نشر بتاريخ: 04/07/2015 ( آخر تحديث: 04/07/2015 الساعة: 17:44 )
الكاتب: فضل سليمان
بلغ عدد المتقدمين لامتحان الثانوية العامة هذا العام حوالي(80.000) مشتركا، وكان عدد الراسبين (30,000) طالب/ة، ويصل عدد مؤسسات التعليم العالي في فلسطين 52 مؤسسة، بلغ عدد الملتحقين بها حوالي 280 الف طالب وطالبة. 75% منهم متخصصين بالدراسات الانسانية و25% يوزع على كافة التخصصات المتبقية التي تحتاجها فلسطين( كالفيزيا والهندسة والزراعة والتقنيات وووو)، ويتخرج منهم كل عام اكثر من 40 الف، ينظم منهم اكثر من 25 الفا للعاطلين عن العمل. وسيلتحق ايضا هذا العام حوالي 60 الف ممن اجتازوا (التوجيهي) الى مقاعد الجامعات المكتضة المتراخية في انتاج المعرفة، المتميزة بالانفاق والمصاريف بلا رقابة.
التوجيهي المصري بدل المترك الاردني
"التوجيهي" هو نظامٌ أصله مصريّ، ويعني حرفياً توجهات الطالب. اعتُمدَ رسمياً في العام 1960، فيما كان يسري قبله نظام "المترك" الأردني المتّبع في فلسطين. وبحسب تربويين، فإن بعض المدارس كـ "القبطية" في القدس، و "ابن الهيثم" في نابلس، بدأ بتدريس منهاج "التوجيهي المصري" في خمسينيات القرن الماضي، للتخفيف على الطلبة الذين سعوا للدراسة في القاهرة آنذاك. إذ كانوا يُلزَمون بدراسة سنة إضافية، وهي التوجيهي المصري، بعد "المترك". وللسبب ذاته، قامت العديد من الدول بتدريس "التوجيهية المصرية" في تلك الفترة.وفي العام 1960، اتفقت الدول العربية على توحيد نظام التعليم، على أن يعتمد سنوات التعليم في المدرسة على مدى 12 عاماً.
حالات انتحار سنوية من المسؤول؟
تصاعدت منذ خمسة اعوام التحليلات والمقالات والمطالبات بتغيير هذا النظام التعليمي، لاسباب عدة ، اهمها عدم ملائمته مع التغييرات الرقمية والعلمية المتسارعة، وعدم تجاوبه مع المتطلبات التنموية لمجتمع فقير يتخبط بازماته، ومنها حاله الضغط والخوف والقلق التي يسببها الامتحان سنويا للاسر الفلسطينية وللطلبة وللجميع ، وخير مؤشر على ذلك حالات الانتحار ومحاولات الانتحار التي شهدتها الاعوام السابقة في الاراضي الفلسطينية والتي يروح ضحيتها فلذات اكبادنا في عمر الربيع نتيجة نظام تعليمي غبي فرض علينا منذ اكثر من نصف قرن.
يحفظون كالكمبيوتر
يقتصرالهدف من امتحان التوجيهي على قياس ما حفظه الطالب خلال ثمانية أشهر، أي أن الامتحان توجه لتكريس مزيد من الحفظ والتلقين، والعلامات العالية للمتفوقين والتي تقترب من 99.9% هي ترجمة حرفية لمنهج الحفظ في المبحثين الأدبي أو العلمي على حد سواء". ناهيك عما تفوم به وزارة التربية والتعليم باضافة العلامات الى النتائج الفعلية التي يحققها الممتحنون، من اجل تبييض الوجه.
الطلبة يحفظون كالكمبيوتر. ومن يحفظ أكثر، يحصل على علامات أفضل ان ذلك لا يمكن أن يكون ابدا مقياساً لقدرات ومهارات ومعارف طالب او طالبة، ففي امتحانٍ مهنيٍّ أجرته "جامعة القدس" للطلبة الذين حصلوا على نسبة 90 في المئة وما فوق في "التوجيهي"، كانت المفاجأة في أن جميع الطلبة " جميع الطلبة " فشلوا في إنجاز الاختبار.
