نشر بتاريخ: 26/07/2015 ( آخر تحديث: 26/07/2015 الساعة: 15:55 )
الكاتب: واصف عريقات
كثرت تصريحات قادة إسرائيل حول تعاظم مكانة م ت ف السياسية وقدرات قواتها العسكرية من خلال الإعداد والتدريب والتنظيم واكتساب المقاتلين الفلسطينيين خبرة وكفاءة عبر تصديهم للاعتداءات الإسرائيلية طيلة السنوات الماضية في لبنان بشكل عام والجنوب والبقاع والعرقوب والساحل بشكل خاص, وما أقلقهم أكثر فشلهم في زرع الفتنة بين م ت ف والحركة الوطنية اللبنانية او التفريق بين الشعبين اللبناني والفلسطيني وزاد الطين بلة إنشاء غرفة عمليات مشتركة فلسطينية لبنانية دائمة التنسيق والتعاون وأصبحت تشكل قوة ردع حقيقية, وأخذوا يهددون ويتوعدون بالقضاء على هذه القوة ونفذوا عدة اعتداءات جوية واجتياحات برية في النبطية وقلعة الشقيف وارنون وكفر تبنيت وكفر رمان وحرش النبي طاهر وحبوش وزفتا والعايشية والوادي الأخضر والزهراني وتفاحتا والصرفند وابو الاسود وبرج رحال وصور والرشيدية وجسر القاسمية واعتداءات مماثلة في العرقوب وطلعات جوية فوق طرابلس بلغت ذروتها يومي27و28 نيسان عام 1981 بعدوان جوي تدميري بهدف تقطيع الأوصال في جنوب لبنان وتم استهداف الطرق الرئيسية والفرعية والجسور والبنية التحتية والنقاط الاستراتيجية والحيوية واستهدفوا مواقع المدفعية والصواريخ كافة,
قدرنا انها مقدمات وتحضير لعدوان اوسع واختبار لقدراتنا, عزز تقديرنا هذا تنامي تهديداتهم وأخذوا يركزون بشكل خاص على سلاح المدفعية والصواريخ وضرورة ابعادها الى ما وراء الحدود وخطوط الهدنة 40 كم, وصمد المقاتلون في القوات المشتركة امام كل هذه الإعتداءات وجرى قصف متبادل بالمدفعية والصواريخ وفي خطوة دراماتيكية وافق الاحتلال على وقف اطلاق نار اعتبارا من 3 حزيران, واذ بها خدعة حيث تم قصف المفاعل النووي العراقي يوم الاحد 7/6/1981, ورغم ان القوات المشتركة في حالة جاهزية تامة ودائمة لمواجهتهم الا ان تقديرنا للخطر تضاعف وشعرنا باقتراب العدوان الكبير مع رفع وتيرة تهديدات رئيس وزراء العدو الاسرائيلي مناحيم بيغن الذي وعد المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة أكثر من مرة بالقضاء على المدفعية والصواريخ وانه سيمنع بالقوة اطلاق الصواريخ الفلسطينية وذلك خلال حملته الانتخابية وبناء على ثقة قائد سلاح المدفعية الاسرائيلي ارييل مزراحي باجهزة الاستمكان الامريكية التي احضرها من امريكا للقضاء على المدفعية وقد تناسى مزراحي الذي درس علم المقذوفات والصواريخ في الولايات المتحدة الأمريكية انني سبقته في دراسة ذات العلم "حينما كنت ضابطا في الجيش الاردني" وفي نفس مدرسة المدفعية الأمريكية (فورت سل) بولاية اوكلاهوما وعلى نفس المعدات التي هددنا بها وهي نموذج مصغر للقبة الحديدية,
واصبح من الضروري مضاعفة الإعداد والتدريب لمواجهة هذه التهديدات, وضعنا الخطط ورسمنا السيناريوهات المحتملة واجرينا التمرينات على المستويات كافة فردية على مستوى البطارية وجماعية على مستوى الكتيبة والقوات والسلاح ونفذنا المناورات وكان آخرها المناورة الضخمة التي جرت يوم 27/6/1981 وحضرها الشهيد ابوعمار ولفيف من القيادة والضيوف وجاءت مناورة المدفعية تحديا لمناحيم بيغن وفيها اظهر رجال سلاح المدفعية والصواريخ الفلسطينية مهارة ميدانية عالية وكفاءة فاجأته وكل قياداته وفقد صوابه حين استخدمت المدفعية الكمبيوتر وجن جنونه عندما علم بان هذا الكمبيوتر منتج وطني فلسطيني ودون مساعدة احد من الخارج ماديا او معنويا اوعلميا وهي حقيقة فاجأت الأصدقاء ايضا, وهو ما يعني بالنسبة له تطور لافت في الوعي والمعرفة العلمية الفلسطينية والاعتماد على الذات, وجاءت الضربة الموجعه له حين نشرت مجلة فلسطين الثورة في عددها 381 تاريخ 6/7/1981 خبر المناورة وجاء موضوع غلافها الكمبيوتر في المدفعية الفلسطينية ومخاطبة الشهيد ابوعمار رجال المدفعية قائلا :انتم الرد على غطرسة العدو .
