الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

كهرباء غزة: من نصدق؟

نشر بتاريخ: 27/07/2015 ( آخر تحديث: 27/07/2015 الساعة: 15:38 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

ثماني سنوات الشكوى هي الشكوى، الكلام نفس الكلام، قطاع غزة بلا كهرباء، الناس تئن، أحيانا نخجل من الكتابة و حتى مجرد الحديث والمجاهرة عن ما نعانيه من قهر وظلم وصعوبات الحياة اليومية.
أزمة الكهرباء أولوية مقدمة على كل الأولويات، ومع ذلك نقول وفي داخلنا حزن وألم كبيرين وفي حلوقنا غصة، أن من يتحمل المسؤولية هم أبناء جلدتنا، ولا حل لنا إلا بإتمام المصالحة، واحترام دماء الشهداء وحفظ كرامات الناس.

إن الاستمرار في الانقسام يعني اضاعة الأمل وتدمير ما تبقى من عدالة قضيتنا والمشروع الوطني، وفي كل مرة تتجدد أزمة الكهرباء نبرأ الإحتلال من مسؤولياته، فهو في حالة من راحة الضمير من خلال التعبير عن قلقه على الوضع الإنساني في قطاع غزة و استعداده بتزويد القطاع بالوقود، مع انه سبب رئيس في كل مصائبنا ويدفع بنا نجو الكارثة ونسهل له مهمته.

في الأزمات التي تمر بها الشعوب تتدخل الدولة أو الرئيس القائد لوضع الحلول وحل مشكلات الناس، ونحن من حمد الله، لنا رئيس يصول ويجول في كل عواصم العالم، ولنا السلطة الفلسطينية التي تحتكر كل شيء ما عدا غزة فهي محتكرة من منافس آخر، ومجلسان تشريعيان، ولدينا حركتان سياسيتان تتصارعان على قيادتنا، ولنا حكومة و رئيس وزراء، ووزراء و نواب لهم ومستشارون، وحشم وخدم، وموازنات، ولنا شرطة وأجهزة أمنية مدربة تدريبا عاليا على قمع الناس وإرهابهم، و مخبرون وكتبة تقارير منتشرون في كل زاوية من زوايا الوطن، وتقوم بما هو مطلوب وغير المطلوب، ولنا بدل السجن سجون ومراكز تحقيق تقدم بها وجبات من العنف والتعذيب، وتكتظ بالعشرات وربما المئات من المعتقلين السياسيين.
وحتى الان لم نتمكن من تقديم النموذج الافضل من الحكم الصالح الرشيد، حكامنا السياسات كانت ولا تزال غير عاقلة وليست رشيدة وبعيدة عن الشفافية والمحاسبة ومصارحة الناس.

معركة الكهرباء في غزة ام المعارك، الناس لا يطلبون المستحيل، نريد ان نصدق انكم لن تتنازلوا عن الثوابت من اجل دفع الثمن بفاتورة الوقود والكهرباء، نريد منكم معرفة الحقيقة و رد الاتهامات التي تقول انكم توظفون معاناة الناس بالحصار، وتعظيم ازمة الوقود والكهرباء لاستمرار مظاهره، وإخفاء الحقيقة عن الناس، وتنفيذ وعودكم بان الازمة سوف بعد توقف الحرب وان القادم خير ومبشر، بشرتم الناس بالميناء والمطار ورفع الحصار و إعمار غزة، و بهدايا الوقود القطري وإعفاء الوقود من ضريبة البلو. والسؤال الذي يدور في عقول الناس اليس من باب أولى ان تتوقف حماس عن جباية ضرائب غير قانونية وتطالب جهاراً نهاراً بوقف ضريبة البلو؟!

لا معلومات واضحة لدينا ان كنتم تجبون الضرائب عن الوقود القطري ام لا، نريد منكم اجابات واضحة و حقيقية ومصارحة الناس ومكاشفتهم بحجم المشكلة وطريقة ادارة الازمة، في عصرنا لا قيمة للقيود المفروضة على الحق في الحصول على المعلومات، الناس يمتلكون من الادوات ما يؤهلهم للنقد والتحليل ومعرفة الحقيقة من دون مواربة.
تريدون من الناس الصمود والصبر من دون حتى اشراكهم ومصارحتهم وإظهار اقصى اشكال التضامن معهم، وان تكونوا معهم، لا يكفي ان يكون بعضكم أئمة مساجد وخطباء جمعة، كونوا معهم في الشوارع والحواري، اسمعوا الناس، وعيشوا معاناتهم الكبيرة، الناس مطالبهم بسيطة فقط يريدون العيش بسلام وكرامة.

نمارس العقاب الجماعي بحق بعضنا البعض، وكلنا في غزة ندفع الثمن، ندفع ثمن الانقسام والفقر والبطالة والتطرف والعنف والتربة الخصبة للمزيد من التفجيرات والمتطرفين والمستقبل الغامض بالعيش الحر والكريم، والحرمان من الحق بالسفر والعلاج والتعليم والعمل، والحقوق الطبيعية التي لم يمنحها لنا أحد.

كيف يصمت الرئيس عن حرمان آلاف المواطنين من حقهم في الحصول على الحد الأدنى من الكهرباء؟ وكيف لم يمتلك الرئيس الشجاعة ويتخلى عن نرجسيته وعدم سماعه بمأساة الناس حتى لو كانت حماس السبب؟ هل هو عقاب لحماس أو لغزة وأهلها على ذنب لم يقترفوه أم ترويض لهم أم لنا في لعبة السياسة التي تمارسها اسرائيل عليا للقبول بما هو قادم ام ماذا؟

مسؤولية ما يجري في أزمة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة جماعية، والرئيس عباس مسؤول بصفته رئيسا للفلسطينيين، ومطالب بالتدخل الفوري لوضع حد لتلك الأزمة، كما لا تعفى حركة حماس من المسؤولية التي تفرض سيادتها على القطاع، و تقع عليها مسؤوليات كبيرة ومطالبة بالقيام بالتزاماتها وتعهداتها للناس، والعمل على وضع حد وحلول فورية للأزمة وحل مشاكل الناس في القطاع.