نشر بتاريخ: 15/07/2015 ( آخر تحديث: 15/07/2015 الساعة: 14:53 )
الكاتب: سمير عباهرة
بتوقيع الولايات المتحدة وحلفاءها (5 زائد 1) اتفاقهما مع ايران حول برنامجها النووي تكون قد زالت احد العقبات بل العقبة الرئيسية التي كانت تنادي بها الولايات المتحدة من اجل فرملة المبادرة الفرنسية والمتعلقة بحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وطرحها في مجلس الامن ،ذلك النزاع الذي اطلقت الولايات المتحدة دعوتها بعد الانتهاء من حرب الخليج الثانية عام 1992، للعمل على ايجاد حلول له وإيجاد تسوية سياسية للقضية الفلسطينية تقوم على حل الدولتين.
والآن وبعد الانتهاء من ايران وبرنامجها النووي والذي كانت تعتبره الولايات المتحدة لا يقل خطورة وشأناً عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ابقاء المنطقة في حالة من عدم الاستقرار واستمرار التوتر قائما في هذه المنطقة الحيوية للمصالح الغربية عامة والولايات المتحدة خاصة ، يجب ان تنصب الجهود الدولية لإعادة مشروع التسوية الى الواجهة الدولية.
الولايات المتحدة امام امتحان صعب وعسير وستمتحن مصداقيتها فيما اذا كانت فعلا جادة في ايجاد حل للمسألة الفلسطينية واكمال المشروع الذي بدأته وممارسة نفوذها وزيادة ضغوطها على اسرائيل من اجل العودة الى ملف القضية الفلسطينية وخاصة بعد مطالبة الولايات المتحدة فرنسا بتأجيل طرح مبادرتها في مجلس الأمن وستمتحن جدية الموقف الامريكي ايضا وسنرى ان كان ذلك يشكل تكتيكا من الولايات المتحدة ام موقف استراتيجيا لديها في إدارة ظهرها للصراع الفلسطيني الاسرائيلي بعد فقدان العرب اهم عناصر القوة والضغط على الولايات المتحدة، حيث ان الاخيرة وجهت رسالة قوية وصادمة للأمة العربية بتوقيعها للاتفاق مع ايران وأطلقت الولايات المتحدة العنان للسياسة الايرانية في منطقة الشرق الاوسط الذي سيشهد تصعيدا في المرحلة القادمة.
ننتظر الان موقفا فرنسيا حيث ان العقبات زالت وان الذرائع والحجج التي اتخذتها الولايات المتحدة نزولا عند رغبات حليفتها اسرائيل وتذرعت بها من اجل افشال المشروع الفرنسي قد انتهت وان الاتفاق الامريكي الايراني قد تم ولم يقوم الكونغرس الامريكي بعرقلة الاتفاق كما كانت تتخوف الادارة الامريكية من اجل الحفاظ على مصالح اسرائيل.
اذا الخطوة التالية يجب اعادة تفعيل المبادرة الفرنسية لأنها بقيت النافذة الوحيدة لإعادة النزاع الفلسطيني الاسرائيلي للمنظمة الدولية بعدما فشلت الحلول الفردية. لكن اخشى ما اخشاه ان تزداد الضغوط على فرنسا كي لا يتسبب اصرارها على طرح مبادرتاها بإحراج كبير للولايات المتحدة التي اصبحت الان مطالبة بالعودة في اهتماماتها الدولية لفتح الباب مجددا امام عودة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الى مسارها وبضمانات دولية وسقف زمني لإنهاء الاحتلال كما تنص عليه بنود المبادرة الفرنسبة، وحينها سنتعرف على المواقف الجديدة للإدارة الامريكية وسنعرف حينها فيما اذا كان حل النزاع يشكل هدفا استراتجيا للولايات المتحدة ام انه كان نوعا من التكتيك لإدارة الصراع فقط وإيصاله الى نقطة معينة يتوقف عندها استكمال الحلول كما هو حاصل الان.
اسرائيل تعتبر ان المبادرة الفرنسية تشكل تهديدا لوجودها السياسي واعترفت انها تجاوزت تلك المرحلة عند الاعلان عند تأجيل طرح المبادرة القائمة على حل الدولتين والتي ستلزمها بانسحاب وفق جدول زمني محدد ، فاذا كان كل ذلك يشكل تهديدا لاسرائيل فلماذا قبلت منذ البداية الانخراط في ملف التسوية. من يقرأ الاحداث ويتابع يدرك ان هناك استراتيجية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لإيصال ملف النزاع الفلسطيني الاسرائيلي عند النقطة التي يتحرج عندها اعادة فتح الملف وهذا ما هو حاصل الان فيما يتعلق بالمبادرة الفرنسية.
موضوع فرملة المبادرة الفرنسية مسألة تتعلق بالتوازنات الدولية القائمة والتي يمكن ان تتغير معادلتها او يطرأ تأثيرا عليها بعد التوصل للاتفاق الامريكي الايراني حيث ان روسيا كانت طرفا غير مباشر في الاتفاق وداعما للموقف الايراني وتعتبر النصر الايراني نصرا لها وبالتالي فان ذلك سوف يعزز من مكانتها الدولية ويعزز من نفوذها في هذه المنطقة التي تعج بالصراعات وهذا ما تتخوف منه الولايات المتحدة ، ولذلك لا ترغب ان تخرج الامور عن سيطرتها وخروج احد حلفاءها "فرنسا" عن الخط الذي رسمته الولايات المتحدة.
الكرة الان في الملعب الفرنسي حيث اكدت وزارة الخارجية الفرنسية انها لا تنوي التنازل عن طرح مشروعها وعن الاعتراف بدولة فلسطينية، وهنا تكمن المعضلة التي تؤرق اسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة حيث ان المخاوف التي تعتريهما ناتجة عن الخطوة الفرنسية بالاعتراف بدولة فلسطينية في حال فشل المشروع ورفضه من قبل مجلس الامن واستخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو" وخاصة ان الولايات المتحدة المحت بذلك وقالت: ان احتمالية نجاح المبادرة الفرنسية في مجلس الامن ضئيلة.
اذا اسرائيل تتخوف من اعتراف فرنسا الدولة الكبرى وصاحبة النفوذ في السياسة الدولية بدولة فلسطينية يكون مقدمة لاعتراف اوروبية بالجملة بها وفرض سياسة الامر الواقع ومن هنا تأتي الضغوط على فرنسا.
ان حسم الصراعات بين الامم هو رهن لتوازن القوى ولو استطاعت فرنسا فرض موقفها تكون قد وجهت ضربة كبرى للسياسة الامريكية الدولية.