الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خدوا الارباح ورأس المال واتركوا للاجيال "الاحتياط الاستراتيجي "

نشر بتاريخ: 10/08/2015 ( آخر تحديث: 10/08/2015 الساعة: 21:07 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في الاسبوع الماضي جلست مع مسؤول اممي كبير ، وعدد من السفراء ، وأكثر ما أثار قلقي قول احد المسؤولين الدوليين الكبار ان الاوضاع في قطاع غزة وصلت الى مرحلة تهدد الاحتياط الاستراتيجي للحياة ، وخصوصا في خزانات المياه الجوفية ومقوّمات الحياة والنهضة لمئة عام قادمة .
اما في الضفة الغربية فان الاحتياط الاستراتيجي للسكان مفقود وغير مسيطر عليه بتاتا ، فقد وضعت اسرائيل يدها على كل شئ ، المياه والحدود والاخشاب والمعادن والتراب والحقول ، لدرجة ان اسرائيل لم تترك للسلطة اي مجال تحكم بأي احتياطي للمستقبل سواء على شواطئ البحر الميت او الجبال او الاماكن الدينية او السياحة او النهر او الصحراء او المراعي ، وبذلك فان اسرائيل سحبت جميع مقومات الحياة من الاراضي الفلسطينية المحتلة وجعلتها تحت سيطرتها . يضاف الى ذلك المواد الخام والصناعات الثقيلة والتكنولوجيا والمختبرات .
وبعيد عن التشاؤم فان الاحتلال يتحكم بكل شئ باستثناء التعليم والاجيال القادمة وهو امر يدفعنا لمزيد من الانتباه والحرص على رفع مستوى التدريس والجامعات والكليات والبعثات الخارجية وطلبة العلوم لان هؤلاء من يقع عليهم مهمة اعادة البناء وترميم ما يجري تحطيمه اليوم .

ومن خلال رؤية عامة يبدو ان الحكومات استنفذت طاقاتها في تقديم ما يمكن ان تقدمه من خلال التوظيف والادارة والسيطرة ( ويجب ان نفرق بين مفهوم حكومة ومفهوم تحكم - فهناك حكم وهناك تحكم ) وان الجهة الوحيدة القادرة الان على استعادة هيبة المكان والعمل هي القطاع الخاص .

لثلاثين سنة قادمة يبدو ان المستقبل سيكون للقطاع الخاص وليس للقطاع الحكومي ، بدء من الشركات المغامرة الربحية ومرورا باقتصاد العائلة ووصولا الى المشغل الصغير . فالقطاع الخاص في فلسطين هو الجهة الوحيدة القادرة والراغبة في المنافسة والمغامرة ، وهذا يجعلنا نفكر من جديد في استنهاض القطاع الخاص في قطاع غزة والقدس وضرورة زيادة مساحته في الضفة الغربية .

وما بين الحوكمة والخصخصة ينقسم الخبراء الى مدرستين ، ولكن في وضع فلسطين الراهن يجب العمل بالاتجاهين . تأميم ( او مشاركة ) الموارد الطبيعية والسياحة الدينية و المواصلات والاتصالات والكهرباء والمياه والمعابر من جهة ، وخصخصة مجالات اخرى لا يمكن ان تنهض من دون بصمة القطاع الخاص مثل البريد وشركات الاغذية والعطاءات والاسكانات الحديثة والتكنولوجيا .
وقبل ان اكتب هذه المقالة اطلعت على ارقام حجم الاستثمار والمشاريع في صندوق الاستثمار الفلسطيني وحجم ارباحه التي لم تصل الى مليار دولار طوال 13 عاما ، وانا أقول ان بامكان صندوق الاستثمار ان يهزم المستحيل وان يتقدم بخطة شاملة تسابق الاستيطان واليأس وتثبت للعالم ان الاستثمار في فلسطين ليس شفقة ، وانما ذكاء وابداع لن تندم عليه الشركات العربية والعالمية .