نشر بتاريخ: 30/07/2015 ( آخر تحديث: 30/07/2015 الساعة: 11:36 )
الكاتب: عباس الجمعة
واقع مر بحاجة الى استنهاض من مختلف مكونات طيفه السياسي، حيث ان الشعب الفلسطيني على ارض وطنه فلسطين وفي اماكن اللجوء والشتات كان لها إسهاماته الكبيرة والكثيرة الا انه اليوم وفي ظل الظروف الخطيرة التي تتعرض له المنطقة وقضيته المركزية تستدعي من الجميع استنهاض الطاقات للأفشال ما يحاك من مؤامرات هدفها الاساس شطب الحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني وفي المقدمة منها حق العودة .
من هنا نقول التجربة الغنية للشعب الفلسطيني في مختلف ميادين الفعل والكفاح والنضال، والعمل المجتمعي والجماهيري بمختلف أشكاله، سوف تتصدى لهذه المؤامرات التي تحاك من هنا وهناك ، لهذا لا بد من الفصائل والقوى الفلسطينية العودة الى العمل الجماهيري، من اجل بلورة الهوية والكيانية الفلسطينية، و صوغ برامجها وتوجهاتها وتصوراتها وقراراتها، في سبيل الثبات على مواقفها والدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، والانحياز لحقوق الشعب الفلسطيني ، لأن ما نراه اليوم أن الفصائل والقوى الفلسطينية تعيش أزمات بما يهدد مستقبلها، وينقلها من الدور القائد والشريك في النظام السياسي الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية إلى التهميش في الخارطة السياسية الفلسطينية، وفي مجمل الحياة المجتمعية الفلسطينية، أن بقي تتعامل مع أزماتها في إطار من النمطية والرتابة العاليتين، وتغيب لغة المبادرة والإبداع والفعل، وإجادة لغة النقد والتحليل دون وضع البدائل العملية ووضعها موضع التنفيذ.
لهذا فأن الشعب الفلسطيني يرفع الصوت وحده دون ان يجد من يسانده حول ما يحاك على مستوى الغاء خدمات الانروا تحت حجة عدم توفر الموزانات المالية لتغطية خدماتها ، وهذه الحجة تأتي في سياق المشاريع التي تستهدف شطب حق العودة ، وهنا السؤال اين الفصائل والقوى الفلسطينية كافةمما يحاك ، صحيح هناك تحركات لم تفي بالغرض لمواجهة قرارات وكالة الانروا ، واين دور منظمة التحرير والسلطة الوطنية على الصعيد السياسي والدبلوماسي وفي اروقة الامم المتحدة لمطالبة الدول المانحة بدعم المستحفات لوكالة غوث اللاجئين ، وخاصة ان الشاهد العيان على نكبة الشعب الفلسطيني ، وباعتبار حق العودة هو اساس المشروع الوطني ، فلا يجوز ان يدفع الشعب الفلسطيني فاتورة بفعل سياسات الانقسام والخيارات السياسية المطروحة.
واليوم الشعب الفلسطيني يعيش العديد من الأزمات المركبة والمتداخلة ، وهذا قد تنتج عنه وقائع مأزومة على نحو أشد وأعمق، فأرى أن هناك العديد من المسائل التي يجب أن تجيب عليها تلك الفصائل والقوى، إذا ما أرادت ان تكون صوت الجماهير الفلسطينية، والأسئلة والأجوبة بالضرورة أن تخرج عن الرتابة والنمطية المعهودة، فهذه القوى مجتمعة عليها أن تقر أن أزماتها النوعية، بحاجة لأسئلة وأجوبة نوعية، وعليها أن تجيب على السؤال المحوري والهام، بعد كل هذه النضالات والتضحيات الكبيرة جداً، الذي قدمها الشعب الفلسطيني ، اين هي مما يحاك، لأن هذا الشعب العظيم لم يعد بحاجة الى تحليلات سطحية وعاطفية واستنتاجات مجزوءة وقاصرة، تحول الهزيمة لنصر وتضخم الحجم والذات والدور والفعل.
