السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

سلاح الفتنة وسلاح المقاومة ...ليسوا سواء

نشر بتاريخ: 04/06/2015 ( آخر تحديث: 04/06/2015 الساعة: 13:52 )

الكاتب: د. وليد القططي

هل أصبح إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني نوع من أنواع التعبير عن الاحتجاج على السلطة في غزة ؟! ، أو تعبيراً عن الغضب من مجموعة في المقاومة الموّجه ضد مسؤوليها ؟! ، وهل أصبحت المقاومة ضرباً من إظهار المعارضة الداخلية أو الضغط على أولي الأمر لتحقيق بعض المطالب ؟! ، وهل وصل الانحطاط في القيم الثورية إلى هذا الحد ؟! ، أم وصل العبث بمصير وحياة جزء مهم وكبير من الشعب الفلسطيني القاطن بقطاع غزة إلى هذا المستوى المتدني من السفاهة؟! ، أم إنّ الأمر أكبر من ذلك و يقع في إطار فتنة مخُطط لها لإيقاع قطاع غزة بشعبه و مقاومته في أتون حرب أهلية وفتنة داخلية ، تكون نسخة أخرى لما يحدث في بلدان ما يُسمى زوراً و بهتاناً بالربيع العربي . و ربما الدافع لهذه الفتنة في فلسطين أكبر لاسيما في غزة تلك البقعة الجغرافية التي لا زالت تمسك بشعلة المقاومة و توقد نار الثورة.

إن هذا العبث الذي يقوم به بعض الصبيان المغرر بهم ، والذين يطلقون الصواريخ من حينٍ لآخر لأسباب ليست لها علاقة بالمقاومة أو تحرير فلسطين ، يملكون في أيديهم سلاحاً لا ينتمي للمقاومة و الجهاد ، بل هو سلاح الفتنة و الشقاق، هذا السلاح الموّجه إلى كل الاتجاهات ماعدا فلسطين ، وتلك البندقية المصوبة إلى كل الصدور ما عدا الكيان الصهيوني , وكيف يوجه هذا السلاح إلى فلسطين ، وكيف تُصوب تلك البندقية إلى الكيان الصهيوني ، وأولوياتها التي يعلنها منظروا هذا الفكر و قادتهم هي قتال ما يسمونهم بالمرتدين و الرافضة و أنظمة الكفر، و الكيان الصهيوني لا يقع ضمن هذه التصنيفات بالطبع لأنه يقع ضمن تصنيف أهل الكتاب المؤجل قتالهم حتى القضاء على الفئات السابقة ، وهذا ليس مجرد تنظيم فكري فقط،بل يتم تطبيقه على أرض الواقع فعلاً عندما أخرجوا الكثير من الشباب المتحمسين للقتال من فلسطين و خاصة من غزة للقتال في سوريا و العراق و من قبلها أفغانستان و الشيشان و الصومال و غيرها ، وتركوا الجهاد في فلسطين أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول –صلى الله عليه وسلم_ و أرض الرباط المباركة و المقدسة حسب نص القرآن الكريم.

إنّ الدعوة للجهاد في أماكن أخرى غير فلسطين تصب في اتجاه واحد يستهدف حرف بوصلة الجهاد عن قضية فلسطين-قضية المسلمين الأولى - ، ومن يحمل السلاح في فلسطين في إطار هذا الفكر من أبناء الشعب الفلسطيني يؤمن بأولوية الجهاد ضد ما يسميهم بالمرتدين الذي عبّر عنه أحد قادتهم في سوريا بعد ما خرج من غزة و هو يضع رجله على جثة أحد المرتدين حسب تصنيفه بقوله"جايينكم يا حماس ويا جهاد" ، أي أنه قادم لفلسطين ليس لقتال العدو الصهيوني بل قتال حماس و الجهاد ، وهذا منحى خطير و منحرف في التفكير يؤدي إلى الصراع الداخلي في الأمة الواحدة ، و الدولة الواحدة ، و الشعب الواحد...و ليتأخر مشروع تحرير فلسطين إلى أجل غير مسمى حتى تنتهي هذه الصراعات الداخلية اللانهائية ، وأنّ ما يُحضّر لقطاع غزة يقع ضمن هذه الإستراتيجية الماكرة لأعداء الأمة و للكيان الصهيوني تحديداً، الذي يريد للمقاومة الفلسطينية أن تُنهك و تستنزف و أن تزداد الساحة الفلسطينية إرباكاَ الذي تعاني منه أصلاً يسبب الانقسام الفلسطيني.

إن الحفاظ على السلاح المقاومة نظيفاً و بعيداً عن أيدي العابثين و المستهترين و أصحاب مشاريع الفتنة بتطلب الحذر من تحميل غزة شعباً و مقاومة أكثر مما يتحملوا من أعباء عسكرية و اقتصادية و نفسية ، وهذا يعني أن يُستخدم سلاح المقاومة فيما أُعد له في إطار مشروع التحرير و إستراتيجية المقاومة ، وأن لا نزج به في أي صراعات داخلية أو حروب غير مخطط لها وليس لها أهداف واضحة تخدم قضية الشعب الفلسطيني الممثلة في التحرير والعودة والاستقلال.