نشر بتاريخ: 12/07/2015 ( آخر تحديث: 12/07/2015 الساعة: 11:53 )
الكاتب: د. وليد القططي
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 , أعلن قائد الثورة ومرشدها الأعلى الإمام الراحل آية الله الخميني عن انطلاق يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان كل عام داعياً المسلمين للتضامن مع القدس وفلسطين قضيةً وشعباً وأرضاً " إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس , وإعلان التضامن الدولي مع المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين " .
ورغم ما أصاب هذا اليوم من فتور بفعل عوامل التعرية عبر سنوات طويلة من النفخ في نار الفتنة العرقية والمذهبية الخبيثة وريحها النتنة , التي زاد لهيبها اشتعالاً وريحها قوة بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي القاحل , الذي وزّع الموت والخراب والدمار على هذه الدول البائسة , فلا هي تخلّصت من الاستبداد والفساد , ولا هي نالت الحرية ووصلت إلى بر الأمان , فأصبحت كالمعّلّقة بين ارهابين نتجا عن تطرفين توّلت كبرهما الأنظمة المستبدة وتوّلت الآخر الحركات الدينية المتطرفة , وكلاهما سيان في إقصاء الآخر ومحاولة تدميره , . . . أما بالنسبة للقدس وفلسطين فلم تعد قضية العرب الأولى , ولا حتى العاشرة , ولم يعد أحد يرغب في ذكرها إلا من البوابة الأمريكية المتفرعة من البوابة الإسرائيلية .
ومن هنا تأتي أهمية يوم القدس العالمي كيوم للتذكير وحشد الجهود العربية والإسلامية الشعبية والحكومية – إذا ما تم تفعيله وتعميمه – بحيث يتجاوز الدائرة الجماهيرية والإعلامية ليضيف إليها الدوائر القادرة على الفعل والتأثير ويتجاوز تيار المقاومة إلى التيار الإسلامي العام . ليصبح أكثر فاعلية في نصرة القضية الفلسطينية عامة , وقضية القدس خاصة , لاسيما في ظل العمل الإسرائيلي الصهيوني المنهجي لتهويد القدس , كي لا نصحو يوماً على هدم المسجد الأقصى , وكي لا تصبح القدس أورشليم بعد أن يستكمل الصهاينة مشروعهم الرامي لتهويد القدس سكانياّ ومكانياً وحضارياً .
إن يوم القدس العالمي فرصة لإعادة تصويب البوصلة نحو القدس وفلسطين – القضية المركزية للعرب والمسلمين – بعد أن انحرفت في شتى الاتجاهات التي زادت الأمة تفرّقاً والشعوب انقساماً والمجتمعات تفككاً , وفرصة لإعادة تصويب البندقية نحو العدو المركزي للأمة –الكيان الصهيوني-بعد أن صوّبت إلى أعداء وهميين تم صناعتهم بمعرفة أمريكا " وإسرائيل " , فلم تزد الأمة إلّا ضعفاً و الشعوب إلّا وبالاً و المجتمعات إلّا خراباً. فيوم القدس العالمي يمكن أن يتحوّل إذا ما تم تصويب اتجاهي البوصلة و البندقية إلى نهج متكامل لإعادة ترتيب أولويات الأمة التي يشكّل الكيان الصهيوني خطراً عليها جميعاً كرأس حربة للمشروع الغربي الذي يستهدف الأمة الإسلامية جمعاء , ولإعادة تحديد أعداء الأمة الحقيقيين وفي مقدمتهم الدولة العبرية , بدلاً من البحث عن أعداء يتم صناعتهم حسب المواصفات الصهيوأمريكية.
ونختم بمقولة لأحد الرجال العظماء , وأحد القادة الشهداء , من الذين آمنوا بيوم القدس العالمي , وبوحدة الأمة وحتمية انتصارها بعون الله , ومن الذين كرّسوا جهدهم وحياتهم وضحّوا بروحهم للمحافظة على الاتجاه الصحيح لبوصلة الجهاد و المقاومة نحو القدس وفلسطين , "في هذا العالم , في هذا الزمان تختصر فلسطين الكون......جغرافيا ومعنى , وتختصر القدس فلسطين , وعندما يكون يوماً حقيقاً للقدس , فإن يوم القدس يختصر الحاضر تاريخياً وجغرافيا ومعنى , إذ يعني أن يدوم الصراع حتى حل مشكلة الموازين المختلة , وأن يدوم الصراع حتى يدوم الخير ويشتد عوده , وحتى يكتمل ويتم في مواجهة تمام الباطل , إذ يعني ألا تكون أورشليم ....بل بيت المقدس الذي تُهدى إليه الأرواح ولا تُهدى روحه لغيره ".