فجاءت غطرسة العدو يوم الجمعة الموافق 10/7/1981 وفي خدعة ثانية وفي ظل وقف اطلاق النار المبرم يوم 3 حزيران قصفت طائراته ومدفعيته ومدفعية سعد حداد معظم المخيمات والمواقع الفلسطينية من النبطية وقلعة شقيف جنوبا حتى صيدا والدامور والناعمة شمالا مرورا بالزهراني ومن الرشيدية وصور حتى بيروت, ردت المدفعية الفلسطينية المشتركة بقصف على كريات شمونه ونهاريا ومسكاف عام ومعظم المستوطنات المحيطة وقد تحدث شيمون شيفر عن القصف الفلسطيني قائلا "قصف المخربون 33 مستوطنة اسرائيلية 88 مرة واطلقوا عليها 1230 صاروخ كاتيوشا وقذيفة مدفعية تسببت بمقتل ثلاثة اشخاص وجرح 29 شخصا" وفي يوم 20/7/1981 اتصل بي الشهيد ابوعمار وقال الجماعة "راسهم يابس" حيث كان هناك حديث عن وقف اطلاق نار لكن اسرائيل تحاول رفع سقف شروطها فهمنا قصد ابوعمار وكثفنا القصف المدفعي والصاروخي ونقلناه الى العمق, وتم تهجير الاف السكان وتعطلت الحياة في فلسطين المحتلة واخذت الاحزاب الاسرائيلية مبام وشيلي وحداش تطالب بوقف الوضع المتفجر وشعر بيجن عندها ان لا مجال لتنازل فلسطيني فرضخ لكنه اشترط عدم اتصال فيليب حبيب الوسيط الامريكي مع م. ت. ف بل مع الرئيس اللبناني الياس سركيس والحكومة اللبنانية ومن خلال الجنرال كالاهان قائد القوات الدولية في جنوب لبنان,
وصدر قرار من مجلس الامن يوم 22/7 ولم يلتزم بيغن لكنه طالب الوسيط الامريكي الضغط على م. ت. ف لوقف اطلاق الصواريخ والقبول بالهدنه وطلب وساطة الرئيس اللبناني الياس سركيس والسفير السعودي علي الشاعر وفي ظل استمرار القصف وافقت اسرائيل على وقف اطلاق النار وابلغ فيليب حبيب سكرتير الامم المتحدة فالدهايم بذلك على ان يسري اعتبارا من الساعة الواحدة ظهر يوم 24/7 , رفض ابوعمار وقال لا يحق لفيليب حبيب وبيغن ان يحددا ساعة وقف اطلاق النار دون التشاور معنا ولذلك لن نوقف اطلاق النار الا عند الساعة الخامسة مساء, ولم يتوقف القصف الفلسطيني وجاءت آخر صواريخنا وقذائفنا عند الساعة الخامسة مساء بحسب امر الشهيد ابوعمار.
صرح بيغن على اثرها حيث اضطر للنزول الى الملاجىء في كريات شمونه, "يذكرونني بقولي انه لن تسقط صواريخ على كريات شمونا, ان هذا تحريف لكلامي , لقد قلت انه سياتي يوم لن تسقط بعده صواريخ كاتيوشا على كريات شمونا" ورضخ بيغن وحبيب وثبتت الهدنة بارادة الثوار وابوعمار وجاء هذا اقرار ب م ت ف, وقد نشرت اسرائيل ضمن صفحات كتابها P L O IN LEBANON selected documents للكاتب الاسرائيلي رافائيل اسرائيلي وثيقة صادرة عن قيادة المدفعية الفلسطسينية المشتركة استولت عليها عند اقتحامها للعاصمة بيروت وتحتوي على قائمة اهداف قصفتها المدفعية الفلسطينية يوم 21 تموز 1981 خلال العدوان وهي جزء من بنك الأهداف الفلسطيني. لذلك اطلق على العدوان اسم حرب المدفعية الفلسطينية ونشدوا لها على طريق عكا في حنفية مشروب الهنا يامدفعية.