتلال لاستغلاله لخدمة أهدافها وسارع قادة الاحتلال بكيل التهديد والوعيد والتلويح بعمل عسكري ضد القطاع جرى ترجمته عمليا فجرا الأربعاء بشن سلسلة غارات نفذها طيران الاحتلال في مناطق مفتوحة ومعسكرات أخليت مسبقا في مختلف مناطق القطاع، هذا التصعيد لم يكن مفاجئا بل سبقه خروقات إسرائيلية متواصلة تمثلت في إطلاق النار على المزارعين وإصابة العديد منهم وتقليص مساحة الصيد وإطلاق النار على الصيادين واعتقال بعضهم .
كل ذلك يجرى في ظل تصاعد الحديث عن جهود من مبعوثين دوليين وإقليمين بوجود قناة تفاوض غير مباشرة بين دولة الاحتلال وحركة حماس في قطاع غزة بهدف التوصل لاتفاق هدنة طويلة الأمد مقابل فتح ممر مائي يصل لقبرص التركية وميناء عائم تحت سيطرة الناتو هذه المساعي سبق وقد حذرنا منها أكثر من مرة وقد جرى نفيها في حينه من قبل قادة حركة حماس إلا ان المتتبع للأمور يدرك انه جرى استدراك ذلك بتأكيد وجود مثل هذه الأفكار التي أطلق عليها دردشات في حينه ، ولذلك وجبت الملاحظة بأن هذا التصعيد المتدحرج وفق العودة لسيناريوهات البدء بقصف المناطق الفارغة يمكن أن يستمر وصولا لوضع قطاع غزة برمته على صفيح ساخن من خلال دحرجة هذا التصعيد الذي لن يكون على نطاق واسع كما أعتقد ،لكنه سيمضي إلى أن يحقق هدفين .
الأول تتمكن عبره حكومة أحزاب اليمين الأكثر تطرفا برئاسة نتنياهو من طمأنة الناخبين الاسرائيلين الذين أوصلوها لسدة الحكم بأنها ما زالت تمتلك قوة الردع في الوقت الذي تشاء .
أما الثاني وهو الأهم برأيي فيتمثل بتهيئة المناخات وفتح الآفاق برحابة أكثر للمفاوضات غير المباشرة بغرض الوصول إلى اتفاق الهدنة طويلة الامد آنف الذكر ، و تجدر الإشارة في هذا المجال إلى انه لن يكون مفهوما أو مقبولا لدى قطاعات واسعة من شعبنا الفلسطيني الذهاب لمثل هذه الهدنة كما أنه ليس بالإمكان تسويقها بسهولة إلا في حال اشتعال نار الحرب مجددا مما يستدعي تسارع جهود المبعوثين الدوليين والإقليمين للوصول لذلك وفي مثل هذه الحال فقط يمكن أن تبتلع على مضض جماهير شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة التي تئن تحت وطأة الحصار المتواصل وانسداد الأفق وتوقف عجلة الأعمار وزيادة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بؤسا ، في مثل هذه المناخات يمكن أن يجري تمرير مثل هذا الاتفاق الذي يجري إعداده تارة تحت ما يسمى بدردشات وتارة أخرى وشوشات ،لكنه في كل الأحوال اتفاق ينتزع قطاع غزة من المشروع الوطني الفلسطيني ويضع مستقبلها منفصلا عن مستقبل أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وبذلك فإنه اتفاق يمثل طعنة نجلاء لمجمل المشروع الوطني الفلسطيني ،لذلك المطلب الحذر كل الحذر وإغلاق الثغرة التي تنفذ منها مثل هذه المشاريع الجهنمية.