نشر بتاريخ: 09/07/2015 ( آخر تحديث: 09/07/2015 الساعة: 10:01 )
الكاتب: نايف جراد
1. بحر الرجز
كان لي ذات يوم بيت
كانت لي بيارة
كان لي شجر وزيت
كانت لي عمارة
رددت في غيابها يا ليت
بت أندب الخسارة
ولم تنته روايتي
لم تخلص العبارة
فمن خلف الركام
من شعاب المسالك الوعرة
التي أكلت أرجل المشردين
من رحم الالآم
من وراء غياهب السجون
التي أشبعت العباد عذابا
على هامش عباءات الحكام
وزعماء الكلام
ولدت فكرتي
ترعرعت في أسفار الليل
صادقت النجوم و القمر
ونظرت خلسة إلى الشمس
قالوا:
بنت فئدوها ...
قالوا : كفر فصفوه !
لاحقوها فهربت...
إختبأت في صناديق الصدور
تسللت إلى نسيج الدماغ
و لما صادقت نبضات القلب
تحولت إلى رصاصة
و انطلقت ..
يتردد صداها في القفر
لم تقتل أحدا
بل أحيت الملايين من سباتهم
و من شرارتها
زحف الضوء حاملا قوس قزح
يفرده رويدا رويدا على الظلال
2. وحدة الأضداد
يمتص الأفق الشمس
تلبس المدينة قميص الظلال
فنصادق الدجى
و الأنوار الوحيدة ...الوحيدة
البعيدة... البعيدة
قال أحدهم : في الليل يحلو السهر
قال آخر : الليل أبو النوم
قال ثالث :إني لا أحب الليل
قال عاشق : الليل صديقي
قال متشائم : الليل نهاية النهار
قال متفائل : ما بعد الليل الا نهار
و أقضي ليلتي أسامر النجوم
أحادث روحي
أسائل المدينة النائمة
و أفعالي الماضية
أفتش بين الأزقة و الضلوع عن نوافذ الحياة
أتمنى زمنا فيه هدوء الليل و صخب النهار
بعيدا عن المجون والجنون
أفتش عن روحي في نفسي المتعبة
أفتش عن ضوء في دامس الظلام
و عن ظلي في النور الساطع
أفتش عن وحدة الأضداد
كي يحملني الثور على قرنية
لأجوب غابة الفضاء
وألقى فجري في مربض الوحش
أستل نهاري من فكيه
3. حجارة الوادي
بعد أن ملأنا البر ، وضاق عنا
جرفتنا سيول الظلام
فصادقنا الهجير
ولا معين في الجوار
ولا مجير
حط القلق على مجلسنا
نهشت مخالبه أحلامنا
وانحسر البر
فأدمنا السهر
فبتنا في الزقاق على سرير الكوابيس
و فتح سوق الشعر :
ما أجمل الوطن...!
ما أحلى الذكريات ...!
ما أروع حلم الطفولة...!
وما أبهى الكلمات...!
و فتح سوق الشعر :
للنهر منابع
للنهر مصاب
وفي الطريق تزول السوائب
من الأعالي يهبط النهر
تتدحرج الحصى .. و تبقى
تلفظ الروح كل الشوائب
انك لن تستطيع أن تدخل النهر مرتين
لا تستطيع أن تولد مرتين
فارجع إلى ألفك...
ارجع إلى يائك...
ابحث عن جمال الوجود...
عن جلال المعبود
استدع تاريخك المشرق...
التقط مفردات التجلي...
اركب صهوة العقل...
أترك الأرائك...
صادق الحياة ...
أطلق عنان بهائك ...
و امض في آلائك...!
4. نار و سلام
كأنك سحر الكون بالعين محمية
جنة الخلد مسورة بالحلم
حين تحطين على عيني
يزول خوفي
يطمئن القلب
إذ تكسرين رتابة الموج
و حين تزغلطين
ترقص الجوانح
إلق عليهم شيئا من ألقك
قابليهم بالأصالة
فاجئيهم بالصمود
ردي اليهم ما يتمنون لنا
ازرعي قيهم خوفا دائما و رعبا
لكن كوني حنونا
اتركي أطفالهم يلهون و يمرحون
كوني نارا ..لكن كوني سلاما
منتهى القدرة .. و الأحزان و الأفراح كوني
منتهى المكان كوني و الزمان
كوني منتهاي
5. وجعي وصوت الضمير
إنه ليس حفنة تراب
بل فسحة في المجرة
وجنة عدن على أرض المسرة
نجوبها دون حراس وجنود نجس
بلا حواجز أو عسس
فضاء تهيم به روحنا المنتشية
تتعب ذاتها في البحث عن جواهره
تستلقي على أرائكه الممدودة حين يضنيها التعب
وتغني مواويل الطرب
ماء زلال و طعام شهي
ضياء مودة ووجه بهي
عش يأوي المحبة و السكينة
بيت آمن
وأيد أمينة
إنه نفحة من عزة وكرامة
تعطي الحياة معنى الوجود
تسعد الوالد والمولود
انه طعم الزيت و الزعتر
بهجة العبهر والعنبر
زهو النرجس في بدء المطر
بهاء زهر اللوز و شقائق النعمان
نكهة البرتقال و رائحة الطابون
تغريد البلابل و زقزقة الحسون
إنه حنان أمي و ظل أبي
إنه ذاكرتي و حلمي
فرحي وألمي
وجعي و صوت الضمير
إنه وطني الصغير
روحنا....
أملنا الجدير....
فهل من مجير ؟؟؟