وفي ظل هذه الظروف نؤكد بان ثورة الشعب الفلسطيني ممكن ان تتجدد نتيجة وقف خدمات وكالة الغوث الدولية ، لهذا على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المرجعية الحقيقة والمباشرة لجماهير شعبنا الفلسطيني ان تقوم بدورها في مواجهة تصفية "الاونروا" باعتبار ما يجري هدفا رئيسيا تسعى إليه دولة الاحتلال الصهيوني بمساعدة الكونغرس الأمريكي.
لقد بات واضحا للقاصي والداني أن الكيان الصهيوني وأدواته في العالم ، ومن ضمنهم نواب في الكونغرس الامريكي والبرلمان الاوروبي وبعض الدول العربيه ، يضغطون باتجاه تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) وتسليم مهامها للمفوضية العليا السامية لشؤون اللاجئين.
وقد لوحظ في السنوات الاخيرة، أن الاونروا وضعت فعلا في دائرة تسليط الاضواء وأصبحت في عين العاصفة، من أجل التخلص من الشاهد الوحيد على جرائمهم اللاانسانية المتمثلة بتشريد شعب كامل من أرضه، وطي ملف اللجوء الفلسطيني، وتعميق وجودها في المنطقة كدولة سيدة.
لذلك وفي ظل خطورة ما يجري من كابوس يهدد قضية اللاجئين" تتطلب وقفة واضحة حيث ترتسم عملية لتصفية ملف اللاجئين الفلسطينين وشطب حقهم في العودة وتوطينهم في اماكن تواجدهم.
ان وجود الاونروا يثبت بأن اللاجئين الفلسطينيين هم ضحايا الجرائم الصهيونية, ولهم الحق في العودة الى ارضهم وممتلكاتتهم التي شردوا منها، وانما ما يجري انكار لحق العودة, بهدف تفكيك المخيمات الفلسطينية لاخفاء آثار جريمتها, وكل ما يحاك من مبادرات ومشاريع لحل القضية الفلسطينية يأتي في انهاء دور الاونروا بذريعة أنها العائق الرئيسي أمام تحقيق السلام بينها وبين الفلسطينيين, وحتى تفرض مشاريع تصفية حق العودة وشطب حقوق الشعب الفلسطيني يجب أن ينتهي دور الاونروا وفق قرار دولي مع دمج وتوطين اللاجئين في الدول المتواجدين بها وتهجير اغلبيتهم , على ان تتولى السلطة شؤون لاجئ غزة والضفة.
ان المحاولات الجارية لانهاء دور الاونروا والقرارات المتعلقة باللاجئين وتهجيرهم وتوطينهم, تتم من خلال استراتيجية يتم العمل على تنفيذها, من خلال ايقاف المساعدات والتبرعات, وتعبئة الراى العام حول ذلك 0 أما على الجانب الفلسطيني, فكل ما يصدر عنه هو ردات فعل نتيجة لمواقف معينة ,يتم من خلالها توجيه النقد للاونروا على تراجع آدائها في تقديم الخدمات والمساعدات الانسانية, دون وجود استراتيجية ثابتة أو تحرك منظم لمواجهة خطة اسرائيل في انهاء دورالاونروا ، وحتى يتم ذلك, يجب على الفلسطينيين التمسك بالاونروا, والعمل على تطويرا دائها, والسعي لمحاولة جعل مساهمات الدول وخاصة العربية اجبارية وليست تطوعية ,حتى تحافظ على استقلاليتها, وتظل بعيدة عن التجاذبات السياسية, وتؤدي دورها القانوني وتساعد في حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وفي ظل هذه الظروف التي تتعرض لها فلسطين القضية والشعب والارض والحقوق ، نرى ان بعض الاسلام السياسي المتحكم بالسلطة يصدر القوانين ويأخذ الشعب الفلسطيني رهينة الفقر والعوز ، كما سيأخذه إلى أوضاع يفقد فيها منعته السياسية وقدرته على التحمل ، بدلا من التوجه بنية صادقة لخوض معارك الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنيه من خلال تطبيق اتفاقات المصالحة وانهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية واعطاء حكومة التوافق الوطني دورها ، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ، ورسم استراتيجية وطنيه تستند لكافة اشكال المقاومة والتوجه الى الامم المتحدة لمطالبتها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، زالاخذ بعين الاعتبار المرحلة السياسية الراهنة من خلال التصدي للمهام الوطنية العاجلة ، أي وقف الزحف الاستيطاني في الضفة والتهويدي في القدس ورفع الحصار عن قطاع غزة وإعادة اعماره وحماية مقاومته ومحاربة عصابات الإرهاب التكفيري فيه، على طريق دحر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين في التعويض والعودة إلى ديارهم الأصلية..
