نشر بتاريخ: 15/06/2015 ( آخر تحديث: 15/06/2015 الساعة: 11:36 )
الكاتب: صادق الخضور
بعد مرور عام على تشكيل حكومة الوفاق، شهد الأسبوعان الماضيان ارتفاع أصوات متحدثة عن عدم نجاح الحكومة في تأدية مهامها لأسباب كثيرة، يبرز في طليعتها أن الحكومة لم تُمنح فرصة العمل بأريحية علاوة على أن عدم تمكينها من العمل في قطاع غزة، ووضع قضية استيعاب الموظفين هناك شرطا للتعاون معها، من الأمور التي زادت المصاعب أمام الحكومة التي يحاول كثيرون تقييم عملها بعد عام انقضى بتناسي انعدام الظروف الموضوعية التي كان من شأنها إنجاح عملها.
إن التقييم العام لعام من عمل الحكومة يشير وبلا أدنى شك إلى أنها عايشت مرحلة مراوحة المكان في كثير من المجالات، وهذا طبيعي في ضوء ما رافق مسيرتها من عثرات بلغت أوجها خلال الزيارة الأخيرة للحكومة للقطاع، ويبدو أن تعامل البعض مع الحكومة باعتبارها وسيلة لكسب عنصر الوقت أملا في حدوث تغيرات إقليمية أو مفاجآت على صعيد التحالفات يندرج في إطار التعامل مع بقاء الحكومة باعتباره وسيلة لا غاية، وبالتالي فإن التقييم يكشف ودون عناء عن أن الحكومة لم تحقق كثيرا من الأهداف المعلن عنها، وفي طليعتها إنهاء حالة التباين في الرؤى ما جعلها والوفاق على طرفيْ نقيض وهي التي كان من المفترض أن تكون مظلّة للوفاق.
بغض النظر عن الأسماء وتركيبة الحكومة، فإن الحكومة كحكومة لم تحظ بالحد الأدنى المفترض من المقومات التي تكفل لها النجاح، ويسجّل لدولة رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله رباطة الجأش وسعة الصدر، والاحتفاظ بالأمل المتمثل في أن تكون هناك محاولات جادّة من المعنيين وتحديدا في القطاع لجعل الحكومة تعمل بعيدا عن الضغط، ولو تصرّف الرجل بمنطق ردّ الفعل لكانت الحكومة انتهت بنهاية زيارة الوزراء لقطاع غزة بل وحتى خلال حصارهم في مكان إقامتهم في خطوة مرّ عليها كثيرون مرور الكرام.
بعد عام؛ يشير التقييم العام إلى أن الحكومة عايشت مرحلة عدم الفاعلية، واصطدمت غير ذي مرّة بعقبات عسيرة جدا من الممكن أن تطيح بأيّة حكومة، لكن المفارقة التي كانت هي أن الحكومة استمرت في عملها كيف لا وهي حكومة وفاق؟ والوفاق الذي لم يتحقق فعليا هو السبب في بقاء الحكومة، ومنحها ضمانات الاستدامة.
بعد عام، يطالب كثيرون بالتقييم الموضوعي لعمل الحكومة لا فقط من منظور ما أنجزته بل من واقع مدى تمتعها بالظروف التي من شأنها إنجاح عملها، وهو ما يعني أن التسليم بتواصل الظروف المعيقة يعني تلقائيا تواصل حالة وجود الحكومة في مربع محصور من خيارات العمل، فالمعابر مثلا قضية وضح من البداية أنها موضوع فاصل في مجرى سير الحكومة، فهل طرأ تحوّل على موضوع المعابر؟
موضوع الحكومة أقرب ما يكون لأن ينطبق عليه المثل الشعبي:"القصة مش قصة رمانّة بل قصة قلوب مليانة"، وكذا كان، وهذا يستوجب أولا ودون تأخير تناول الموضوع بعمق يعالج إن كان هناك أمل فعلا في توفير الوفاق الذي غاب وغيّب معه الانطلاق، والأولوية يجب أن تكون لما يحيط بالحكومة.
بعد عام من عمل الحكومة عفوا من وجودها -لأنها والحق يُقال حُرمت من فرصة العمل- نجد أن الحديث عن ضرورة تبني إستراتيجية جديدة له ما يبررّه، وأن التقييم العام لعام من العمل يكشف وبوضوح عن تواصل ما يحول بين الحكومة وبين العمل دون منغصّات، ولعل الجديد مع انقضاء عام أنْ لا جديد سوى استثمار البعض كل فرصة للحديث عن أن الحكومة لم تعمل دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية البحث في أسباب لماذا لم تعمل.
الغريب أن الأكثر تشكيكا في عمل الحكومة هم الأكثر تسببا في إيجاد واقع عجزت معه الحكومة عن العمل والإنجاز، وبعد مرور عام ظلّت فيه المعابر بمعزل عن الحكومة، حان الوقت لاستخلاص العبر، ولمكاشفة تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، والسؤال الأهم: هل أخفت الحكومة؟ أم كانت ضحية إخفاق تحقيق جهود الوفاق؟ والإجابة عن هذا السؤال هي وحدها الكفيلة بالبدء في تقييم عام للعام الذي عانت فيه الحكومة على أكثر من صعيد.