نشر بتاريخ: 21/06/2015 ( آخر تحديث: 21/06/2015 الساعة: 10:51 )
الكاتب: حمادة فراعنة
قرأت بإمعان ترجمة مقالتك عن صحيفة هآرتس يوم 15/6/2015، والموجهة نحو رؤساء الجامعات الإسرائيلية الذين وفدوا إلى منزل الرئيس روفلين، بهدف التجنيد والحث على العمل الموحد السياسي والأكاديمي لمواجهة حملة المقاطعة الدولية لمؤسسات إسرائيلية بما فيها الجامعات، وإقتراحك عليهم بدلاً من التوجه إلى منزل رئيس الدولة، التوجه نحو مدرسة أبناء البدو الفقراء في منطقة الخان الأحمر كي يعوضوا عما فاتهم من واجب، وعن تقصيرهم نحو جيرانهم الفلسطينيين.
ما كتبته وما عبرت عنه بشجاعة في مقالتك التي حملت عنوان اخرجوا من البرج العاجي أشعرتني بالخجل لوجود شخصية شجاعة بطرف العدو يتبنى بهذا الوضوح معاناة الشعب الفلسطيني ويدافع عنه، ويُطالب بإنصافه ويُدين بقوة كل من يتعامى عن عذاباته على أيدي المستوطنين، وعوضت عما في نفسي من خسارة، وفتحت بوابة أمل نحو المستقبل تُفيد أن ثمة شركاء للفلسطينيين من الجانب الإسرائيلي، يتكاثر عددهم، ويزداد وضوحهم، وسيكون لهم التأثير المناسب لجعل المتطرفين والعنصريين معزولين عن قيادة الشعبين اللذين لا مفر أمامهما سوى البحث عن وسائل وأدوات وفرص العيش المشترك على الأرض الواحدة.
من جهتي لقد بذلت جهوداً، دفعت ثمنها باهظاً في بلدي، حينما وجهت لي تهمة التطبيع وأنا لست كذلك، بل كنت أبحث عن شركاء في الجانب الإسرائيلي لديهم الوضوح والشجاعة في الإنحياز للشعب الفلسطيني بعد أن تم التوقيع على معاهدة وادي عربة، والتوصل إلى إتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل، وكدت أفقد الأمل بسبب وضع اسمي لدى النقابات المهنية ضمن القائمة السوداء وتم فصلي من العمل من الصحيفة التي كنت أعمل بها نتيجة المطالبات بمعاقبتي على خلفية اللقاء الذي جمعني مع رئيس الكنيست دان تيخون حينما كنت عضواً في البرلمان الأردني، كما تم منعي من زيارة فلسطين على خلفية مقالاتي التي لم تعجب السفير الإسرائيلي في عمان ووصف مواقفي على إنها متطرفة ومعادية لإسرائيل ، مثلما سبق وأن كتب عني جاي باخور مقالاً تحريضياً قال فيه أنني أتمسك باسم فلسطين وأرفض تسميتها بإسرائيل، وأنا كذلك، لأنه رفض تسميتها بفلسطين، وكان ردي عليه : وأنا أرفض تسميتها بإسرائيل ، وكان عليه أن يدرك مثلما مطلوب مني أن أدرك أن هنالك حقائق صنعتها الحياة، ومفادها أن ثمة شعبين الفلسطيني والإسرائيلي يعيشان على الأرض الواحدة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ولا خيار لهما سوى العيش المشترك إما عبر تقاسم الأرض بإقامة دولتين متجاورتين متعاونتين، أو دولة ديمقراطية واحدة للشعبين، ثنائية القومية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومتعددة الديانات من المسلمين والمسيحيين واليهود والدروز وغيرهم.
وعلى الرغم من عدم تفهم الذين قابلتهم وإلتقيت بهم أنني أفخر لكوني عربيا مسلما ومواطنا أردنيا من أصل فلسطيني، مثلما أنت يهودي إسرائيلي، وأفهم أنك لن تتخلى عن يهوديتك وإسرائيليتك وأنا لا أطالبك بغير ذلك، مثلما عليك أن تفهم أنني لن أتخلى عن ارتباطي وولائي الإسلامي العربي الأردني الفلسطيني، وهذا مصدر وقيمة ما كتبت، فالمطلوب أن تبقى يهودياً وإسرائيلياً، ومن موقع يهوديتك وإسرائيليتك تتعاطف مع معاناة الشعب الفلسطيني وتتحسس ظروفه وتتجاوب مع تطلعاته، كما كتبت وعبرت عنه في مقالتك المذكورة، كما فعل عاموس عوز، ويهوشع، ودافيد غروسمان وغيرهم.
السيد شلومو لاكر : مثلما طالبت رؤساء الجامعات الإسرائيلية أن يخرجوا من عزلتهم ويزوروا مدرسة الخان الأحمر البدوية والتي اعتبرتها في مقالتك على أنها رمز للقمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ورمز لسلطة الفصل العنصري مقارناً بين بيوت الصفيح والخيام المعرضة للهدم على أيدي رجال الأمن الإسرائيليين وبين مستوطنة كفار أدوميم المجاورة المقامة على أراضي الفلسطينيين المصادرة المملوءة بالمنازل الجميلة المحاطة بالحدائق الخضراء ولديها مراكز ترفيه وبرك سباحة ومبان رياضية، وعليهم تخيل مظاهر الوضع للمشهدين المتجاورين؛ سكان الخان الأحمر الفقراء المعدمين وسكان مستوطنة كفار أدوميم المرفهين، وأن على الأكاديميين الإسرائيليين ورؤساء الجامعات الذين توجعوا من بروز بعض مظاهر المقاطعة لهم من قبل الأكاديميين في أوروبا، أن يتذكر هؤلاء من الأكاديميين ورؤساء الجامعات أنهم يتجاهلون الاحتلال العسكري المستمر منذ عشرات السنين، وفرض نظام كولونيالي على الضفة الفلسطينية، وتخلي الدولة عن القانون الدولي والإنساني وممارستها الأحجاف بحق السكان الفلسطينيين، وأن على الأكاديميين الإسرائيليين أن يتذكروا واجبهم الأخلاقي والصحيح وإن تأخروا عن أدائه لعشرات السنين، مما يجعلني أن أقول لك لقد فعلت الأمر الأخلاقي الصحيح، ولهذا فإنك تستحق التقدير مثلما تستحق الاحترام لعل غالبية شعبك الإسرائيلي يصل إلى النتيجة، وأن يدركوا أن لا خيار لهم سوى العيش المشترك والأمن الواحد للطرفين على الأرض الواحدة مع الفلسطينيين الذين لا وطن لهم سوى فلسطين المصادرة المنهوبة من طرف المستوطنين!!.