نشر بتاريخ: 27/06/2015 ( آخر تحديث: 28/06/2015 الساعة: 12:35 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
مع توالي الاحداث الدامية في العالم العربي ، و" موضة " قيام مسلمين انتحاريين بتفجير مساجد مسلمين اخرين في يوم الجمعة وفي شهر رمضان ، يجوز هنا اعادة التفكير في كل الامور ، وبينها الورقة الفرنسية ومبادرة وزير الخارجية الفرنسي فابيوس لاعادة الاطراف الى طاولة المفاوضات ( الفلسطينيون كرهوا الطاولات كلها بسبب المفاوضات ) .
وعود على بدء ، وقرار تقسيم فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 دول ، واحدة للعرب واخرى لليهود وثالثة هي القدس وبيت لحم والاراضي المجاورة، تحت وصاية دولية. فان التاريخ يعلمنا ان هناك جهات فشلت ، وتفشل ، وستفعل كل ما يمكنها من اجل افشال اي حل للقضية الفلسطينية ، ومن بين هذه الجهات الامم المتحدة ، والأنظمة العربية ، وبريطانيا ، وامريكا . فهي اطراف لا يسمح لها تاريخها ولا مصالحها بان تكون هي جهة الحل ، ولربما ان الزعيم عرفات كان على حق حين أخفى اتفاق اوسلو ( اتفاق سئ ) عن هذه الجهات ، فهو لم يتشاور مع الامم المتحدة ولا مع امريكا ولا مع بريطانيا ولا مع الدول العربية في هذا الامر . ولو ان اي جهة من هذه الجهات علمت باتفاقية اوسلو لما سمحت ابدا ولعملت المستحيل من اجل افشاله . ليس حبا في القتال والجهاد وانما لشدة كرهم لاي حل ، فهم لا يريدون الحرب ولا يريدون السلام ، ويريدون ان يبقوا أصحاب القضية .
ان ما يشهده العالم العربي من حروب داخلية ، وألسنة اللهب التي تمتد من مساجد تونس ( اكبر مصدّر للمقاتلين في ليبيا وسوريا والعراق ) الى بلدات الشام التي احترقت وتحتاج الى خمسين عاما لاعادة بنائها الى لبنان والكويت واليمن والسعودية ، صارت تمتد الان الى دول الخليج ، ويهدد تنظيم داعش المدعوم بالكامل من دول النفط ، ان ينقل المعركة الى مساجد البحرين والسعودية وغيرها ....
ان هذه الاوضاع يجب الا يؤثر على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية ، ومهما يكن فان القيادات الفلسطينية مدعومة بالحق التاريخي والانساني والديني مطالبة بالتمسك أكثر وأكثر بثوابتها .. وشعب فلسطين لن يدفع الفواتير نيابة عن اية دولة عربية تلعب بنار الطائفية والمذهبية ، فقد دفعت فلسطين ثمن مؤامرة 1948 ( هي مؤامرة وليست نكبة ) وثمن هزيمة الجيوش العربية في 1967 ( هي هزيمة وليست نكسة ) وغيرها من الفواتير ، وان المبادرات الدولية والعربية كانت وتظلّ محط شك وريبة وعلينا ان نحذر منها .
لم تعد الفصائل الفلسطينية تؤمن بالكفاح المسلح ، ولم يعد هناك سوى عمليات موسمية تحظى بتغطية اعلامية مبالغ فيها ، ولو خرج فتى فلسطيني غاضب من قرية عزلاء وطعن مستوطنا بواسطة مفك او عصا لرأينا جميع الفصائل تهلّل وترقص وتفرد نشرات الاخبار وعشرات البيانات حول هذا الحدث الشعبي الفردي . بينما ذهبت الفصائل القوية لصبّ كل اسلحتها وأموالها في تجييش الاجهزة الامنية ، وان اي فصيل يقيم جهاز شرطة وشرطة سير وسجون ومصلحة ضرائب لا يريد ان يقاتل وانما يريد ان يحكم .
يقول لي صديقي الطبيب المتديّن ، انه لن يذهب للصلاة في المسجد الاقصى يوم الجمعة القادم خشية من ان يقوم تنظيم داعش بتفجير الاقصى !! وحين نظرت اليه باستغراب شديد ، أردف يقول : والله بيعملوها هؤلاء لا يعرفون الله .
فسألته ومن يعرف الله من وجهة نظرك ؟ فأجاب : الطفل الذي ارتدى منديلا وثوبا نسائيا ليتمكن من قطع الحاجز العسكري للاحتلال والوصول الى القدس للصلاة فيه يوم جمعة ، وفي شهر رمضان ، وفي المسجد الاقصى .