ان تداعيات حالة الفلتان الأمني على المستقبل الفلسطيني في مخيمات الشتات هي خطيرة على المستقبل الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني الذي عاش لسنوات تحت الظل الثقيل لهذه الحالة لن يستطيع أن يتجاوز آثارها وانعكاساتها على واقعه ووعيه المجتمعي بسهولة، بعد ان نمت حالة متسالمة وظلامية في غضون السنوات الاخيرة تحمل ثقافة جديدة في المجتمع الفلسطيني هي "ثقافة الفلتان الأمني"، وهذه الثقافة أقرب ما تكون إلى شريعة الغاب، وانتشرت "ثقافة الفلتان الأمني" على وجه الخصوص في مخيم عين الحلوة ، وأصبحوا فوق القانون وفوق أي مساءلة من قبل أي جهة، وان ثقافة هؤلاء السوداء، تتطلب وقفة من جميع القوى والفصائل والفعاليات امام حالة "الفلتان الأمني" من خلال إطلاق عملية طويلة الأمد تتوفر فيها الإرادة الوطنية لانهاء هذه الظاهرة قبل ان يدفع الشعب الفلسطيني الكثير من التضحيات
وهنا لا بد من القول علينا ان لا نغفل الدور التاريخي لحركة فتح في النضال الوطني الفلسطيني وتقديرنا له ولأن الحركة كانت منذ نشأتها حاضنة وطنية هامة استوعبت واحتضنت أجيال فلسطينية متعاقبة من الوطنيين المؤمنين بعدالة قضيتهم، وكانت حامل أساسي للمشروع الوطني الفلسطيني وكان لدورها بصمة واضحة في تاريخ قضية فلسطين. وهذا ما يزيد من حجم مسؤولية حركة فتح عن الوضع الداخلي في المخيمات الفلسطينية، كما يتطلب من الجميع التعاون لما فيه مصلحة المخيمات ومصلحة الشعب الفلسطيني ، هو دعوة لتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية وتعميقها لمواجهة كل المخاطر ، لأن هذا الشعب العظيم يناضل من أجل حق العودة واحترام سيادة لبنان ومسيرة السلم الاهلي والتزامه بالقوانين والانظمة اللبنانية وعدم الدخول في التجاذبات ، لإن خيارات الإجماع الوطني الفلسطيني بالنسبة للموقف من الظروف التي تعيشها دول المنطقة ، تنبع من وقائع التجربة الحية التي عاشها الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية على مدار العقود الماضية.
ختاما : لقد آن لنا أن نتعلم وأن نتعظ وقد تجاوزنا المراهقة والإرتجال في العمل السياسي، فإن لم نجد حلول سريعة للحالة التي تجري في مخيم عين الحلوة ، ستكون الامور معقدة خصوصاً ، ويبدو أن الحل الأنضج الآن هو ضرورة العمل على توافق فلسطيني لانهاء هذه الحالة ، وخاصة ان الظرف الفلسطيني يمر بمرحلى دقيقة نتيجة ما يحاك من محاولات لتصفية حق العودة من باب انهاء خدمات وكالة الانروا ، لكن هذا الإنحياز لايترجم بالتخندق وراء المتاريس ، بل يترجم بمد اليد لمساعدة الشعب الفلسطيني في ميادين العمل الإجتماعي والإغاثي والصحي وغيره وحتى تبقى بوصلة شعب فلسطين هي العودة لفلسطين الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها .