نشر بتاريخ: 16/07/2015 ( آخر تحديث: 16/07/2015 الساعة: 14:04 )
الكاتب: يونس العموري
في ظل الواقع الفلسطيني الراهن ووقائع الشرذمة والتجاذبات وتصفية الحسابات ما بين كبارها وامرءها بصرف النظر عن مناصرة الحق وللحق وجهات نظر مختلف عليها ،وفي ظل الأطروحة السياسية الجديدة القديمة التي تتمثل (بالحل الخلاق لقضية اللاجئين) وفي ظل إسقاط الحق المشروع والعام بالمقاومة على مختلف أشكالها وتنوعاتها وأرقى أشكالها المسلحة.. وفي ظل انحسار اهتمام المؤسسة الرسمية الفلسطينية بالوضع الفلسطيني الداخلي... وإهمال أكثر من 6 ملايين فلسطيني مقيمين بالخارج ...
وفي ظل مؤامرة انهاء وانتهاء المنظمة كعنوان تمثيلي للشعب بشكل حصري ووحداني، وفي ظل تناقض وتناحر الخطاب الفلسطيني الذي لا يرتقي لحد التنسيق المشترك ولا حتى للحد الأدنى من التوافق على مختلف القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضايا الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني... فمن من حقنا هنا أن نتساءل وبعد أكثر من أربعة عقود على إنشاءها... هل ما زالت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده...؟؟ وهو الشعار الذي لطالما بقي الأكثر وضوحا والأكثر قبولا للجماهير الفلسطينية بمختلف مناطق الأراضي الفلسطينية المحتلة وأماكن الشتات واللجوء... وقد شكل هذا الشعار مرتكزا أساسيا من مرتكزات تشكيل منظومة الوعي الوطني والقومي للفلسطينيين بمختلف تواجدهم وتنوع مذاهبهم ومشاربهم الفكرية والأيدلوجية وبالتالي رؤاهم السياسية... وأمام هكذا مستجدات وفي ظل هذه التطورات والتداعيات في البحث عن الحلول (الخلاقة) والهرولة وراء الحل بصرف النظر عن طبائعه إن كان فعليا سيحقق الحد الأدنى من الأهداف الفلسطينية...
وكما أسلفنا في ظل تراجع وتخبط الخطاب الوطني الفلسطيني وعدم مقدرة المؤسسة الفلسطينية على إنتاج خطاب وطني موحد قادر على مواجهة تشرذم وتشتت الأطروحة الفلسطينية تصبح معها مسألة كمسألة وحدانية وشرعية التمثيل من قبل منظمة التحرير موضع تساؤل كبير... بل من الممكن اعتباره موضع تشكك وتشكيك حول حقيقة وطبيعة وجودية هذه المؤسسة التي أُعتبرت بمثابة الوطن المعنوي الذي منح الشعب الفلسطيني هويته الحضارية من خلال التجمع الجبهوي الشعبي الائتلافي العريض المسمى منظمة التحرير الفلسطينية والذي استوعب كل أشكال الفعل الفلسطيني السياسي والدبلوماسي والشعبي والنقابي وبالتالي المسلح... وكان هذا البيت هو الحاضنة التي تصب فيها كل الرؤى والأفكار ومن ثم تكون صياغة المواقف الوطنية الفلسطينية بما يتناسب وحدود التوافق الوطني مع الأخذ بعين الاعتبار الهوامش للرأي والرأي الأخر في الإطار العام لمنظمة التحرير...
ان مؤسسة منظمة التحرير الفلسطينية ومنذ بداياتها وحتى الأمس القريب عملت على تعزيز توالف قواها وتعزيز تحالف مسارات البنادق المقاتلة المناضلة لتحرير الأرض والانسان ولم تحاول ان تعمل على شطب احد من القوى والفصائل الوطنية العاملة على الساحة الفلسطينية وان كانت المناوشات والمناكفات في كثير من الأحيان سيدة الموقف ما بين تلك القوى، وان حاولت تلك القوى العمل على تعزيز نفوذدها وسيطرتها على مؤسسات المنظمة وبرغم المحاولات المحمومة للكثير من الأنظمة العربية للعبور والولوج الى تلك المنظمة عبر الوجوه الفلسطينة سائدة ولم تتتوقف على مدار سني عمر المنظمة ...التي حاولت حرف مسار فعل المنظمة عن اساسياتها... الا ان تلك المنظمة وحتى الأمس القريب لم تحاول ان تتنصل من أدبياتها الأساسية التي قامت عليها ولم تحاول ان الإلتفاف على جوهرية وجوديتها ... وبالتالي استطاعت برغم الكثير من الأخطاء ان تحافظ على مسارها الإستراتيجي واستحقت ان تكون ممثلة الشعب الفلسطيني الشرعي والوحيد حيث التفت حولها جماهير الداخل والخارج ومنحتها كل الثقة كونها قد رأت بأطروحاتها ما يستحق ان تعتبرها ممثلة له وكونها تعبر عن اردته بالعودة وحق تقرير المصير.... وحيث ذلك فلا يوجد خلاف بين الفصائل الفلسطينية المختلفة أو بين أبناء الشعب الفلسطيني على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي المظلة الكبيرة والبيت الجامع لكل الفلسطينيين، أو هكذا كانت على الأقل، لكن في الوقت نفسه لا يخفى على أحد أن المنظمة بشكلها وتكوينها وشخوصها الحاليين لا تمثل الشعب الفلسطيني بأي شكل من الأشكال، في ظل ميثاق مخترق، ولجنة تنفيذية غير قانونية، ومجلس وطني متضخم ومنتهي الصلاحية والولاية، وفي ظل أطروحات سياسية متناقضة مع اساسيات المنظمة ...وفي ظل هيمنة وتفرد تيار سياسي يسعى لتطويع المنظمة بما يتلائم ونزعاته السياسية، وبوجود شخصيات يجمع الكثيرون على رفضها لتبنيها مبادرات تسقط حقوق الشعب الفلسطيني.
