السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الامم المتحدة وأطفال فلسطين

نشر بتاريخ: 07/06/2015 ( آخر تحديث: 07/06/2015 الساعة: 15:14 )

الكاتب: اكرم عطالله العيسة

اعتادت الامم المتحدة ان تصدر تقريرا سنويا تطرح فيه قائمة باسماء الدول التي ترتكب انتهاكات اتجاه الاطفال في مناطق النزاعات المسلحة، والانتهاكات تتباين بدءا من تجنيد الاطفال للمشاركة بالاعمال المسلحة وبالتالي تعريض حياتهم للخطر، كذلك اعتقال الاطفال وتعذيبهم وصولا الى عمليات قتل الاطفال او اصابتهم بجروح او استخدامهم كدروع بشرية اثناء العمليات المسلحة.

الحالة الفلسطينية تعتبر حالة مثالية من حيث تجلي ووضوح الانتهاكات اتجاه الاطفال " وهي الفئة العمرية اقل من 18 عاما" فحسب الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال في فلسطين فان هنالك اكثر من 300 طفل فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، وان الكثير منهم قد تعرض لاشكال عدة من التعذيب خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، وتؤكد هيئة شؤون الاسرى والمحررين الفلسطينيين الكثير من الحقائق المشابه.

بالمقابل فان اكثر من مؤسسة حقوقية اسرائيلية ودولية أكدت في تقارير متعددة ان هنالك انتهاكات متعددة الاوجة بحق الاطفال الفلسطينيين من قبل دولة الاحتلال منها مؤسسة بتسيلم الحقوقية الاسرائيلية، كذلك الحال مع بعض مؤسسات الامم المتحدة مثل مؤسسة اليونيسيف. وسجلت هيومن رايتس ووتش شكلا متقدما اكثر من حيث ادانة اسرائيل في قضايا اعتقال وتعذيب وقتل الاطفال الفلسطينيين.

خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة في تموز العام الماضي 2014 افادت التقارير بمقتل 540 طفلا فلسطينيا من بينهم 371 طفلا اقل من 12 عاما، وجزءا من هؤلاء الاطفال كانوا من نزلاء مدارس الاونروا التي لجأ لها الاف الغزيين بعد ان تدمرت بيوتهم او انهم هربوا بفعل سخونة وهمجية القصف الذي تعرضت له الكثير من المناطق في قطاع غزة خلال الحرب.

تشهد الايام الاخيرة حديثا متزايدا عن نية الامم المتحدة اصدار تقرير خاص بشأن قائمة الدول التي تنتهك حقوق الاطفال خلال الحروب والنزاعات المسلحة، حيث افادت وكالة رويتر للأنباء بأن ليلى زروقي مبعوثة الامم المتحدة الخاصة لشؤون الاطفال والصراع المسلح قد تقدمت بتقريرها المكون من 22 صفحة، ان القضية التي اثارها التقرير هي، هل سيشتمل هذا التقرير على ايراد دولة الاحتلال اسرائيل ضمن قائمة الدول التي ترتكب الانتهاكات اتجاه الاطفال ام لا؟
على الرغم ان بان كي مون وفي مذكرته المقدمة في بيروت في آب 2012 قد قال ان الاطفال الفلسطينيين المحتجزين لدى اسرائيل يتعرضون لسوء المعاملة والاعتداء الجنسي والاساءة اللفظية وكذلك للتهديد والحبس الانفرادي وتصل هذه المعاملة الى حد التعذيب" الا انه يبدي ترددا في ايراد اسرائيل ضمن القائمة. لا يمكن فهم ذلك الا في اطار خضوع الامم المتحدة لمعايير غير المعايير الحقوقية والانسانية التي اقيمت من اجلها الامم المتحدة.

حسبما افاد نفس التقرير لوكالة رويتر فان دولا ومؤسسات ودوبلوماسيين دوليين يمارسون ضغطا على بان كي مون، من بينهم الولايات المتحدة واسرائيل وحلفاء اخرين، مما يعني ان الابتزاز السياسي هو سيد الموقف، خاصة ان الانباء تتحدث عن ان زروقي قد قالت انها ضمت الجيش الاسرائيلي في المسودة التي أفادت بانها ارسلتها الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون والذي يمتلك الرأي الاخير بشأن الامر والتقرير.

بالمقابل فان العديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية وخاصة الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال – فلسطين كانت قد تقدمت من مكارم ويبيسونو "المقرر الخاص بحقوق الانسان" بتقارير عن مجمل الانتهاكات الاسرائيلية اتجاه اطفال فلسطين وذلك خلال جلسة مجلس حقوق الانسان الاخير في جنيف آذار 2015, ليتبع ذلك بيانا الاسبوع الماضي في نيويورك من قبل هيومن رايتس ووتش حثت فيه الامم المتحدةعلى عدم الرضوخ للضغوط من اجل استبعاد اسرائيل من قائمة الدول التي تمارس الانتهاكات بحق الاطفال.

بكل تأكيد فان حالة التردد التي يبديها بان كي مون وامكانية خضوعه للابتزاز وعدم تسمية الامور بمسمياتها عندما يتعلق الامر بالقضية الفلسطينية ليست بالمستهجنة وليست جديدة ولكنها تشكل اضافة الى حالة فقدان الثقة او على اقل تقدير تزعزعها اتجاه مؤسسات الامم المتحدة وهي التي عاشت ورأت عن قرب حجم الانتهاكات الاسرائيلية خلال مجمل الحروب الاخيرة على قطاع غزة، بحكم تواجدها المكثف في القطاع، وبحكم ان الكثير من مدارس الانروا قد تم استهدافها خاصة خلال الحرب الاخيرة.

اما اسرئيل وبعضا من حلفائها فهم لا يريدون اضافة وثيقة جديدة بهذا المستوى العالي من الاهمية حيث من الممكن استخدامها لاحقا في محكمة الجنيات الدولية او اية محاكمات اخرى لقادة الجيش الاسرائيلي هذا من جهة، ومن جهة اخرى فاسرائيل التي باتت قلقة جدا من حجم تزايد حملات المقاطعة التي تنمو ضدها عالميا فهي في غنى عن وثيقة دولية بهذا المستوى من الممكن ان تتسلح بها الكثير من المؤسسات والنشطاء العاملين في حملة مقاطعة دولة الاحتلال ومؤسساته.