السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

نميمة البلد: بدعة الاعلان الدستوري والخدمة المدنية والجمعيات الخيرية

نشر بتاريخ: 05/06/2015 ( آخر تحديث: 05/06/2015 الساعة: 10:58 )

الكاتب: جهاد حرب


(1) بدعة الاعلان الدستوري
يجري نقاش في الاروقة الضيقة حول إعلانٍ دستوري بحجة انقاذ النظام السياسي الفلسطيني وسد الفراغ الناجم عن الانقسام في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية. بالتأكيد التفكير في مسألة الحفاظ على النظام السياسي هي مسألة غاية في الضرورة لاستقرار البلاد أو الاصح للحفاظ على الكيانية وهو عمل صائب في حال كان نقاشا عاما يتحمل من خلاله الجميع مسؤولية ايجاد حلول ممكنة.
يتمحور النقاش حول من سيتولى رئاسة السلطة للمرحلة المؤقتة بحيث ينقسم الامر الى اتجاهين؛ الاول: يفضل النص على تعيين نائبا للرئيس يختاره الرئيس نفسه. والثاني: يفضل النص على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية الرئاسة المؤقتة.
يعتقد البعض ان مسألة الاعلان الدستوري هي مخرج أو حلا لازمة قادمة ستعصف بالنظام السياسي الفلسطيني. لكن هذا الحل هو في حد ذاته ازمة جديدة لا يقل ثقلها عن ازمة الانقسام. أجزم ان الحل الوحيد القادر على اعادة الشرعية للنظام السياسي ومناصبه الرئيسية (الرئاسة والمجلس التشريعي) هو صندوق الاقتراع دونه تبقى محاولات تطويع القانون والقفز عنه ما هي إلا "حلول جزئية" لا تحمي النظام ولا تمنح شرعية بل بالتأكيد تزيد أزمة النظام وحنق المواطنين.

(2) قانون الخدمة المدنية ازمة تفكير
اصدر الرئيس محمود عباس قرارا بقانون معدلا لقانون الخدمة المدنية ومن ثم جرى التراجع عنه بعدها لأسباب غير معلومة قد تكون في العوار الذي اصاب النصوص المعدلة، أو في الاحتجاج الذي جرى على تطويل الدرجات خاصة في الفئة الاولى.
لكن هذا العوار لم يصب فقط النصوص بل منهج التفكير بالنظر الى الخدمة المدنية وقانونها من نواحي عدة منها؛ اولا: سلق القوانين دون نقاش مجتمعي واسع بل ابقائه في حلقة صغيرة والاستعجال وكأنه امر طارئ لا يحتمل التأخير أو الانتظار . وثانيا: غياب التفكير في الفصل بين الدرجة الوظيفية والمسمى الوظيفي. وثالثا: التعديلات ليست فقط الاخيرة بل في مجملها تسير وفق نظرة واحدة فوقية لا تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات والاحتياجات القاعدية في القطاع العام أو حل المشاكل الكامنة في القانون.

(3) اللجنة الاستشارية للجمعيات الرئاسية ... والحصافة
أصدر الرئيس محمود عباس الاسبوع الماضي "مرسوما" بتشكيل لجنة استشارية للجمعيات الخيرية اعلن عن اسماء اعضائها دون الاعلان عن وظيفتها ومهامها واختصاصاتها وصلاحياتها سوى انها تقدم تقاريرها للرئيس. هنا لا اعتقد ان المشكلة في تشكيل اللجنة فقط بل في طريقة التفكير وطريقة اتخاذ القرار في المعقل السياسي الأول وغياب الاستشارة الحصيفة. فمن ناحية تم تعيين مستشار لشؤون المنظمات الاهلية ومن ثم تم انشاء هيئة المنظمات الاهلية برئاسة ذات المستشار. ومن ناحية ثانية قانون المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية لسنة 2000 ينص على جهات اختصاص سواء بالتسجيل "وزارة الداخلية" أو الترخيص "وزارة الاختصاص" وهي مؤسسات حكومية رقابية على اعمال الجمعيات بالإضافة الى اختصاص ديوان الرقابة المالية الادارية في الرقابة عليها. ناهيك عن ولاية هيئة مكافحة الفساد في مجال مكافحة الفساد داخل هذه الجمعيات.

هذا المرسوم يعني، دون توضيح اختصاصات اللجنة الاستشارية، أحد أمرين: إما عدم كفاءة جميع المؤسسات الحكومية العاملة، سواء في الرقابة أو غيرها، في مجال المنظمات الاهلية والجمعيات الخيرية، أو تغول مكتب الرئيس بتشكيل لجان استشارية بداخله بديلا عن المؤسسات الحكومية العاملة في هذا المجال أو ذلك أي بمعنى آخر سلب الحكومة ودوائرها المختصة اختصاصاتها وصلاحياتها.