تعليم لا يلبي معايير الجودة
ان التعليم في فلسطين بوضعه الحالي لا يلبي معايير الجودة المتعارف عليها، وبحاجة ماسة إلى إصلاح شامل لجميع قطاعاته، فالمناهج تعتمد الحفظ والتلقين ولا تعزز الإبداع، والبيئة المدرسية لا تشجع على البحث والاستقصاء، والنظام التعليمي يفتقر إلى التواصل الحقيقي بين المدرسة وأولياء الأمور، وأساليب التقويم المتبعة في المدارس الفلسطينية تقليدية تعتمد الامتحان الورقي كأساس، والمعلمون يعانون من أوضاع وظيفية ومهنية سيئة، حيث تزداد على كاهلهم الأعباء الإدارية دون منحهم صلاحيات تتناسب وذلك، في ظل نظام إشراف ورقابة متشدد تجاههم وتعدد الجهات التي تلقي على كاهلهم المهام، علاوة على غياب استراتيجية واضحة في التعاطي مع التدريبات الداخلية والخارجية، ما يزيد من إحباط المعلمين، ويقلل من إنجازاتهم الميدانية.
نخب في ابراج بعيدة
تتباين الآراء في النخبة فقط حول رفض التغييرلنظام الثانوية العامة، او قبول نظام جديد، بين من يرى فيه نقطة تحول نحو إعادة صياغة للنظام التعليمي على أسس علمية ومنهجية أكثر جدوى، وأخرى ترى فيه مجرد تغيير سيطال شكل العملية التعلمية، لكنه لن يرتقي إلى تغيير جذري في المضمون كما هو مطلوب لإحداث تغيير حقيقي في النظام التعليمي الفلسطيني نحو الأفضل، لذلك ستبقى المشاكل التربوية قائمة وسيظل النظام التربوي يركز على الحفظ لا على الفهم والاستيعاب والتحليل، وهي مقومات نجاح العملية التربوية والتعليمية.
لكن 92% ممن شاركوا في استطلاع للراي اجرته مؤسسة شارك طالبوا إجراء تغيير على نظام التوجيهي، واعتبر 66% منهم ان التوجيهي لا يستطيع تقييم قدرات الطلبة وفقًا لتوجهاتهم، بعيدًا عن معدلهم، بالتالي فإن هناك خيارات كثيرة تصاغ لمستقبل الطلبة وفقًا للمعدل لا التوجهات والقدرات الفعلية.
في 2016 نريد نظاما جديدا
وكان منذ عدة اشهر ناقش مجلس الوزراء التقرير الصادر عن اللجنة العليا لمراجعة المسيرة التعليمية في فلسطين، والتي تشكلت بمبادرة من رئيس الوزراء د.رامي الحمد الله، وخرجت بتوصيات كثيرة في مجملها توصيات عامة غير مفصلة، من أبرزها إلغاء التوجيهي ، حيث أوصت اللجنة في الصفحة 16 من مسودة التقرير، بـ إلغاء امتحان الثانوية العامة الحالي، ووضع نظام يعتمد الوحدات التعليمية، والذي يسمح للطلاب باختيار التخصصات التي يريدها بما يتلاءم مع رغباتهم المستقبلية في التعليم العالي، وسوق العمل ، دون تقديم إيضاحات أخرى.
