الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما يجب ان يقال في ظل حرق الشهيد الطفل دوابشة...

نشر بتاريخ: 02/08/2015 ( آخر تحديث: 02/08/2015 الساعة: 15:25 )

الكاتب: يونس العموري

مرة اخرى تأتي الجريمة في ظل هذا الواقع المرير الذي نحيا ... ومرة اخرى تكون النتيجة واحدة من البشاعة في ظل الصمت والسكون والتقاعس وسيد الموقف ضبط النفس .. والزمجرة من على منصات الخطابة ... مرة اخرى تنظلق قطعان المستوطنين لتمارس فعلها كجزء من سياسة فرض الامر الواقع ويكون ما يكون من حسابات جديدة تفرض نفسها على الارض مؤثرة بالحسابات الرقمية ..

مرة اخرى يكون العجز سيد الموقف ... ونلوذ بالفرار خجلا من وقائعنا .. وبازارا المناكفات والتجاذبات بين اطراف المعادلة النخبوية الفلسطينة واحدة من العناوين التي فرضت ذاتها بصباح الحرق والاحراق .. والفقراء يحاولون العيش ان استطاعوا الى ذلك سبيلا ...
تأتي جريمة حرق العائلة في القرية الوادعة كنتيجة طبيعية لتحول المدائن الى هياكل بلاستيكة في ظل فقدانها للروح وفي ظل استباحة البيت العتيق في يبوس الناطقة بلغة كنعان الاولى ...

ويكون التصريح والقرار بضرورة ضبط النفس اولا والوعد والوعيد بالتوجه نحو منصة ما يسمى بمحكمة الجنايات الدولية وهنا لابد من اعادة التذكير بكل جرائم الحرق والقتل والاستهداف وتلك المالفات وقد اصبحت في ارشيف النسيان .. وكجزء من احياء الذاكرة لا باس بافتتاح ميادين باسماء من حرقوا وقتلوا على ارصفة الشوارع ...
ايها القاعدون على قارعة الطرقات نوجه اليكم نداء بضرورة ان تسكتوا وان تحترموا اللحظة، فقد رحل الطفل الجميل وقضى حرقا، واصبح بلا اسم وكان من الممكن ان يكون رجل يعشق الليل ويعبث بنهار ازقة وحواري العتيقة.

ولا بأس سادتي القادة او ممن يسمون انفسهم قادة فلن تتوقف عجلة الواقعية الجديدة المتربصة باحلام الصغار. استثمروا ما شئتم من دماء فحسابات القرابين مختلفة عن حساباتكم واقعدوا حيث انتم قاعدون وابتعدوا عن اضرحة الشهداء ولا تستمعوا للصراخ فصراخ اطفال الحواري حتما سيزعجكم واذهبوا واتقنوا فنون الحوار وارفعوا ما شئتم من شعارات واستثمروا فأنتم البارعون في صناعة المواقف المتساوقة المُراد لها ان تسود وتتصدر المشهد الاعلامي لإثبات حسن النوايا بما يتوافق مع ما يسمى بضرورات المرحلة وفقا لمقاييس ومعايير وطبيعة الحدث واللحظة.

الطفل علي دوابشة، كان الاسم الاخر للبراءة الوادعة الآمنة الآمينة. (علي) صار الاسم الفعلي لعنفوان التمرد على كل شيء. وهو الاسم الحركي لحيوية من ينتظر الانتظار. واصبح الاسم المرادف لفعل التمرد على الواقع ومكامن السلطوية بصرف النظر عن كينونتها.
قتلناه جميعا حينما مارسنا الأكذوبة جهارا نهارا. بان رغد العيش ممكنا في ظل الامعان بالذبح والحرق ومعايشة الواقع ممكنة في ظل حياة المفاوضات. والسؤال يكرر ذاته وما من اجابة.

