الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفلسطينيون يستخدمون الطريقة الايرلندية ضد الاحتلال الاسرائيلي

نشر بتاريخ: 20/08/2015 ( آخر تحديث: 20/08/2015 الساعة: 12:35 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

شهد الاضراب عن الطعام شكلان وسط المعتقلين السياسيين، الشكل الأول على الطريقة الايرلندية حيث يعلن أحد الاسرى الإضراب عن الطعام ويبقى على هذا النحو حتى الموت، ثم يدخل أسير أخر ليتابع النضال وهكذا.. الشكل الثاني على الطريقة الفلسطينية حيث يعلن جميع الاسرى مرة واحدة الإضراب بشكل جماعي ويبقى حتى تحقيق مطالب أو جزء من هذه المطالب.

منذ سنوات لجأ الفلسطينيون إلى الطريقة الايرلندية، سواء سامر العيساوي أو خضر عدنان أو محمد علان.. ويبدو أن الطريقة الايرلندية تنتشر بشكل قوي الآن وسط الأسرى. ورغم صعوبتها وخطورتها على الحياة لأنها (إضراب حتى الموت) الا أن الاوضاع القاسية التي يعاني منها الأسرى والظلم الذي تعيشه الحركة الأسيرة والخذلان من قوانين الكنيست الجديدة جعلت من الامر محتوماً وليس اختيارياً.

فقد تسببت الأحزاب الصهيونية المتشددة في أزمة اختناق اخلاقي بتل ابيب، وقامت هذه الاحزاب بالتسلل إلى حكومة نتانياهو لسن قوانين عنصرية غير مسبوقة، نتانياهو الذي خاف من اكتساح اليمين لحكومته رحل الأزمة إلى الكنيست، والكنيست الإسرائيلي اقر القوانين العنصرية بالقراءات الثلاث، ومن هذه القرارات قانون التغذية القسرية للاسرى المضربين عن الطعام، ومع إضراب الاسير المحامي محمد علان، قام نتانياهو بترحيل الأزمة إلى مصلحة السجون والتي خافت أن يستشهد محمد علان في عنابر السجن، فقامت بترحيل الازمة إلى مشفى سوروكا في بئر السبع، لكن أطباء مشفى سوروكا رفضوا تنفيذ امر التغذية القسرية، فتم نقل الاسير علان إلى مشفى برزيلاي في عسقلان، ولكن اطباء المشفى الاسرائيلي في عسقلان رفضوا أيضا التغذية القسرية. وقاموا بترحيل الأزمة إلى المحكمة العليا، قضاة المحكمة العليا في إسرائيل شعروا أنهم سيتحملون أمام العالم مسؤولية قتل الاسير علان فقاموا بابطال أمر الاعتقال الاداري.

وبمعزل عن الفصيلين الكبيرين فتح وحماس كحزبين حاكمين ومسيطرتين، نجحت تنظيمات الجهاد الاسلامي والجبهة الديموقراطية والجبهة الشعبية في السنتين الماضيتين في رفع سقف النضال إلى مستوى غير مسبوق، من النواحي السياسية والقتالية وهو أمر لا يجب الاستهانة به.

العديد من المراقبين- بينهم أنا - كانوا مترددين وحذرين في تشجيع النضالات الفردية، ويدعون إلى الالتزام بطريقة النضال الجماعي والجمعي، لكن سامر العيساوي وخضر عدنان ومحمد علان وبلال ذياب وهناء الشلبي وثائر حلاحلة وغيرهم من المناضلين نجحوا في اقناع المجتمع الفلسطيني بجدوى طريقتهم النضالية.

إن استنساخ التجربة الايرلندية من طرف الحركة الاسيرة الفلسطينية سيؤدي إلى بحث قطاعات اخرى مثل الحركة الطلابية والاجهزة العسكرية والمرأة والعمال واللجان الزراعية وحقوق الانسان إلى البحث عن تجارب اسرع وانجح لمقاومة العنصرية والابارتهايد. 

ويخيل لي أن الشعب الفلسطيني يعيش الأن نفس تجربة جنوب افريقيا في الثمانينيات، وسيكون الواقع اقسى وأكثر عنفاً ودموية لكنه يشير إلى أمر واحد، أزمة الاحتلال واعادة تصويب النضال الانساني ضد العنصرية. 

خيار الدولة الواحدة ترفضه إسرائيل، وخيار الدولتين ترفضه إسرائيل، وخيار اللاحل ترفضه إسرائيل، وأي حل ترفضه إسرائيل... ما يعني أننا لم يبق امامنا سوى الحل على طريقة جنوب افريقيا.