الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس وإسرائيل واتفاق.....؟!!

نشر بتاريخ: 18/08/2015 ( آخر تحديث: 18/08/2015 الساعة: 20:51 )

بقلم: الدكتور محمد المصري

مقدمة:
نستغرب أشد الإستغراب, الذي لنا حق فيه, أن الحركة التي ادعت ما ادعت ونسبت إلى نفسها ما نسبت أن ترتمي في حضن إسرائيل من خلال اتفاق أقل ما يقال عنه أنه ثمن بخس أمام كل الادعاءات الكبيرة والشعارات الرنانة والدماء الغالية التي أريقت على مدى سنوات.

اتفاق لا يمكن تفهمهُ أمام المعاناة والدم, ولا يمكن تبريره أمام الشهداء (الشيخ الجليل احمد ياسين, والرنتيسي, وصلاح شحادة, ويحيي عياش, وكل شهداء الحركة,) الذين تعرضوا هم أيضاً إلى الإغراء ولكنهم صمدوا, وكانوا يدركون بأن الحلول المنفردة والنأي بغزة عن بقية الوطن, هو مصيدة واسوأ بكثير من اتفاقية اوسلو التي رفضوها.

نحن نستغرب, ونكاد نصرخ من شدة الألم والوجع, ذلك أن هذه الحركة التي أعتقد البعض منا أنها ضمانه استراتيجية وذخر نضالي, مهما بلغ الخصام السياسي بيننا, أن تذهب هذا المذهب الذي يشبه الانتحار السياسي والنضالي والوطني والقومي, حيث يأخذون كل مستقبل قضيتنا للضياع.

إذ لا يمكن استبدال شعار اسلامية فلسطين بممر مائي, ولا يمكن استبدال الشرعية الثورية باتفاق تسيطر فيه إسرائيل حتى على عدد حبات السكر أو العدس في كل سفينه من السفن التي قد تصل إلى قطاع غزة, ولا يمكن استبدال " قسوة الاقربين" بالاتفاق مع الأبعدين والأعداء, ولا يمكن أن يباع الشهداء من أجل النجاة بالرأس, أو الحفاظ حتى على الحركة, هذا اتفاق موجع يضرب الوحدة والنسيج الوطني, ويهدم تكامل الوطن ويمزق المشروع الوطني, ويخلق رأسين ومصلحتين ووطنين ولكن يخلق مستقبلاً واحداً, هو مستقبل الضياع والتسابق على الحضن الإسرائيلي, غير الدافئ ولا المريح ولا الآمن.

فكرة التقسيم والتفكيك: من الواضح أن المنطقة العربية دخلت عملياً فكرة التقسيم الجهوي والعرقي والطائفي, مبدأ التسويات الجزئية أصبح فكرة عالمية ( القرم في اوكرانيا, جنوب السودان في السودان, كردستان في العراق, المنطقة الآمنة شمال سوريا, تقسيم اليمن.... الخ... الخ), أذن, فكرة انفصال غزة جزء من الصورة العامة للتوجه العالمي, وجزء من الصورة العامة لمستقبل الإقليم العربي, إذا اضفنا الى ذلك رواية إسرائيل ومعالجتها للصراع الفلسطيني الإسرائيلي, وكذلك نواياها المسبقة في التخلي عن غزة أو اقامة دولة فلسطينية في غزة, فإن ذلك كله يتفق مع هذه التسوية الاخيرة, خاصة وان اسرائيل بحاجة إلى فترة من الهدوء النسبي لترمم قوتها العسكرية حسب توصيات كبار الجنرالات الإسرائيليين الحاليين و السابقين.

الرغبة في النجاة باي ثمن: حماس التي ترى في نفسها أنها محاصرة من قبل السلطة ومصر, وان الحياة اليومية في غزة أصبحت لا تطاق, تتخذ قراراً متطرفاً جداً, بالاتفاق مع إسرائيل من أجل حماية الحركة أولاً, والاستئثار بقطاع غزة ثانياً, إي أن حماس لن تفرط بغزة مهما كان الثمن, لو كان اتفاقاً مع إسرائيل.
هذه سابقة خطيرة في التاريخ الوطني الفلسطيني, تجيز للبعض العربي, البحث عن عقد صفقات واتفاقيات مع إسرائيل قبل انتهاء الصراع مع إسرائيل وحصولنا على الحرية والاستقلال, كيف تجيز لنفسها حماس, ان تعقد مجلس الشوري, وتتخذ هكذا قرار وكأن مجلس الشورى هذا يمثل الشرعية الفلسطينية, أستغرب واشعر بالصدمة, كيف تجرأت حماس على أن تخرج وتتجاوز دم الشهداء كل الشهداء, ونخص منهم في هذه المقالة بالتحديد شهداء القسام.

لن اتفاجأ أن سمعت, أن محافظة كالخليل, وهي أضعاف أضعاف غزة, أن تذهب بعيداً لعقد صفقة مع إسرائيل لتفك الحصار عن المسجد الحرام (مع الاعتذار لأهل الخليل) الذين تحاصرهم قطعان المستوطنين وفرق القتل الاسرائيلية أو أي محافظة أخرى, أليست حماس وقيادتها هي التي أقرت في اتفاق القاهرة بأن المفاوضات السياسية هي من صلاحية م. ت. ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, أليس هذا انقلاب على الاتفاقيات؟!

آثار الاتفاق ونتائجه:-
o حماس تقدم تنازلاً جديداً للإسرائيليين بحصر الخلاف مع غزة والاتفاق معها اتفاقاً مهيناً ومذلاً وناقصاً, لأنها لم تربطه بالحلول الشاملة أو القضية الوطنية.
o حماس تعزل نفسها عن المشروع الوطني الكبير (اخوانيتها على حساب فلسطينيتها)
o حماس تكرس الانقسام الفلسطيني الفلسطيني لفترة غير معروفة من الزمن.
o حماس تضع نفسها رهينة للسياسات الاقليمية والدولية.
o حماس تعزل نفسها حتى إقليمياً ( عن مصر والاردن والضفة).
o حماس ستدفع السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ تدابير أو الذهاب إلى خيارات قد تزيد من اتساع الخلاف بين الطرفين.
o حماس ستقدم نموذجاً لكل الجماعات والأطراف المتحاربة في العالم العربي لعقد اتفاقيات مشابهة مع قوى دولية ( وهو ما نراه بشكل أو باخر الآن , مما يدل على اننا ندخل تاريخاً جديداً, الدولة فيه أضعف من مكوناتها).
o حماس ستؤثر على الوضع في الضفة الغربية كثيراً من ناحية عناصرها وكوادرها وكذلك على طبيعة النضال الشعبي والدبلوماسي( صورة حماس كحركة مقاومة ستتغير أمام الجمهور الفلسطيني والعربي.)
o طبيعة الصراع ونوعيته وشدته ستتغير مع إسرائيل للسنوات العشر القادمة, وهو أمر سيسمح لإسرائيل التفرد بالضفة ومحاصرة السلطة (استيطان, تغيير العلاقة مع السلطة, تعزيز العلاقة الإسرائيلية مع جهات أخرى في الضفة)
اتقوا الله في الشهداء والاسرى والجرحى والمرابطين بالأقصى, قفوا وفكروا جيداً, فلسطين أكبر من الجميع وتتسع للجميع مهما اختلفنا ولا تستقووا على شعبنا بالاتفاقات مع الاسرائيليين.