الأربعاء: 13/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسرائيل تتلقى ضربة موجعة

نشر بتاريخ: 10/06/2015 ( آخر تحديث: 11/06/2015 الساعة: 13:33 )

الكاتب: سمير عباهرة

اشتدت الضغوطات الدولية على اسرائيل وجاءت هذه المرة من الولايات المتحدة، حليفها الاستراتيجي الاول على الساحة الدولية، والذي التزم بأمنها وبضمان تفوقها النوعي في منطقة الشرق الاوسط وهو ما استغلته اسرائيل لتكريس نفوذها ورفضها لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وحسمت المحكمة الامريكية العليا الجدل الدائر منذ اكثر من عشر سنوات، وأصدرت قرارا كان اتخذه الكونغرس الامريكي يسمح للمواطنين الامريكيين المولودين في مدينة القدس بتسجيل "اسرائيل" في سجلات ولادتهم، حيث جاء قرار المحكمة لاغيا لهذا القرار ورافضا الاعتراف بمواليد القدس الامريكيين بأنهم ولدوا في اسرائيل. وسمح القرار بتسجيل اسم القدس مكانا للولادة دون تحديد اسم الدولة المولود فيها.

قرار سياسي شكل ضربة موجعة لإسرائيل في وقت يسود فيه التوتر بين الجانبين ورسالة امريكية بعدم الاعتراف بسيادة اسرائيل وعدم شرعية سيطرتها على المدينة المقدسة باعتبار القدس الشرقية ارضاً محتلة حسب ما نصت عليه قرارات الامم المتحدة، وتأكيدا للسياسة الخارجية الامريكية بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

هل يشكل القرار تحولا في السياسة الخارجية تجاه اسرائيل ام ان المصالح العليا للولايات المتحدة الامريكية أملت اتخاذ مثل هذا القرار. بلا شك ان الادارة الامريكية كانت متخوفة من ان يصبح القرار الذي اتخذه الكونغرس قانونا نافذا قد يسبب اضرارا لا يمكن اصلاحها في قدرة الولايات المتحدة على التأثير في عملية السلام،لان القضية مست موضوعا حساسا يتعلق بوضع القدس. رغم وجود بعض الاراء التي ترجح ان احد الاسباب الرئيسية لاتخاذ هذا القرار هو ان اعتراف الولايات المتحدة بالقدس على انها مدينة اسرائيلية سيؤدي الى انتهاك حياديتها في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

لكن ربما يتعلق الامر بما هو ابعد من ذلك من حيث توقيته وينذر بقرب العودة الى المفاوضات وعملية السلام على اساس حل الدولتين وهي عبارة بقي الرؤساء الامريكيين يكررونها في كافة تصريحاتهم، وربما جاء القرار ردا على تصريحات نتنياهو بعدم تقسيم المدينة وابقاءها موحدة وعاصمة لإسرائيل، ليكون القرار الامريكي بان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية وعلى اسرائيل الالتزام فيه.

وفي الوقت الذي رحبت فيه القيادة الفلسطينية بقرار القضاء الامريكي واعتبرته انتصارا للقضية الفلسطينية ويكشف زيف ادعاءات إسرائيل جاءت ردود الفعل الاسرائيلية الاولية على لسان مراسل صحيفة "هآرتس" العبرية "حيمي شاليف" الذي اكد ان اسرائيل تلقت ضربة سياسية موجعة، وكذلك على المستوى القضائي وعلى مستوى صورتها ودعايتها، لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية "عمنوئيل نحشون" قال اننا "لا نتفاعل علانية مع قرارات محكمة اجنبية" في الوقت الذي طالب وزير شؤون القدس الاسرائيلي "زئيف الكين " الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل .
القرار جاء منسجما تماما مع قرارات الشرعية الدولية واعتبره محللون انه جاء في الوقت المناسب للرد على السياسة الاسرائيلية المتنكرة للقانون الدولي ومطالب الاسرة الدولية في العودة الى مفاوضات السلام والاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية.

الكرة الان اصبحت في الملعب الاسرائيلي حيث اشتدت الضغوط على اسرائيل ومن ابرز حلفائها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وعلى اسرائيل ان تدرك ان هناك جدية في هذه المواقف وان المطلوب اسرائيليا هو العودة الى مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني وعلى اساس حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

صبر الاسرة الدولية على إسرائيل بدأ في النفاد بعد ما تسببت اسرائيل في تجميد عملية السلام التي تعتبرها الولايات المتحدة مشروعا امريكيا كانت البادئة في اطلاقه وبشروط وضمانات قدمتها للطرفين وكانت اسرائيل من نقضت هذه الضمانات والشروط وأصرت على تمسكها بمواقفها وفرض شروطها من اجل العودة الى المفاوضات وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني وأصر ايضا على موقفه بعدم العودة الى المفاوضات الا باستجابة اسرائيل لاستحقاقات عملية السلام، وبات هناك شبة انسجام امريكي واوروبي مع الموقف الفلسطيني لقناعته بان سبب تراجع عملية السلام يتحمله الجانب الاسرائيلي وان لم تظهر الولايات المتحدة ذلك علانية، لكن ما كان يقرأ ما بين السطور يؤكد حقيقة ذلك، ولهذا رأينا الضغوط تنهال على نتنياهو من قبل حلفاء اسرائيل في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي.