الكاتب: د.احمد يوسف
كان يوم 31 مايو 2010م يوماً مشهوداً في حياتي وحياة أهل غزة، كان يوماً حافلاً بالأحداث والمفاجآت، كانت عيون أهل غزة ترنو بشوق وقلق إلى البحر، كان الكل بانتظار وصول سفينة "مافي مرمرة" التركية،والفرسان القادمين على ظهرها من كل فجٍّ عميق،لكسر الحصار المفروض عليها لأكثر من أربع سنوات،والذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي ظلماً وعدواناً.
كانت تركيا ومعها شعوب العالمين العربي والإسلامي تتابع لحظة بلحظة تحركات السفينة، وترصد دقائقالزمن ومعنويات كل من بداخلها وهي تمخر عباب البحر، في مشهد من التحدي والإصرار على بلوغ غايتها، ضاربة عرض الحائط بكل التهديدات والتحذيرات الإسرائيلية.. كان العالم كله على مستوياته الرسمية والشعبية يراقب عن كثب ما يمكن أن يحدث، وما الذي ستفضي له المواجهة، خاصة وأن السفينة على ظهرها المئات من المتضامنين الذين جاءوا من بلدان وجنسيات مختلفة، وبينهم الكثير من الشخصيات الاعتبارية ذاتالانتماءات السياسية والحزبيةوالحركية المتعددة.
كان موقعي كرئيس للجنة الحكومية لكسر الحصار واستقبال الوفود متابعة كل صغيرة وكبيرة، بفرضية نجاح وصول السفينة إلى الميناء أو تمكن الإسرائيليين من تعطيل ذلك.. عملنا على مدار الساعة لتهيئة الأجواء وترتيب وضع الميناء، وكانت وسائل الإعلام – مشكورة – تحمل معنا الهمَّ، وتعيننا على إبقاء القضية حيَّة ليشاهدنا من بالسفينة في عرض البحر، وكذلك أهالي هؤلاء المتضامنين، إضافة للمستويات السياسية في دولهم المختلفة. كان الحدث هو الأهم والأبرز على شاشات التلفزة المحلية والإقليمية والدولية، لقد حشدت المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية والجمعيات الأهلية كل إمكانياتها لإنجاح عملية كسر الحصار عن قطاع غزة، وإيصال مساعداتها الإغاثية الرمزية لأهل القطاع، وبالتالي توصيل رسالة مؤازرة قوية لهم، مفادها أن العالم كله يقف خلف مظلوميتكم، وأن ضميره الحي لن يستريح ما لم يتم رفع هذا الحصار الظالم عنكم، وهذا بمثابة رافعةلمنسوب المعنويات، وتحريض علىاستمرار حالة الصمود والتحدي عندهم.
في صبيحة يوم الحادي والثلاثين من مايو 2010م، بدأت تصلنا الأخبار بأن إسرائيل قامت بعملية قرصنة وإنزال عسكري على ظهر السفينة، وأن هناك العديد من الجرحى والشهداء.
لم أكن قد هجعت إلى الفراش إلا منذ ساعة أو ساعتين، حيث وردتني عبر الهاتف أخباراً غير سارة بأن السفينة لن تصل إلى ميناء غزة؛ لأن عناصر من البحرية الإسرائيلية قد داهمت السفينة، واعتقلت كل من فيها، وهي بصدد قطرها إلى ميناء أسدود.
قمت كالمفزوع من فراشي، حيث كنت نائماً في مكتبي تلك الليلة قريباً من الميناء، أجريت العديد من الاتصالات الخاصة بفريق العمل الحكومي، وطالبت الكل بسرعة التواجد في الميناء، وهرولت إلى الموقع، حيث كانت وسائل الإعلام الفلسطينية والدولية قد سبقتنا إلى هناك، بل إن بعضها كان مرابطاً بأجهزته وبثه الحي منذ ليلة سابقة.
كان الأخ محمد كايا؛ مدير مكتب هيئة الإغاثة التركية (IHH) بغزة،هو الآخر متواجداً في المكان، وعلى تواصل بمقر الهيئة في استانبول، حيث كان يقدم لنا المعلومات عما يجري من تحرشات واستفزاز للسفينة في عرض البحر أولاً بأول.
