الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

معادلة غزة واسرائيل .. ومستقبل الضفة والقدس

نشر بتاريخ: 23/08/2015 ( آخر تحديث: 23/08/2015 الساعة: 15:01 )

الكاتب: ماهر عرار

تواتر الحديث في الأوانة الأخيرة ، عن ملامح نضوج صفقة إتفاق هدنة تمتد لأكتر من 10 سنوات بين حماس وإسرائيل عبر محادثات غير مباشرة بين الجانبين تجري بعيدا عن الإعلام وعن الرأي العام .
تبدو فرص إبرام هذا الإتفاق كبيرة سيما وأن هذه المباحثات تحظى بدعم دول إقليمية وأوروبية تدفع بإتجاه تثبيت هدنة طويلة المدى ووضع حد لحالة عدم الإستقرار والحصار الذي تشهده جبهة غزة منذ سنوات ، وهو ما يمكن قرأته في دور مبعوث الرباعية طوني بلير الذي يقود حسب ما تتداوله ألسنة الصحف ، قناه دبلوماسيه بين الطرفين (قناة الدوحه _ تل أبيب ) .
في هذا السياق برر خالد مشعل (في لقاء متلفز على قناة بي بي سي ) تعي حركة حماس لإبرام إتفاق هدنة ، تحت يافطة إلتزام حركته برفع الحصار وفتح المعابر وإنهاء الوضع الكارثي الذي يعيشه الغزيين منذ سيطرت حماس على القطاع .

نلاحظ هنا أن حركة حماس تسوق الإتفاق المزمع وتلعب على وتر الحالة الإنسانية والبعد الأخلاقي لمأساة غزة بعد حصار إستمر منذ 3 سنوات رافقة نشوب 3 حروب كارثية ، وهو ما تعتبره الحركة مدعاة إلى البحث عن أفاق واعده لسكان غزه بغية قدح حالة الإحباط والضيق الشعبي الذي يعتمل تحت سطح المجتمع الغزي .
مع ذلك رغم أن حماس تغلف مباحثاتها الرامية إلى إتفاق هدنة يشمل فتح المعابر أو رفع الحصار وإقامة ميناء ومطار وبالتالي تعزيز مقومات كيانها ، من بعد أخلاقي وإنساني ، إلا أن الإتفاق الجاري التباحث حوله ، ينطوي على بعد سياسي يكرس في مدلولة إنفصال غزة عن الضفة والقدس ، سواء أقرت حماس بذلك أو تغاضت عنه ، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على القضية برمتها وهو ما يأمن خشبة الخلاص لحكومة نتنياهو ويمنحها فرصة التملص من الضغط الدولي الرامي إلى تحريك الجمود السياسي في عملية السلام التي من المفترض أن تشمل قضايا الضفة وغزة والقدس كرزمة واحدة .

لا شك بأن الوضع في غزة لا يحتمل التأجيل ويشكل من ناحية أخلاقية أولية في أجندات الوطنية ، بيد أن تسوية هذه القضية بشكل مستقل وبمعزل عن الضفة الغربية وما تعانيه من إستيطان ناهيك الحصار والتهويد المطبق على مدينة القدس ، لربما الأهم من ذلك وطنيا وهو أن هذه التسوية تأتي خارج إطار منظمة التحرير وبالتالي أن هذا الإتفاق المستقل والمنفرد سيعزز في حال التوصل إليه ثنائية والإزدواجية السياسية التمثيلية في ساحة الفلسطينية .
يحق القول أن الإتفاق يحمل الأمل والأفاق لسكان غزة إلا أنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر كارثية على وحدة النظام السياسي الفلسطيني سيما الأحداث الوطنية أو ما يسمى برنامج الحد الأدنى الهادف إلى قيام دولة فلسطينية في القدس والضفة وغزة ( حدود عام 67 أي حل الدولتين ) .
فلا مناص في ضوء هذه المعادلة من سيناريو ترحيل أي أفاق لتسوية السياسية وبالتالي الحفاظ على معادلة الوضع الراهن مع تحيد قطاع غزة عن حالة الصراع في الضفة والقدس ، الأمر الذي تدفع إسرائيل بإتجاه تحقيقه ولا تعارضه حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة .

بينما قمت ألملم أفكار هذه المقالة وقع بين يدي تقرير لصحفي الإسرائيلي أليكس فيشمان ( في صحيفة يديعوت أحرنوت ) تحت عنوان القصة الكاملة للإنسحاب أحادي الجانب في غزة عام 2005 ، يتحدث خلاله عن العوامل التي إستند عليها أرئيل شارون في إنسحابه من قطاع غزة ، وكان من ضمنها وأخطرها وثيقة تسمى خارطة المصالح القومية والأمنية لإسرائيل وهي وثيقة تعود إلى فترة حكم إسحاق رابين مطلع التسعينات ، والتي تقول أن المصالح القومية لدولة إسرائيل موجودة بالضفة والقدس .
نلاحظ هنا كيف أن قضية غزة إستحوذت منذ إنسحاب عام 2005 على الإهتمام الدولي والعربي ، وذلك على حساب الضفة والقدس التي تشكل بنك أهداف توراتيه لإسرائيل .

والسؤال هنا هل كان الإنسحاب مصيدة وقع فيها الفلسطينين ؟
لعل المنطق السياسي يميل ويرجح ذلك وبقوة سيما وأن الإنسحاب الأحادي شكل منعطف خطير ترتب عليه نشوء حالة الإنقسام الفلسطيني والأخطر من ذلك إختزال فلسطين في غزة .
بالتأكيد أن الوقت لا يحتمل التناقف والتراشق بين الضفة وغزة ، الأمر الذي يفرض على الجميع تحمل المسؤولية ووقف هذا المنزلق وبالتالي وقف حالة الإستنزاف والإختزال والإفلاس التي حققها المخطط الإسرائيلي عبر الإنسحاب الخبيث الأحادي الجانب سنة 2005 .