الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مأسسة الإنقسام من جديد

نشر بتاريخ: 07/07/2015 ( آخر تحديث: 07/07/2015 الساعة: 11:41 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

لم ندرك بعد أننا بحاجة الى إحترام ذواتنا ومشروعنا الوطني للخروج من هذا الإنحطاط الذي نعيشه وحمى العداوة المستمرة بين حركتي فتح وحماس الشركاء في ممارسة العنف ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار الانقسام وهما تمارسان العنف ضد انفسهما و في الاستفراد بالسلطة وتوزيع المناصب وقهر الناس و الظلم وغياب العدل والشفافية في الحصول على المعلومات حول الاوضاع السياسية من المفاوضات و التهدئة إلى مستقبلنا الغامض، والفئوية و تغليب المصلحة الحزبية على حساب مصالح الوطن و الناس.

وهما شركاء في ترسيخ ثقافة العنف ضد الحريات العامة وانتهاكات حقوق الانسان، فحملة الاعتقالات في الضفة الغربية مخجلة وكأنها تؤسس لمرحلة جديدة من استمرار الانقسام، ولم يعد الموضوع مجاملات ونفاق و كذب فقط، إنما استمرار للمرحلة السابقة وثماني سنوات من الانحطاط والتدهور الخطير في العلاقات الوطنية والتراجع على جميع المستويات.

وما نشهده من تراشق إعلامي وتهديد ووعيد بالملاحقة والقتل وسفك الدماء ومزيد من الاعتقالات، فمن الوعود بإنهاء الانقسام الى العمل الفعلي بتعزيزه وتعميقه وتجسيد الفصل بشكل جدي و القائم من سنوات وليس فقط مع بداية سيطرت حركة حماس على قطاع غزة في العام 2007، بل قبل ذلك بسنوات، والجميع ساهم ويساهم بفصل القطاع عن الضفة العربية، وهو ما تقوم به اسرائيل ومساعدة من الكل الفلسطيني بصمتهم وتعزيز الانقسام.

الرئيس محمود عباس يستفرد بالمنظمة والسلطة وحركة حماس متمسكة بموقفها السيطرة على القطاع وعدم التراجع للخلف، والرئيس قام بإقالة أمين سر اللجنة التنفيذية بشكل سافر كما تم تعيينه بالطريقة التي فصل فيها، ومن دون معارضة حقيقية من الفصائل الفلسطينية والتصدي لهذه الخطوة الانفرادية للحفاظ على ما تبقى من شرعية والتأسيس لمرحلة جديدة لإعادة الإعتبار للمنظمة، لكن هي عقلية الاستفراد والهيمنة على المنظمة وبقايا الوطن و النظام السياسي.

الحديث عن اقالة أمين سر اللجنة التنفيذية من منصبه بقرار سري وفردي ومن دون اتباع الطرق القانونية، ليس دفاع عن الشخص بقدر ما هو دفاع عن المؤسسة الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني. و السؤال، كيف نتوقع من رئيس الدولة أن يمارس الحكم بهذه الطريقة الشخصانية والانتقامية، وما علينا إلا فهما انها الفهلوة والاستبداد من رأس الحكم ومن حوله من بطانة السوء و الصمت، و الذي نتوقع منه ان يكون ديمقراطيا وعادلا تجاه شعب الحرية ويناضل من اجل الحرية وتقرير المصير و يعاني الاحتلال والقمع والجرائم بحقه.

هذا هو الإنكار لحق الناس واعتداء على المشروع الوطني ومساهمة في انهيار واضح لمنظومة القيم الاخلاقية والإنسانية والوطنية، وممارسة الاستبداد الحزبي والسلطوي والتنكر لممارسة حقوقنا المشروعة في الحق في الحياة والمشاركة السياسية والعمل السياسي.

في غياب العقل تسيطر عقلية التعسف والتسلط والاستبداد و تغيب الحكمة في معالجة ما يجري من دمار وخراب، و ممارسة العنف من خلال ردود فعل ثأرية انتقامية، و كل هذا السواد والمستقبل الأسود والتبشير بالمزيد منه و التشرذم و الذي نمارسه جميعاً، و يعيش الانسان في حيرة و الخشية من القائم وتتراكم الهموم الخاصة والعامة خاصة الوطنية ويذوب الشخصي في العام، والإنسان يرى كل هذا الإنحطاط جراء غياب الضمير الإنساني والوطني. ويصعب فهم ما يجري إلا انه انهيار جراء الاستبداد والتسلط والتفرد بالحكم والتمسك بشرعية تاريخية لم تعد قائمة و انتخابات انتهى زمنها، وشرعيات منتهية الصلاحية القانونية والأخلاقية.

من دون اعمال العقل والحكمة والعودة للشراكة والاحتكام للقانون وإتمام عقد اجتماعي وطني يحدد البوصلة والعدالة الاجتماعية، يبقي كل ما يجري هو نتائج للإقصاء والتسلط والاستفراد والتحكم بمصير الناس وغياب الديمقراطية و المشاركة والاستئثار بالسلطة.
طالما بقيت القيادة والفصائل بهذه العقلية سيستمر التدهور و مأسسة الإنقسام من جديد الذي يضرب أطنابه في أدق تفاصيل حياتنا، و تتطلب الشجاعة مواجهة ما يجري بجرأة والتصدي كل بإمكاناته ضد إعادة عجلة التاريخ للخلف.