كان الرجل قد عمل على مدار شهر كامل في الميناء من أجل تسهيل إمكانيات وصول السفينة إلى داخل الميناء، وذلك برفع التراب من الحوض لتعميق المنسوب، بحيث يسمح بطفو السفينة بأمان وحمايتها من الغرق..ولما تبين أن السفينة تحتاج إلى منسوب أعمق مما يمكن الوصول إليه، تحرك باتجاه إعداد خزانات عائمة "معدية" تسمح بنقل الأشخاص والمساعداتمن السفينةإلى داخل الميناء. لا شك أن العمل كان مضنياً، ولكن كان فيه أيضاً الكثير من المتعة والأمل بقرب وصول المتضامنين إلى قطاع غزة ونجاحهم في كسر الحصار عن القطاع.
فجأة انهار كل شيء، وتبدت على محيَّانا ملامح الإحباط، وحطتظلال الأحزان على وجوهنا جميعاً.. لقد ضاع كل شيء، ونجحت إسرائيل في كسر إرادتنا، ولم يتحرك العالم – للأسف - لوقف قرصنتها، وانتهاكها للقانون الدولي، وارتكابها جريمة بحق الإنسانية، حيث كان المجتمع الدولي والعالم بمنظماته ومؤسساته الأممية يقف متفرجاً وعاجزاً عن فعل أي شيء غير التصريحات وبعض العبارات الباهتة، التي لا تردع دولة مارقة كإسرائيل، ولا ترد عدوانها عن الأبرياء العزل الهائمين على وجوههم في المياه الدولية.
تركيا أردوغان: زئير الأسد والتهديد بلغة الحرب
عندما وقع الاعتداء على أسطول الحرية وسفينة "مافي مرمرة" كان رئيس الوزراء التركي – آنذاك - رجب طيب أردوغان في طريق عودته إلى بلاده، وذلك بعد مشاركته في منتدى الأمم المتحدة الثالث لتحالف الحضارات بالبرازيل، وبدأت التصريحات الغاضبة والتهديدات التي تحمل في طياتها نذر حرب قادمة، حيث كان الاعتداء الإسرائيلي يمس شرف الدولة التركية، وليس هناك ما يبرره، فالسفينة وكل من عليها هم مدنيون وفي مهمة إنسانية، والقرصنة تمت في المياه الدولية.. لقد عشنا لحظات صعبة، ولكننا كنا نفخر بهذا الزعيم التركي الذي فضح إسرائيل وكشف مستورها كدولة مارقة، لا تلتزم الشرعية الدولية، ولا تحترم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.. لقد تعرَّت إسرائيل فعلاً، وكان أردوغان محقاً في كل ما قاله، ولولا الاتصالات التي أجراها العديد من رؤساء العالم الذين أبدوا تعاطفاً مع الموقف التركي، ولكنهم في الوقت نفسه طالبوا أردوغان بضرورة ضبط النفس والابتعاد عن التصعيد.. ولولا الحكمة والحنكة السياسية التي أظهرها أردوغان وأركان حكومته، ربما أخذت المواجهة أبعاداً خطيرة.. وهذا ما عبر عنه أردوغان في مقابلة له مع فضائية الجزيرةبعد عام من الحادث، حيث قال:إن اعتداء اسرائيل عام 2010م على سفينة تركية تنقل مساعدات لقطاع غزة كان غيرمبرر. فالهجوم على "مافي مرمرة"، الذي وقع في المياه الدولية لا يتفق مع أي قانون دولي. في الواقع، كان هذا الفعل الإجرامي سبباًكافياً لتندلع حرب،ولكن تمشياً مع عظمة تركيا قررنا التصرف بصبر.