وكان د.صبري صيدم الذي يطالب بقوة تغيير نظام التوجيهي، وزميلته في اللجنة د.سائدة عفونة، قدما التقرير المطالب بإلغاء التوجيهي وسط تحفظ بعض المسؤولين قي وزارة التربية اللذين اعتبروا ان مطالبة الوزارة بإلغاء امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) في العام 2016 دون طرح بديل أمر خطير، لكن صيدم، قال ان هناك مقترحات وبدائل لكامل القضايا التي اشتمل عليها تقريرها، وفيما يتعلق بامتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، فإن التقرير يتحدث عن مقترحين بديلين لنظام (التوجيهي) ويجب أن يشهد العام 2016 إلغاء التوجيهي ، والبديل تعليم تفاعلي، من خلال إشراك الطالب في عملية تطوير المجتمع بعيداً عن سياسات التلقين والحفظ.
ورغم اشادة محمد أبو زيد، وكيل وزارة التربية والتعليم بجهود اللجنة وحرص رئيس الوزراء على تحسين جودة التعليم في فلسطين وقوله إن معظم التوصيات في تقرير اللجنة المقدمة لإصلاح وتحسين النظام التعليمي، هي بالفعل إما بدأت الوزارة العمل على تطبيقها، أو على وشك أن يبدأ التنفيذ بها على أساس خطة الوزارة الاستراتيجية الثالثة (2014- 2019)، الا انه ابدى استياؤه قائلا "هناك الكثير مما يمكن تسجيله على التقرير، فهو لم يول جهود الوزارة الاهتمام المستحق" فالوزارة اختارت بعناية مجالات الإصلاح التأسيسية التي تهدف إلى تعزيز تحولي لنظامين أساسيين: التحول من نموذج التعليم المرتكز بشكل كبير على التلقين والاختبار إلى طرق التدريس الديناميكية، والتحول من العمل القائم على المدخلات إلى حد كبير إلى نظام عمليات واسعة مرتكزة على النتائج والإدارة .. وقال: تعاونا مع اللجنة، وانتظرنا التقرير، وكنا بانتظار حلول وسيناريوهات جديدة على اعتبار أن اللجنة فنية متخصصة، لكن اللجنة لم تطرح حلولاً إضافية لما هو موجود خاصة في موضوع التوجيهي .
مساءلة لوزارة التربية والتعليم
نعود لنثير المسالة لانها غاية في الاهمية ، ونسائل وزارة التربية والتعليم، اين وصلت الامور ولماذا العرقلة؟ لقد طفح الكيل بانتظار ان يعتبر الجالسون خلف مكاتبهم المكيفة ، والمسافرون من مؤتمر الى اخر ، ان تطوير النظام التربوي التعليمي هو من مسؤولياتهم، نسمع جعجعة منذ اكثر من خمسة اعوام ولا نرى طحينا، وامورنا التعليمية التربوية في تراجع الا في المؤشرات الرقمية، لياتيك من يتشدق قائلا ان فلسطين اقل الدول العربية في نسب الامية واكثرها في نسب الالتحاق.
اننا نحتاج لرؤية تربوية شاملة تركز على الإنسان الفلسطيني كفرد وتعزيز وإعادة بناء منظومة القيم والأخلاق، واكتساب وإنتاج المعرفة بتوظيف إحدى التقنيات التكنولوجية، وتحسين أوضاع المعلمين الوظيفية، والتركيز على لا مركزية التعليم، وإشراك المجتمع في العملية التعليمية، وعلى نظام التعليم بشقيه الأكاديمي والمهني رفد مؤسسات التعليم العالي بطلبة يمتلكون مهارات العصر الحديث، ويستطيعون البحث والتقدم في مسارات أكاديمية ومهنية تلبي احتياجات سوق العمل، وأن يوجه الطلبة حسب ميولهم وقدراتهم.
نريد نظامًا تعليميًا يعتمد على البحث التحليلي النقدي والبحث المختبري، وإعادة النظر في المنهاج ليس بمعنى الكتب المدرسية ولكن في طرق التدريس وتقييم الطلبة".
وهنا نكرر صرخة "صيدم" الشعب يريد اسقاط نظام التوجيهي !