الكاتب: بهاء رحال
وإذا سألوك عن غسان !!
قل لهم : هو إبن عكا الذي أوى الى يافا
فأرتجفت أمه من ألم المخاض وبكاه شعبٌ
كامل في الرحيل ..
وهو صوت نشيدنا الذي تمرد صرخةً ..
حرفاً فحرفاً حين نادى بكل أوجاع الشعار
في قلب المعنى ..
فلتقرعوا الخزان ولتوقفوا الرحيل
وإذا سألوك عن يافا !!
قل لهم : ينبت العشب في غابات برتقالها
كما يسكن الحب عرش بيوتها القديمة ويحملق
في ذاكرتنا ..
هي أخت حيفا .. وجارة عكا.. هي لهفة كنعان
الأولى .. ودهشة البحر حين يغازلها بموجه
العالي .. موجةً موجة .. وضحكة ينبت من رسمها
صلاة جدتي
وإذا سألوك عن ادوارد !!
قل لهم : كان يلملم بقايا الشرق الجميلة وينثرها
في ترحاله ، كان وجهاً آخر ولغة يكبر في عمقها
المعنى حين تلامس قلوب قرائها ..
كان أجمل من رصانة الورق ، وأبلغ من رتابة
الحروف ، لأنه كان عميقاً يشبه المدينة التي
ولد فيها قبل أن يتعلم السفر
وإذا سألوك عن المنفى !!
قل لهم : شتات يعانق الرحيل ويمعن في اغتيال
فرحك بالحياة .. هو اغتراب صوب مجهول .. ولعنة في خاصرة الزمن ..
وهو عبثية المحاولة في تجاوز الحاضر .. "بالغرق"
حين تعلق امنياتك على جدران الخيبة وتكتب شعراً
يمسح عن جبين الوقت ظل انكساره
فتصاب "بالأرق" ..
وإذا سألوك عن الشتات !!
قل لهم : بؤس الحياة حين تقسو عليك
فلا ترد لك شملك ويضيع العمر في غربة
الانتظار ..
لاشيء يشبهك في منفاك .. لا وطن
يدلل عاطفتك التي تجاوزت عمرها .. والعمر
يمضي في سراب
وإذا سألوك عن الوجع !!
قل لهم : لا يعد ولا يحصى ، هو بعمر هذا المخيم
وثوب جدتي المطرز بحنائها المجبولة بعرق جدي في الحقل
هو لا يقال بالكلام .. ولا يكتب على ورق ، وعمرة تعتق في القلب والروح ودمعات الحدق ..
سادة الحياة فرقوا شملنا فضاعت فلسطين وضاقت بنا بلاد العرب ..
وإذا سألوك عن أمي !!
قل لهم ، على حالها تبكي أبي الذي ظل يحلم
بأرض عودته حتى مات غريباً في منفاه ..
على حالها ..
ترتب ورد الحديقة في الصباح ، تقوم ليلها
بالصلاة وتستحضر صوته في الأمكنة ..
تظللنا بضحكة وفنجان قهوة وتحبس دمعها
في القلب ، والقلب لا يشفى من البكاء
وإذا سألوك عن الموت !!
قل لهم ، ولادة أخرى فلا تحزن لهذا الرحيل
ولا تبك غياب من يولدون في محطات جديدة ..
قد يبدلون اسماؤهم .. عناوينهم .. أغنياتهم ..
لكن أحلامهم تبقى تحلق في أرواحهم الدافئة ..
وتبقى الحبيبة هي الحبيبة .. ظلُ شعاعٍ يسقط فيك
وإسمٌ يصادف ذاكرتك