وجدد أردوغان هجومه على إسرائيل في حديث لصحيفة الشروق المصرية المستقلة، وقال:إن إسرائيل تحولت بمضي الوقت إلى طفل مدلل أفسده المحيطون به. وأضاف: إسرائيل لم تكتف بممارسة إرهاب الدولة بحق الفلسطينيين، وإنما أصبحت تتصرف برعونة تفتقد المسؤولية، وتستغرب أن يحاول أحد أن يدعوها إلى احترام القوانين السارية. وقال:إن إسرائيل لا تعترف بأخطائها ولا بأن العالم من حولها قد تغير، لا تريد أن تفهم أن في تركيا نظاماً ديمقراطياً حريصاً على أن يعبر عن ضمير الشعب وأشد حرصاً على أن يدافع عن كرامته.
لقد أسمع أردوغان إسرائيل ونتانياهو من مفردات الكلام السياسي ولغة التقريظ ومتطلبات أدب السلوك ما لم تسمعه طوال فترة وجودها من دولة أخرى، وكان درساً قاسياً لنتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، الأمر الذي جعل نتنياهو يتراجع، ويبدي استعداده للخضوع للشروط التركية.
31 مايو: أسطورة التحدي وذكرى الشهداء
حاولت البحرية الإسرائيلية تعطيل تحرك السفينة، وبث الخوف في قلوب ركابها، وذلك من خلال تحويم طائراتها الحربية فوق منطقة تحركها، وأحاطتها البوارج الحربية من كل جانب، وقامت بإطلاق التهديدات عبر مكبرات الصوت، ولكن كان الفتيان على ظهر السفينة يردون باستخفافٍ وهم يتابعون سيرهم بثقة وثبات باتجاه غزة.
وعند الفجر، بدأ الهجوم على السفينة بعملية إنزال شاركت فيها طائرات الهليكوبتر والبوارج الحربية، وقد تحرك الشباب للدفاع عن سفينتهم، وقد أبلوا بلاءً حسناً وتصدوا - بجرأة وجسارة - بما وصلت إليه أيديهم من أدوات الدفاع عن النفس، وأوقعوا العديد من الجرحى في صفوف الإسرائيليين، وقد أطلقت عناصر البحرية الإسرائيلية النار على كل من أظهر تحدياً لهم وتصدى لعنجهيتهم، فسقط تسعة شهداء وحوالي أربعين جريحاً كان جُلهم من الأتراك.
هذه الملحمة البطولية ما كان لها أن تمضي بالشكل الذي انتهت إليه، بحيث ترضخ إسرائيل لإطلاق سراح السفينة وكل من عليها من الأتراك والشخصيات الاعتبارية العربية والدولية، لولا الرسائل القوية والتهديدات التي وجهها رئيس الوزراء التركي – آنذاك - رجب طيب أردوغان إلى إسرائيل وحكومة نتانياهو.
لم تستطع إسرائيل إظهار نفسها كدولة فوق القانون، لقد أدركت أنها أخطأت، وكانت حماقتها من العيار الثقيل، حيث أدانها المجتمع الدولي، وحمَّلها وزر الجريمة، وتبعات الاعتذار وتعويض كل من المتضررين على متن السفينة.
إن أجمل ما في تلك الملحمة التي فضحت إسرائيل، هي حجم الإدانة والاستنكار والتنديد من معظم دول العالم بما أقدمت عليه إسرائيل من قرصنة في المياه الدولية، وذلك ضد سفينة مدنية تحمل متضامنين من حوالي أربعين دولة بينهم الكثير من الغربيين، وتتحرك من أجل هدف إنساني نبيل، ألا وهو كسر الحصار عن أهل غزة.
في العام التالي لذكرى "مافي مرمرة" كنت في زيارة لاستانبول، ودعاني الإخوة في هيئة الإغاثة التركية (IHH) لحضور الفعالية الخطابية بميدان تقسيم، والمشاركة في التظاهرة الحاشدة في شارع الاستقلال، والتي دعت لها الهيئة، وسيكون من بين المتحدثين الكثير من الشخصيات الاعتبارية التي كانت على ظهر السفينة.
وفعلاً؛ تحركت بصحبة بعض الإخوة الأتراك إلى مكان التظاهرة، حيث وجدنا أكثر من عشرة آلاف شخص جاءوا من أنحاء متفرقة من تركيا لإظهار تضامنهم مع أسر الشهداء والجرحى.. وكانت الهتافات كلها تطالب بالثأر لدم الشهداء، والموت لإسرائيل، كما كانت تمجد حركة حماس وكتائب القسام، وتطالب برفع الحصار عن قطاع غزة.
