الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

التعديل على حكومة الوفاق بين الأحجام و المشاركة

نشر بتاريخ: 12/07/2015 ( آخر تحديث: 12/07/2015 الساعة: 13:28 )

الكاتب: احمد حنون

يبدو ان أمر التعديل المحدود على حكومة الوفاق لم يعد محدودا من حيث المفاعيل الآخذة بالتنامي ، اضافة لما خلفه الإعلان عن النية بالتعديل على شكل مواقف وتخوفات ونقاشات وتوقعات اضافة للمفاجئات ، خلافا لما تم ويتم الحديث عنه من بازار الاستيزار وبنك الأسماء ، في تحول يستدعي النقاش وخصوصا في ظل الحديث عن إحجام عن المشاركة للأسماء المقترحة في التشكيلة الحكومية بعد التعديل الوزاري ، ولكن لماذا الامتناع او رفض الأسماء المرشحة من الموافقة على المشاركة بالحكومة ؟ واكثر من ذلك اقتبس ما تم الحديث عنه من شح الخيارات والكفاءات العالية والتوجه نحو الكفاءات الشبابية " هذا الامر يدحض فكرة ان افراد الشعب الفلسطيني او النخب يريدون ان يكونوا وزراء محتملين هذا يعكس تراجع في المكانة السياسية لموقع الوزير بحيث غدا موظف بدرجة وزير ، وان الوزير لا يأتي من خلال الإرادة الشعبية او انعكاسا لها ، رغم أهمية إجراء مشاورات مع القطاعات ومكونات المجتمع الفلسطيني في ظل تعطل عمل ممثلي الشعب المنتخبين وامتناعهم عن أداء واجباتهم التشريعية ، واكثر من ذلك ان البعض وبعد ما لحق بالحكومة من أوصاف بالفشل فإنهم لا يريدون ان يكونوا جزء من الفشل ، وهل اضافة وزير هنا او هناك يمكن ان يلغي كل هذه الاوصاف التي لحقت بالحكومة فيما يتعلق بفشلها ؟ ام ان تغيير حكومي شامل يفتح الطريق امام دفعة قوية من الانجاز مدفوعة بدعم واسناد شعبي وفصائلي لتحقيق مهام الحكومة !

واقع الحال انه تم تجاوز واستهلاك المسميات سواء حكومة التكنوقراط والكفاءات والوفاق والتوافق والوحدة الوطنية وصولا للحكومة الربانية والحكومة المقالة والمستقيلة والمستقالة وحكومة تسيير الاعمال ، العمل الحكومي هو عمل سياسي بامتياز يخضع لبرامج سياسية وتوجهات سياسية وأجندة سياسية ، اللجنة التنفيذية أخذت زمام المبادر بعد تململ فتح وقياداتها بأسباب متعددة منها فشل الحكومة وافشالها بسبب حكومة الظل ألحمساوية في غزة مرورا بمفاوضات التهدئة وتطلعات الانفصال لدى حماس بما يتعلق بمستقبل قطاع غزة ، ولكن تخوفات اعضاء من اللجنة التنفيذية أخذت على محمل التفهم بالعمل باتجاه التعديل المحدود بعد رفض حماس بشروطها التعجيزية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفصائلية ، ولكن أمر التعديل يتجاهل بنك الأسماء التي تم الموافقة عليها لحكومة الوفاق والتي يمكن بسهولة اختيار اي اسم منها دونما حصول اي مضاعفات او تداعيات الامر الذي يسهل استمرار عمل الحكومة الحالية كجزء من التعديل المقترح ، ولكن الإشكالية باعتقادي أكبر من ذلك ويتعلق بالأدوار فرئيس الحكومة يريد دوره في اختيار الأسماء والا فانه في اي مناسبة سيعلن ان الأسماء فرضت عليه وان التعديل لا يمثل طموحه المتوقع في اختيار افضل الكفاءات لإسناد الحكومة ، رغم ان رئيس الحكومة يمثل عنوان الحكومة وباستقالته تستقيل الحكومة كاملة وفق القانون ، ومن حقه إقالة الوزراء غير المنتجين ...، وكذلك من حقه اختيار الفريق الوزاري الامر الذي لم يتح لرئيس الحكومة سواء عندما اصبح رئيساً للحكومة التي شكلها بكاملها سلفه د فياض ، وكانت مصممة لقيادة د فياض ، وتمت الملاحظة بتجاوب أكبر من قبل الوزراء الجدد على التشكيلة في التعاون مع رئيس الحكومة ، او حتى الحكومة اللاحقة حكومة الوفاق وفق ما أعلنه على الملأ ، وان تأخير الإعلان عن التعديل الحكومي يعكس تردد رئيس الوزراء في قبول الاسماء المقترحة التي تم الإعلان عنها ، وخصوصا ان تسريبات متطابقة بينت ان رئيس الحكومة يريد دماء جديدة اي ليسوا من الوزراء السابقين .

