الإثنين: 07/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

غريب ..وليس غريبا

نشر بتاريخ: 24/06/2015 ( آخر تحديث: 24/06/2015 الساعة: 12:53 )

الكاتب: صادق الخضور

غريب أنه وفي خضم الحديث عن دعم المنتج الوطني، تبرز دعوات بالشراء من أماكن أخرى لأن أسعار الدجاج فاقت التوقعات، وهذا في رأيي ليس مبررا لأن تغدو بعض المنابر بمثابة بوق دعائي للمنتجات غير الوطنية، صحيح أن الناس باتت منتوفة الريش بحكم ارتفاع أسعار الدجاج، وقد نطحها الغلاء لارتفاع أسعار لحوم العجل، لكن هذا ليس مبررا، فقد طوينا بكبسة زر كل حملات المقاطعة، واكتشفنا أن تلك الحملات كانت على أسس هشّة سرعان ما تهاوت مع أول اختبار، ولو تم توفير النقود التي خصصت للحملات لصالح دعم بعض المنتجات، لكانت النتائج أفضل، والقضية في النهاية أن التنظير لدينا غالبا ما يتفوق على العمل المدروس، وأننا لا زلنا في دائرة رد الفعل لا صناعة الفعل ذاته، وبدلا من دعم اقتصادنا الذي يرزح هذا العام تحت كساد مبالغ فيه، نجد أن البعض يتساوق مع فكرة الشراء من خارج السوق الفلسطيني للضغط على التجار، وهم بالأساس مغلوبون على أمرهم، والموضوع لا زال بحاجة إلى معالجة حكومية تنهض بالاقتصاد الذي لم ينهض بعد رغم توالي المؤتمرات والحديث عن استثمارات لو كتب لها أن ترى النور فعلا لكان اقتصادنا بخير، لكن المؤتمرات منذ سنوات تتوالى وطابعها السياحي لم يجلب معه أي أفق ارتياحي، وبلغة الطب يبدو أن الاقتصاد بحاجة إلى تدخل جراحي، فالمراهم الموضعية والحلول الترقيعية لم تنجد الاقتصاد، ولا زال التركيز في الجباية على الملتزمين، ولا زال المتهربون بمنأى عن كل الإجراءات وغريب.

وليس غريبا أن يتم اللجوء لخيار تجديد الحكومة، فهي لم تمنح الفرصة للعمل، وطولبت بأن تكون كاملة الإنجازات وهي التي لم تحظ بفرصة أن تكون كاملة الصلاحيات، ومجرد حرمانها من السيطرة على معابر القطاع تجريد لها من المعنى الفعلي لتولي الصلاحيات، وترافق ذلك مع وجود إجراءات عملية على أرض الواقع أفرغت الحكومة من مضمونها، ففرض الضرائب على المواطنين وعلى السيارات في القطاع، وحتى الحاجة إلى إذن خاص لتنظيم مهرجانات وفعاليات، وغيرها الكثير من الممارسات أصابت الحكومة في مقتل.

وليس غريبا أن تناط بالدكتور رامي الحمد الله مهمة إعادة تشكيل الحكومة الجديدة، فالرجل حاول وحاول، وواجه صعوبة دمج القطاع مع الحكومة، ورغم ذلك نجحت الحكومة في العمل عاما ويزيد أملا في أن يكون هناك جديد، ويسجّل لرئيس الحكومة رباطة الجأش وسعة الصدر، ومحاولة لململة ما تناثر من أوراق الوفاق.

الغريب كثير، وما ليس غريبا كذلك، لكن الحال صعب، ويبدو أن المرحلة المقبلة حافلة بالمتغيرات السياسية التي تتطلب الوقوف الدائم خلف القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس وهي تحاول تحقيق إنجازات، وقد حان الوقت لمزيد من الفعاليات الجماهيرية والشعبية والرسمية التي تؤكد الوقوف خلف القيادة.

المرحلة حرجة، ومع إمكانية تجديد الحكومة نأمل ونتأمل أن يطال التغيير المنهجيات والسياسات في كثير من المجالات، فثمة ملاحظات كثيرة تشغل بال الناس، وقد حان الوقت للتعاطي معها برؤية إبداعية، وليس أدل على ذلك من قضية الخريجين العاطلين عن العمل فقد باتوا بعشرات الآلاف وهم يشكلون معضلة تتطلب حلا سريعا ومعالجة ترتقي إلى مستوى الحدث.

الاقتصاد وهمومه، والخريجون ومعاناتهم، والثقافة وحالها البائس، وغيرها من المجالات بحاجة إلى متابعات، ومعها بطبيعة الحال الانقسام وإنهاء فصوله، لكن التجربة علمتنا أن من الأهمية بمكان عدم الركون إلى انتظار طال أمده، وليكن عمل الحكومة- أيّة حكومة- منطلقا من احتمالين هما أن الانقسام مرشح للانتهاء غدا، أو أنه سيكون بنهاية مفتوحة أي بلا نهاية، وهذا هو الأرجح، وحينها فقط يمكن العمل دون البناء على جسور من الخيال.