نشر بتاريخ: 19/08/2015 ( آخر تحديث: 19/08/2015 الساعة: 11:23 )
الكاتب: سعيد زيد
انطلقت مسيرة إصلاح الأجهزة الفلسطينية منذ ما يزيد على عشرة أعوام ومرت بمراحل متعددة، إلا أن نتائج هذه العملية لم تأتِ أكلها، وفقًا لما تؤكده العديد من تقارير الرقابية الصادرة عن المنظمات غير الحكومية، وآخرها مقياس قطاع الأمن العربي وتوجهات المواطنين “الخاص بفلسطين”، الذي بلوره عدد من المراكز البحثية في كل من: فلسطين، والعراق، واليمن، وتونس، إذ حصلت فلسطين في التقييم الكلي لقطاع الأمن والعدالة على (0.50) نقطه وهو تصنيف ضعيف؛ نتيجة لحصول خمسة مؤشرات من أصل ثلاثة عشر على أقل من 50 بالمئة، وأهم هذه المؤشر ات ما يتعلق بالإطلاع والمعرفة باختصاص ومهام الأجهزة الأمنية، الذي حصل على علامة (0.28) وهي أدنى علامة يحصل عليها مؤشر في المقياس، أما المؤشر الآخر فهو المتعلق بالاعتقادات بشأن انتشار الفساد في الأجهزة الأمنية، والذي حصل على علامة (0.35)، يليه المؤشر المتعلق بمستوى تقييم المواطن لقدرات الأجهزة الأمنية ومهنيتها، والذي حصل على تقدير (0.45).
وفي السياق ذاته بيّنَ المقياس وجود علاقة قوية جدا بين الانتماءات السياسية للمواطنين في فلسطين، ومدى شعورهم بتوفر الأمن، فقد وصلت نسبة الإحساس بالأمن في الضفة الغربية بين مؤيدي حركة فتح والمستقلين الوطنيين 62% فيما لا تتجاوز 46% بين مؤيدي حماس والجهاد الاسلامي والمستقلين الاسلاميين، وقد يرجع ذلك إلى النظرة السلبية للمعارضين للأجهزة الأمنية أو إلى تسييس الأجهزة والقائمين عليها وخدمتهم للنظام القائم.
يعزز مقياس الأمن ما خلصت اليها التقارير المحلية الآخرى التي أعدت حول فعالية ومناعة نظام النزاهة والمساءلة في الأجهزة الأمنية عام 2013، والتي رأت أن المؤسسة الأمنية الفلسطينية تفتقر إلى إطار قانوني ينظم صلاحيات الفروع التابعة لها وهيكليات القيادة والتبعية بشكل واضح يمنع التداخل في الصلاحيات، وأكدت ضرورة إصدار قوانين تنظم أعمال واختصاص كل من الأمن الوطني والشرطة والاستخبارات العسكرية، وأشارت إلى عدم إقدام غالبية الأجهزة الأمنية نشر وإعداد تقارير سنوية حول أعمالها وضرورة وجود آلية للإبلاغ عن الفساد داخل الأجهزة الأمنية، وضمانات تحول دون استخدام الأجهزة الأمنية لتحقيق مصالح سياسية وحزبية.
باعتقادي بات من الضروري أن تنظر الأجهزة الأمنية ايجابًا لما ورد بمقياس الأمن رغم التقييم السلبي الذي حصلت عليه وأن تبدأ ورشة إصلاح لتقويم العمل وتصحيح الخلل وإزالة الأسباب التي حالت دون حصولها على تقييم ايجابي، لتجاوز الإخفاقات، ولو نظرت الأجهزة والقائمون عليها بجدية لما خلصت إليه التقارير الرقابية حول عملية الإصلاح الأمني لحصلت على تقييم جيد على الأقل في مقياس قطاع الأمن، لذا لا بد من تغيير نظرة الأجهزة الأمنية لمؤسسات المجتمع المدني كمؤسسات تعمل على خلخلة الأمن الداخلي بالتعاون مع قوى خارجية الى مؤسسات تساعد وتساند عمل المؤسسة الأمنية في اطار من التعاون وباعتبارها بيوت خبرة لعملية الاصلاح بشكل عام والاصلاح الامني بشكل خاص. ولا بد من العمل بشكل دائم على سد الفجوات التي تبينها التقارير المختلفة، لأن التقصير وعدم معالجة الخلل يمس بقطاع الأمن والمجتمع الفلسطيني، ويؤثر سلبًا على نظرة المواطن للأجهزة الأمنية.