نشر بتاريخ: 17/06/2015 ( آخر تحديث: 17/06/2015 الساعة: 09:27 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
شعرت بالخجل و الإستغراب من أحد الصحافيين الذي طلب رأيي حول إقامة عرض أزياء للأطفال في مدينة غزة قبل عدة أيام، الخجل و الإستغراب وكأنه يجب علي أن اتابع كل كبيرة وصغيرة، ربما هذه هي المرة الثانية التي يقام في غزة حدث من هذا النوع، ولم أتابع ردود الأفعال أو لم يلفت نظري على الأقل على صفحات الفيسبوك، وحدث كهذا في غزة وتركيبتها الحالية والشعارات التي تتردد يستدعي جدل كبير ونقاش بين الحلال والحرام والفقر والبطالة وان غزة المنكوبة ليس من حقها ان تتماها مع محيطها في كل ما هو إنساني، وإن قدر لها ان تكون كما يريدها البعض منا وقبل منهم الاحتلال الذي لو تركنا وشأننا لكنا الآن في فلسطين وليس في غزة فقط عظماء ولما كنا مهانين أو متخلفين كما قال الراحل ادوارد سعيد.
عرض الأزياء اختلفنا أو اتفقنا حوله جاء في سياق ربما غير مخطط له أو هو جزء من حالة يقوم بها بعض الفنانين و المصورين بصناعة لوحات فنية جمالية لغزة لتغيير الصورة النمطية القائمة على القتل والدمار والخراب وغياب أسس الحياة البشرية الطبيعية، ويلعب الفنانين فيها دور كبير لمحاربة هذا التنميط من قتل الحياة، ومطلوب منهم دور أكبر وتشجيع وحث على الإستمرار في ذلك من خلال أعمال ذات رؤية و أكثر جدية لتسخيرها في خدمة المشروع الوطني وخلق حالة ثقافية في مواجهة هذا العبث الذي نعيشه.
كل هذا التناقض والتشويه في غزة منذ ثماني سنوات هي عمر الإنقسام التي تحل ذكراه المشؤومة في حزيران الأسود كباقي الشهور السوداء الكثيرة في حياة الفلسطينيين، وسنة على ذكرى الحرب على غزة وخرابها ما زال قائم و عدم اتخاذ أي خطوة بإعادة الإعمار، والحديث المحزن الدائم عن انفجار غزة وتحذيرات إسرائيل من الانفجار وإدعائها انها الوحيدة و الحريصة على إعادة الإعمار وأن من يعطله هي السلطة وحركة حماس.
ومرور سنة على المطالب و والوعود والشعارات المحقة التي رفعتها المقاومة برفع الحصار و إقامة مطار وميناء وكنس الإحتلال، فلا الحصار رفع ولا الميناء أو المطار أقيما، وما تقدمه اسرائيل حتى الآن من خلال خطة سيري السيئة الصيت والسمعة عبارة عن تسهيلات لا تغني ولا تسمن من جوع.
و ما تم تنفيذه هو وقف إطلاق نار هش وتسريبات في القنوات الخلفية عن إتفاق تهدئة طويل الأمد بين حماس وإسرائيل بوساطة ورعاية أممية قطرية تركية، لا نعلم مدته الزمنية، إتفاق تهدئة إن تم كما يسرب لن يكون في مصلحتنا لأنه سيكرس الإنقسام والتفوق الإسرائيلي والسياقات التي يريدها، ومجموعة من التسهيلات وسيكون سقفه غزة والاستمرار في عزلها وفصلها، وموظفين ورواتب ومشاريع إغاثية دولية ومحلية و بطالة مقنعة، وسلاح فائض وشوارع جكر وصورايخ جكر وملاحقات ومشروع وطني تائه.
إسرائيل مستمرة في مشاريعها وبقاء الاحتلال والاستيطان وفرض الحصار وفرض معازل في الضفة الغربية، وتهويد القدس والتضييق على عرب 48، وعدم التهاون في أمن دولتهم.
والخلاف و الإنقسام الفلسطيني سيد الموقف، والفلسطينيون مصرون على استمراره وتعميقه، بطرق مختلفة مرة بتحميل بعضهم المسؤولية عما يجرى في القطاع، ومرة على التهدئة طويلة الأمد و مرة على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وإصلاحها، ومرة عن طريق الاختلاف على إعادة إعمار غزة، و الخلاف في وسائل مقاومة الاحتلال.
لكن سيبقى الرهان والمعركة الحقيقية لدى الفلسطينيين على إنهاء الانقسام، والتوحد من أجل دحر الاحتلال والتصدي لمشاريعه، من خلال إستراتيجية وطنية وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير و إصلاحها وإعادة تأهيلها والاتفاق على برنامج يحفظ الحقوق والثوابت.