كانت التظاهرة مهيبة بحضور من شارك فيها من الشباب والشابات، وهدير الهتافات الصادرة عن الجموع المتحركة من أول شارع الاستقلال إلى "ساحة تقسيم" الشهيرة في وسط استانبول.
تحدث في تلك الليلة العديد من الشخصيات الفلسطينية والعربية والإسلامية والغربية، التي شاركت في القافلة، وكان من بينهم السيد بولنت يلدرم، والشيخ رائد صلاح، والدكتور عبد الرزاق المقري،...الخ
ومن الجدير ذكره، أن "مافي مرمرة" كانت - بحق -نقطة التحول في تاريخ حصـار غـــزة.يقول الناشط الحقوقي رامي عبده:"قبل منتصف 2010م، كان قطاع غزة يعيش وضعاً كارثياً لا يمكن وصفه، وكانت إسرائيل تتعامل مع الفلسطينيين في قطاع غزة، وفق "السعرات الحرارية"، ومعادلة الجوع التي كانت تكبر يوماً بعد يوم، إلى أن جاءت مرمرة، وكتبت تاريخاً جديداً في الحصار".
التغطية الإعلامية: عالمٌ مشدود وحدثٌ مشهود
كان الحدث - إعلامياً - يوماً تاريخياً لفضح إسرائيل وتعريتها أخلاقياً أمام العالم، حيث كانت التغطية يتم نقلها بشكل مباشر من على ظهر السفينة، ومن بين أمواج البحر المتلاطمة، وكذلك كانت هناك التفاعلات وردود الفعل التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة من ميناء غزة، ومن عواصم العديد من الدول العربية والإسلامية والبلدان الغربية؛ باعتبار طبيعةالشخصيات الاعتبارية المشاركة ضمن المئات من المتضامنين على ظهر السفينة.
في صباح ذلك اليوم، وجدت نفسي في دائرة الملاحقة والطلب لكل وسائل الإعلام العربية والدولية، الكل يريد أن يتواصل معي ويجري مقابلة حيَّة تبث مباشرة على الهواء، حيث أنظار الملايين تتابع وتتلهف لسماع أية أخبار حول السفينة وركابها.. كنت أتنقل بين المحطات الفضائية بشكل لم يسبق أن مرَّ في حياتي، مطلوب منك أن تتحدث لعشر فضائيات خلال فترة زمنية لا تتجاوز النصف ساعة، وعليك أن تحاول عدم تكرار نفسك بقدر الاستطاعة، وعليك أن تعيش اللحظات والثواني تسمع من مساعديك آخر التطورات، عليك أن تتحدث باللغة التي تدعو إلى الاطمئنان، وترسل رسائل تزرع الأمل وتبعث على التفاؤل.. عليك أن تبدو متماسكاً أمام الكاميرات، واثقاً بقوة وجرأة هؤلاء الذين ركبوا عباب البحر، وعقدوا العزم أن يصلوا إلى غزة مهما كانت المخاطر والتضحيات.
يوم كامل كنا نلاحق لحظاته، ونتابع مجرياته؛ نصنع الخبر ونلاحقه في الوقت نفسه، حيث كان الشباب معي في اللجنة الحكومية يتابعون الأخبار من وسائل الإعلام الإسرائيلية ويقومون بترجمتها وتزويدي بفحواها، وذلك بعد أن وجدنا انقطاعاً للأخبار من مصادر السفينة، وأصبحنا تحت رحمة ما يرشح من مصادر أمنية وإعلامية إسرائيلية.
في ذلك اليوم، أجريت قرابة ستين مقابلة باللغتين العربية والإنجليزية، حيث لم تكن هناك وسيلة إعلام لها حضور ومراسلون في غزة إلا وأجرينا معها حواراً أو اثنين في ذلك اليوم. بصراحة، لو كان هناك أحد من المشرفين على "كتاب جنيس للأرقام القياسية"لدخلنا التاريخ؛ كأول شخص يجري أحاديث إعلامية بهذا القدر في يومٍ واحد.