وبالمقابل من حق الرئيس الذي يمنح الثقة للحكومة - في ظل امتناع المجلس التشريعي عن ممارسة دوره - كذلك ان يرفض اسماء او يعدل عليها او يقترح ما يراه مناسبا لمنحهم الثقة ، يقف المواطن الفلسطيني في حالة انتظار وبأمل التغيير فيما يتعلق بإعادة الأعمار في غزة و بالسياسات الصحية والإجراءات الطبية ومعالجة الأخطاء الطيبة التي غدت متزايدة بشكل كبير ومعالجة مشاكل الوضع الصحي العام بفلسطين بعيدا عن الجغرافيا ، وكذلك معالجة الوضع التعليمي وفق استراتيجية جديدة للتعليم تراعي المعرفة وفي جمعها المعارف وقدرة الطالب على توظيفها تمشيا مع توصيات وتقرير اللجنة العليا لمراجعة المسيرة التعليمية والتي صادق على توصياتها مجلس الوزراء ، ومعالجة الوضع الاقتصادي بتعزيز مقومات الصمود ، والاهم ان تقود الحكومة عملية التخطيط وتحسين الأداء ورفع الإنتاجية وتقوية الادارة الحكومية وتطوير أداء الموظفين واكسابهم مهارات وخبرات تؤهلهم للتطور في العمل الحكومي وتطوير العمل ، وإعادة الاهتمام والاعتبار للوظيفة الحكوميةوالموظف حتى لا يستمر وضع الترهل وتزداد مضايقات العمل وتحقيق القانون والنظام في الوظيفة العامة واحترام التدرج لسنوات الحد الادنى بالدرجة والاقدمية وإلغاء الاستثناءات كما تم في قطاع الامن ، وتعزيز الرقابة الادارية من خلال دعم وإسناد عمل ديوان الرقابة الادارية والمالية ، وتحسين الخدمات العامة المقدمة للمواطن وصولا الى قطاع عام خادم حقيقي بكفاءة عالية .
وفي ظل الحديث عن حكومة الوحدة فان الانطباع بان هذه الحكومة مؤقتة وقصيرة من حيث الوقت وأنها حكومة لحين الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية ، اضافة للتخوف بعدم موافقة حماس على التعديل الامر الذي يعقد المشهد وبالتالي ان تقوم حماس بتحويل حكومتها من الظل للعلن كإجراء للرد على التعديل ، او تشكيل ادارة لقطاع غزة .

ولماذا تعديل الحكومة وعدم تغيير الحكومة ؟ لان التعديل محدود ومحكوم بالثلث أليس من الأفضل تشكيل فريق حكومي جديد يساهم في رفع الإنتاجية والإنجاز وإدارة عملية الأعمار توحيد المؤسسات والإدارات الحكومية بين الضفة وغزة، والتحضير لانتخابات رئاسية وأخرى ( تشريعية ) على أساس التمثيل النسبي الكامل، الخيارات الضيقة بسبب عدم موافقة حماس للتوجه لصندوق الاقتراع ، في الوقت الذي يمكن ان يشكل مدخل لتكريس الدولة وتصويب الحالة السياسية الفلسطينية وعدم الانشغال بتعديل حكومي ضيق ، لحكومة توضع أمامها عقبات وتحديات اكثر بكثير من الفرص التي يمكن ان تحققها ، ولكنها خطوة في طريق بناء الثقة نحو تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية ، وانعكاسها على الواقع في خلق حقائق على الأرض ، وعليه لابد من انتخاب مجلس تأسيسي للدولة يقوم مقام المجلس التشريعي ويطرح دستور للدولة الفلسطينية لتحديد طبيعة و هوية النظام السياسي الفلسطينية حيث ان المادة (5)من القانون الاساسي الفلسطيني المعدل تبين ان نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية وينتخب فيه رئيس السلطة الوطنية انتخاباً مباشراً من قـبل الشعب وتكون الحكومة مسؤولة أمام الرئيس والمجلس التشريعي الفلسطيني.

وحيث ان المادة المشار إليها تخلط بين نظامي حكم رئاسي وبرلماني ولم تعرف المادة نظام الحكم على انه مختلط رئاسي برلماني ، رغم ان النظام المتبع هو نظام رئاسي ديمقراطي ، وان حكومة الوحدة الفصائلية البرلمانية هي اقرب للقانون أساسي ، ولكن حالة الانقسام لازالت تلقي بظلالها على الحالة الفلسطينية بحيث أصبحت الحكومات غير الفصائلية مخرج والكفاءات مهرب من مواجهة الواقع وحل الإشكاليات .

اعتقد أننا يجب ان نستفيد اليوم من نصيحة حاييم وايزمن "الذي حذر من عواقب أي تراجع وبين ان الفرصة الوحيدة هي في إيجاد حقائق الأمر الواقع ومواجهة العالم بها" بمعنى عدم التراجع والعمل بجد نحو التقدم للإمام رغم كل التحديات والاختلافات وفرض الحقائق وتكريس الدولة على الأرض .
هذا ليس من باب الوعظ والنصح والتنظيرالنظري وإنما من باب المسؤولية المشتركة التي يتشارك ويشترك بها الجميع في اطار المصلحة الوطنية والتي لا تغيب عن مواقف الرئيس محمود عباس الذي اعرف تماماً مدى حرصه الوطني ومواقفه الصلبة لتحقيق أهداف شعبنا وكذلك قيادته الشجاعة في الوصول الى الدولة ، ومعاقبة المحتل على جرائمه رغم كل العقبات الداخلية والتشويشات والتهديدات الاسرائيلية وانشغال الكل العربي في قضاياه الداخلية .