بقليل من الهدوء وحتى نعي مجريات الامور بسياقها الطبيعي والفعلي لابد من وضع النقاط فوق الحروف ، لابد من اعادة الاعتبار للفعل والفعل المباشر حتى نستوعب ما يجري وما سيكون وهنا نتوقف عند اللحظة الراهنة التي تؤكد ان الفعل الاجرامي لقطعان المستوطنين مدعوما بالشكل المباشر من المؤسسة الرسمية لدولة الاحتلال وهو الأمر المؤكد والثابت والرسخ والدليل كل هذه الممارسات في الفترة الاخيرة مع العلم ان التجمعات الاستيطانية انما تشكل الذراع غير الرسمية لأجهزة الاحتلال الرسمية مما يعني وما تعجز عن تنفيذه المؤسسات العبرية الرسمية ينفذها التجمعات الاستطيانية كما انهم يشكلون الخزان البشري الاساسي للاجهزة الامنية العبرية ومخزون انتخابي في سياق بازار التطرف لمجمل القوى الاسرائيلية.

تأتي هذه الجريمة الجديدة لتكشف مرة اخرى ودون الحاجة الى اثباتات ووقائع علمية عملية مسندة الى الدور المنوط بالجماعات الاستيطانية في الاراضي المحتلة في اطار برنامج منهجي يستهدف البشر والحجر والارض بهدف تحقيق الفعل الابتلاعي للارض الفلسطينية وتهجير اصحاب الارض الاصليين. واء اكان طوعيا من خلال خلق المناخات الطاردة لجماهير الشعب الفلسطيني تلك المناخات التي اصبحت حقيقة في ظل فقدان الأمن والآمان وفي ظل الواقع الاقتصادي الصعب وتفكك المنظومة الاجتماعية الشعبية الفلسطينية وتأجج وتأجيج الفتن الاجتماعية، وكل هذا في ظل الضياع السياسي وبعثرة وشرذمة الفعل القيادي الرسمي الفلسطيني في ظل انشغالها بخلافاتها الداخلية ومحاولة حرف بوصلة الفعل الفلسطينيى المقاوم. وهنا اضا لابد من اعادة الاعتبار للفعل وللفعل المضاد على اساس الاقتناع بان فلسطين محتلة وبالتالي لابد من مواجهة الاحتلال نضاليا وكفاحيا بصرف النظر عن المحظور ووفقا لقناعات الفعل الثوري المستند بالاساس الى ادبيات العملية الكفاحية للتصدي لجرائم الاحتلال.

وفي سياق الجريمة المتواصلة لابد من اعادة تكوين الذات الفلسطينية بعد ان اصبحت عنوانا للشرذمة والضياع وفقدان البوصلة. حيث انه لايمكن فصل جريمة حرق الطفل دوابشة وعائلته عن سياق الفعل الاجرامي الاحتلالي بكافة انحاء الاراضي الفلسطينةي المحتلة والكل مستهدف. والذات الفلسطينية تدرك ان اولوياتها لابد ان تكون تجاه اعادة الدور المنوط بالفعل الملموس الذي من شأنه ان يردع قطعان المستوطنين ومن يقف خلفهم رسميا في اطار الدولة العبرية.
اذن النتيجة الطبيعة والمنطقية اطلاق العنان للفعل والمطلوب رفع اليد عن الفعل المطلوب، والفعل المطلوب معلوم ومعروف دون الحاجة الى معاجم لفكفكة معادلته، والشعب المقهور قادر على ان يأخذ زمام المبادرة، والمبادرة ايضا معلومة ومعروفة وهي بالانتظار لخلق مناخاتها من خلال ايقاف ووقف المطارة لذويهاوالكف عن دعوات التعقل وضبط النفس.

الجريمة بشعة وبشاعتها ليس كونها جديدة واسلوبها جديد، بل بشاعتها تكمن في ظل العجز، وفي ظل الفتن التي تضرب الكل الفلسطيني وعلى مختلف المستويات وفي ظل التسابق نحو المدن البلاستيكية وفي ظل الردح الاعلامي ما بين الشخوص المتربعة على عروشهم الكرتونية، وفي ظل انتظار الراتب والصراف الألي الذي تحول الى خبر عاجل قد يكون الاهم والمهم، بشاعة الجريمة تكمن في ظل خراب البيت الفلسطيني وانهيار مداميكه واعمدته الاساسية.
وحيث ذلك وفي ظل الغضب الذي اعتقد انه يعتصر الذات الجمعية الجماعية الفلسطينة حتى في ظل كل هذا العجز نوجه الصرخة مرة اخرى للجالسون على الارائك ان اخرجوا من حياتنا واحترموا اللحظة ورجاء دعونا ولو قليلا نمارس حزننا وضجيجنا بحضرة الشهداء ...