بالطبع كان هناك في الميناء الكثير من الشخصيات الحزبية والحركية ووزراء حكومة حماس، وكل كان له نصيبه من المقابلات والمداخلات والتعقيبات حول عملية القرصنة الإسرائيلية ومجريات الأحداث في عرض البحر.
كان يوم الثلاثين من مايو 2010م يوماً من أيام الكارثة والبطولة، حيث سقط الشهداء والجرحى ولكن بعد أن دافعوا بشرفٍ عن سفينتهم، وأوصلوا رسالتهم للعالمين، مما دفع الكثير من الشخصيات السياسية حول العالم التنديد بالجريمة الإسرائيلية، والمطالبة بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة.
كانت تلك الدماء التي سالت هي الشرارة لهبة الجماهير التركية ومطالبتها لحكومتها بقطع العلاقة مع "إسرائيل"؛ الدولة المارقة، والانتقام لشهداء أسطول الحرية.
لقد ظل مشاهد البطولة تترى، فلم تتوقف عند من سالت دماؤهم طهوراً من أجل فلسطين والمسجد الأقصى وفك الحصار عن شعب غزة، بل كانت بتلك التعبيرات التي أظهرتها تصريحات ومواقف أسرهم عندما تمَّ عرض مليار دولار لتسوية الخلاف وتعويض تلك الدماء، حيث نقلت صحيفة "يني شفق" في عددها الصادر بتاريخ 6 مارس 2015م، بعض ردود الفعللعدد من عائلات شهداء سفينة "مافي مرمرة"، حيث عرض رجال أعمال "إسرائيليون" في تركيا تعويضات لتلك العوائل بقيمة مليار دولار، بحجة أنها هبة لهم، كما عرضوا عليهم ما أسموه "بالخط الأخضر" لنقل المساعدات من مرسين إلى غزة بطريقة أسهل، على أن لا يُرفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة.
جاءت ردود فعل عوائل الضحايا رافضة بشكل قاطع لتلك العروض، يقول والد الشهيد فرقان دوغان: "سقط شهداؤنا من أجل حرية غزة، ليس من الممكن أن نقبل بالعروض، إلا أن تكون غزة حرة تماماً".
وأضاف والد الشهيد ابراهيم بلكان: "دم الشهداء لا يُقدر بثمن، وهدفنا النهائي هو رفع الحصار تماماً عن غزة.. إن عرضهم هذا مخجل جداً، وإسرائيل تريد أن تلعب لعبتها!". أما زوجة الشهيد جتينتوبجو، فقد قالت: "إن شرطنا الأول هو رفع الحصار.. وفي هذه الحالة، أرى أن التحدث عن التعويضات سفالة"!
ختاماً: ستبقى "مافي مرمرة" ذاكرة الدم والشهداء
كلما جاء يوم 31 مايو من كل عام يحيي الفلسطينيون في قطاع غزة تلك المناسبة بفعاليةٍ تُذكِّر بالمناسبة وبدم الشهداء، والتأكيد على عمق العلاقات التركية الفلسطينية، ويقوم بعض نشطاء المجتمع المدني بركوب البحر في منطقة الميناء وإلقاء الزهور؛ عرفاناً وتقديراًبالجهود التي بذلها أولئك المتضامنون، وخاصة الأتراك الذين ضحوا بأرواحهم، لأجل إيصال صوت غزة عالياً إلى العالم.
ستظل هذه الذكرى وملحمة البطولة مناسبة لأن يبقى التفاعل حيَّاً في قلوب الأجيال من أبناء فلسطين وتركيا.. فكما أن دماء خمسمائة فلسطيني سالت مع إخوانهم الأتراك عام 1915م، دفاعاً عن أراضي الدولة العثمانية في معركة "جناق قلعة"، فإننا - كفلسطينيين - لن ننسى شهداء أسطول الحرية من إخواننا الاتراك، الذين تخضبت مياه البحر الأبيض المتوسط بدمائهم، بهدف فك الحصار عن قطاع غزة.