إن وحدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية تنطلق من التمسك بالثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة إلى الأماكن والممتلكات الأصلية وليس من خلال حلول تلفيقية، يتم صناعتها في أماكن اخرى غير الأماكن الفلسطينية ذاتها.
وفي ذات السياق فإن ما أقدمت وما تقدم عليه الحكومات الفلسطينية المتعاقبة منذ البدايات لعمر هذه الحكومات يتجاوز صلاحيات هذه الحكومات المعلومة والمعروفة في مناطق السلطة الفلسطينة كون ان ولايتها فقط فيما تسمح به ولاية الإتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي المُخترقة اكثر من مرة من قبل الجانب الإسرائيلي... وكان من الواضح ان هذه الحكومات والتي حظيت بدعم ومساندة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (الفاقدة لشرعيتها بالظرف الراهن) والمكلفة اصلا بمواجهة ومجابهة الحالة الفلسطينية الجديدة على خلفية الحسم العسكري من قبل حركة حماس في قطاع غزة مما نشأ عنه فصلا قسريا ما بين الضفة الغربية وغزة الأمر الذي تم تشكيل حكومات متعاقبة على اساسه لإنفاذ ما يسمى بحالة الطوارىء ومن الملاحظ هنا انها قد تجاوزت إنفاذ حالة الطوارىء هذه الى محاولتها اللعب على الثوابت الوطنية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني سواء فيما يخص قضية العودة او فيما يتصل بمسألة الحق بالمقاومة وهو الأمر الذي يخرج عن نطاق صلاحيات اي حكومة من حكومات السلطة الوطنية الفلسطينة....
ان الحكومات الفلسطينية المتعاقبة والحالية على وجه الخصوص والتي ُدعمت بشكل او بأخر من منظمة التحرير كانت قد اوقعت نفسها بمطب انزلاقي اعتقد انه خطير وخطورته تكمن في انها قد عززت حالة الإنقسام ما بين فئات الشعب الفلسطيني المحتلفة والمتناقضة أصلا ولا اقصد هنا الخلاف والتصارع ما بين فتح وحماس فحسب بل ما بين مختلف التوجهات السياسية الفلسطينية وتلك الشعبية وذلك على خلفية تصريحات اركان هذه الحكومة فيما يخص قضية اللاجئين او فيما يخص الحق بالمقاومة.. وبالتالي فإن هذه الحكومة تحاول تغير معالم خارطة الطريق الفلسطينينة الأساسية والتي قامت عليها منظمة التحرير الفلسطينة واستمدت شرعيتها ووجودها من خلال هذه الأسس .. وحيث ان منظمة التحرير وحسب ما هو معلن المرجعية العليا لحكومة السلطة وللسلطة ذاتها... فبالتالي تقع المسؤولية الأولى والأخيرة على عاتقعها...
وعلى ذلك وحسب مشهدية الواقع الفلسطيني ومجريات المسار السياسي وتصريحات رعاة مؤسسة منظمة التحرير الجدد نلاحظ ان هذه المنظمة ما عادت تلبي طموحات وتطلعات الكل الفلسطيني وبالتالي نعاود طرح سؤالنا من جديد.. هل منظمة التحرير الفلسطينية ما زالت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده........... ؟؟
بالاضافة الى ان منظمة التحرير لم تعد مقررة بالشأن العام فلسطينيا وخاصة فيما يتصل بالقضايا المفصلية ومن الوضاح ان ثمة تخبط وتناقض بالتصريحات والتفسيرات بين اقطابها الأمر الذي يعكس حقيقة الازمة في اروقتها ... وبالتالي تصبح مسألأة وحدانية التمثيل وشرعيته محل تشكك وتشكيك، واخيرا ثمة ملاحظة لابد من ادراكها ان تتغول مؤسسات السلطة على مؤسسات المنظمة قد جعل من المنظمة منحنية جانبا .