الأربعاء: 18/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

قرار سيادي بفرملة "التسهيلات" الاسرائيلية

نشر بتاريخ: 18/06/2015 ( آخر تحديث: 18/06/2015 الساعة: 13:03 )

الكاتب: سمير عباهرة

تباينت ردود الفعل الفلسطينية حول قرار الرئيس الفلسطيني بوقف تسليم التصاريح التي اصدرتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بموجب "التسهيلات" للدخول الى مناطق 48 وانقسمت الاراء بين مؤيد للقرار ومعارض له وكل له وحساباته ودوافعه. وانطلق المؤيدون للقرار في دفاعهم عنه لأسباب سياسية تتعلق بالمواقف الاسرائيلية من عملية السلام ومن القيادة الفلسطينية واعتبروا ان هذه ألتسهيلات لن تكون بديلا عن المطالب الرئيسية للشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال. اما المعارضون للقرار فعلى ما يبدو ان دوافعهم كانت عاطفية بدرجة كبيرة بعيدة عن المنطق السياسي الذي يفرض نفسه على واقع الحياة الفلسطينية وتحديدا في علاقتنا مع الاحتلال وطغى على تفكيرهم الارتياب والشكوك في كل خطوة تقربهم من القيادة الفلسطينية وربما تأثر البعض منهم بجمل من التحريض كانت تصل الى مسامعهم.

بلا شك ان القرار الفلسطيني قرار سياسي وله دلالات سياسية واضحة ويتعلق في الاساس بفرض السيادة الوطنية على الاراضي الفلسطينية ويتعلق ايضا بالمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وان السلطة الفلسطينية لن تكون جاهزة لتنفيذ قرارات اسرائيلية،ولن تكون شاهدا على الابتزاز الاسرائيلي لشعبنا وان محاولات اسرائيل لفرض اجندتها على السكان الفلسطينيين تحت بند ما يسمى بالتسهيلات المقدمة لهم هي محاولات ذات طابع سياسي تهدف الى احداث ثغرة في النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتحقيق فجوة ما بين الشعب الفلسطيني وقيادته حيث رأت اسرائيل ان هذه التسهيلات تأتي لإزالة اثار الكبت والحرمان الذي يعانيه الشعب الفلسطيني.

بلا شك ان اسرائيل حاولت تحقيق اهداف سياسية واقتصادية جراء ما عرف بحملة التسهيلات هذه، وهي ليست اكثر من دعاية تحاول اسرائيل الترويج لها وتحديدا في اوروبا بعد ازدياد الضغوط عليها نتيجة مواقفها من عملية السلام ونتيجة السياسة الاسرائيلية التي تتعارض مع مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية حيث وصل التهديد الاوروبي الى حد فرض المقاطعة. في حملة " تسهيلات " الموسم قبل الماضي قامت اسرائيل بتصوير ابناء شعبنا المتواجدين على الشواطئ الاسرائيلية واستثمرتها اسرائيل سياسيا في العالم تحت بند انه لا يوجد حواجز اسرائيلية تحول دون وصول الشعب الفلسطيني الى اسرائيل وتسبب ذلك في احداث تحول في الرأي العام الاوروبي الذي كانت اتجاهاته تميل لصالح الفلسطينيين وتشير الى اسرائيل بصفتها دولة محتلة مغتصبة.

لا نريد لهذا السيناريو ان يتكرر فشعبنا الفلسطيني الذي قدم تضحيات جسام للدفاع عن مشروعه الوطني قادر بوعيه وصموده على افشال كافة المخططات الاسرائيلية التي تهدف الى عدم الاستقرار في الساحة السياسية الفلسطينية والى صناعة الانقسام.
ان الاقتصاد يمثل العمود الفقري للدولة وعليه تبنى كافة القواعد الاخرى لأنه بدون تمويل مادي لا يمكن نجاح اي عملية كانت وهذا ما تهدف اليه اسرائيل جراء خطوتها هذه في ضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني من ناحية وتنشيط اقتصادها من ناحية اخرى. فهذا الكم الهائل من التصاريح التي تم اصدارها والتي تتيح لأصحابها الدخول الى اسرائيل والتسوق هناك سوف تدر ملايين من الدولارات على الاقتصاد الاسرائيلي ونعتقد ان هذا هو الهدف الاساسي لإسرائيل.
لا نريد تسهيلات كاذبة تستبيح وطنا وأرضنا بل المطلوب وقف الاستيطان والإفراج عن كافة الاسرى في السجون الاسرائيلية والانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي التي احتلتها عام 1967 وهذا هو الحد الادنى المطلوب فلسطينيا.

وعلى ما يبدو ان اسرائيل تهدف ايضا الى تصفية حسابات شخصية مع القيادة الفلسطينية لأنها ساهمت في تعرية اسرائيل وكشفها في الساحة الدولية فكثيرا ما سمعنا تصريحات اسرائيلية من هذا النوع وبان الرئيس ابو مازن ليس شريكا في عملية السلام وان القيادة الفلسطينية تتحمل مسئولية فشل هذه العملية. اسرائيل جربت سيناريوهات كثيرة من اجل اخضاع القيادة الفلسطينية لكنها عجزت تماما في احداث اي تغيير على المواقف الفلسطينية التي تستند الى الثوابت الوطنية والى الالتفاف الجماهيري حولها.