نشر بتاريخ: 26/08/2015 ( آخر تحديث: 26/08/2015 الساعة: 16:46 )
الكاتب: عثمان أبو غربية
العالم كله على مفترق بين احادية القطبية وتعدديتها، والاقليم على مفترق تداعيات "الخطة المشتركة الشاملة للعمل"، بين إيران والغرب في نطاق 6 1 وتنفيذها، كل ذلك له تداعيات مؤثرة تستدعي تقديراً للموقف معمقاً حيالها.
ولكن الحركة الوطنية الفلسطينية ككل وحركة فتح كعمود فقري فكرته الوطنية الفلسطينية على مفترق أصعب، خاصة أن يد المحيط الاقليمي مشلولة بما يقع من أحداث وأن متغيرات الأمر الواقع على الأرض من قبل الاحتلال تستدعي إعادة تقييم وتقدير للموقف ومواجهته أكثر عمقاً.
نحن أمام خطة للاحتلال مضمونها عزل كافي لقطاع غزة عن الضفة وتحييد غزة للاستفراد بالضفة وتحقيق مقولة دولة بنظامين نظام لكيان الاحتلال فيه صفة المواطنة ونظام فيه صفة السكان للفلسطينيين في أرضهم على قاعدة حكم ذاتي وكنتونات وتمييز عنصري وعودة الإدارة المدنية.
يتم تحييد غزة بهدنة وتخفيف قبضة الحصار، وبإتفاقية مباشرة أو غير مباشرة لمرحلة محددة يكون فيها قد فرغ من أمر الضفة الغربية وتفرغ للقطاع ليطبق فيه أسوأ مما فعل بالضفة الغربية.
إن المقترحات الدولية والاقليمية وتداعيات ما سمي بالربيع العربي والمشاكل الساخنة في الوطن العربي وخطة الاحتلال تجعل كافة الوطنيين الفلسطينيين أمام اسئلة مثل المصالحة وخطة المواجهة الجديدة وتحقيق الذات.
لا بديل عن مصالحة وطنية فلسطينية بدون خسارة للمحيط الاقليمي وبدون الدخول طرفاً في نزاعاته القائمة، وعكس ذلك فهو تنفيذ مقصود أو غير مقصود لخطة الاحتلال.
ومن المهم التطرق إلى مفترق ذاتي أمام حركة فتح بصفتها تجسيداً للوطنية الفلسطينية.
تعيش فتح أخطر منعطفاتها منذ نهايات الانتفاضة الثانية، وقد صادفت مفاصل مفروضة تفت من عضدها تدريجياً وخاصةً عندما طرحت الولايات المتحدة ومن خلفها الاحتلال مسألة انهاء فتح وتغيير طابعها الوطني في أثناء الانتفاضة الثانية:
لقد تم العمل على مد الأيدي في تنظيم حركة فتح وشارك في ذلك مسؤولون من أمثال دنيس روس ودول استضافت ودعمت محاولات تغيير الطابع، ولكن تنظيم فتح وروحها كانا عصيان على تقديم الثمن بالنتائج المؤثرة.
كذلك جرى الحديث عن التخلص من الحرس القديم ومن روح الفكرة والتربية الأولى واختراق صفوف الحركة بأعضاء لم تتشبع روح الفكرة.
وهنا بدأت المؤثرات تأخذ مساراً تدريجياً تراكمياً بحافز أو بآخر، فقد تم التخلص من جزء كبير من الحرس القديم عن طريق التقاعد او غير التقاعد، ثم جاء مفترق الانتخابات التشريعية ووجود قائمتين للحركة وطريقة توحيد القائمتين والانفلات الترشيحي والخسارة التي منيت بها الحركة، ثم وقع الانقسام وبدأت فتح تخرج تدريجياً من الحكومة ومفاصلها، ويضيق عليها الخناق المالي، وتتفشى فيها أكثر من ذي قبل روح الانفلاش وعدم الانضباط بل وعدم الالتزام.
وعلى أثر تباين لوجهات النظر تم انعقاد المؤتمر العام السادس في بيت لحم، وتم العبث بعضويته، لقد تمكن المؤتمر من الحفاظ على الفكرة والمبادئ والأهداف واتخاذ بعض القرارات المفصلية وقد ترافق ذلك مع تنبيهات فيها الكثير، ولكن المؤتمر نجا بالفكرة.
وجاءت النتائج الانتخابية لتعكس الايجابي والسلبي بما تخلل المؤتمر من تعويم كبير للعضوية واسلوب خاطئ لمشاركة الاعضاء من قطاع غزة في الاقتراع. كانت النتائج للأطر المركزية تشبه الفسيفساء وهو ما أثر على توزيع المهام وأدائها.
لقد وجدت فتح نفسها مغلولة اليد تقريباً في الواقع الحكومي وأصبح عليها غرم السلطة وليس مغانمها، وأصبحت تهتز شعبيتها تحت وطأة تلك المغارم.
تقف فتح أمام مفترق جديد وهو المؤتمر العام السابع والذي يمكن أن يكون رافعة للحركة أو مجزرة فيها ابتداءً من عضويته وحتى نتائجه، في ظروف أصبح الممكن ضيقاً على فتح بروحها الأولى.
الاحتلال يريد فرض سقف للمطالب الفلسطينية أقل من السقف الحالي، الذي هو أصلاً أقل من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وسيخدمه توفير صيغة بنيوية تتناسب مع السقف المطلوب وخاصةً عن طريق تغيير الطابع للحركة والنوعية البنيوية.
وهنا فإن فتح تقف على أخطر مفترقاتها، من الطبيعي أنه من الواجب تحصين المؤتمر السابع والحركة وتوفير البنية التي تشكل ضمانة وطنية وتشكل مشاركة مقنعة لا تؤدي إلى ارتداد الكادر او يأسه وخاصة من النواة الصلبة للحركة.
هل يصنع هذا المؤتمر تحصيناً للحركة أم يكون حلقة جديدة وربما أخيرة من حلقات إنهاء روحها وبنيتها وطابعها وطبيعتها.
ذلك ما يجب أن نقف أمامه بكل ما ندخر من صلابة سنوات الكفاح وروحيته.
وإذا كانت فتح على المفترق فإن منظمة التحرير على مفترق، وقد أصبحت بحاجة لمشاركة وطنية أوسع وأصبحت أطرها شبه مشلولة وبحاجة لتغييرات معمقة.
لا بد أن نقف أمام ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير وتفعيل أطرها بأقصى درجة من المشاركة وتوسيع القاعدة وتعميق الأطر.
أصبح من المطلوب أن تدرك كافة القوى أن التماسك الوطني الشامل هو الأساس وهو أهم من مكاسب سلطوية هنا أو هناك وأن الوقوع في فخ المكاسب السلطوية والتفتيت الجهوي والذاتي هو خطة للاحتلال مدروسة ومرسومة بعناية، وأنه يتقدم فيها وهو ينظر إلى ما هو أبعد بكثير من أمداء رؤيتنا للزمان.
لا يجب أن نقع في أزمة أن لا نرى إلا ما هو تحت أقدامنا، يجب أن نستشرف المستقبل وأن يكون واضحاً لدينا ما سنواجه به خطط الاحتلال للفتنة والانقسامات والتقسيمات ولفرض مناخات طاردة وخاصة للشباب.
لقد أصبح مجرد التماسك الوطني والحفاظ على الذات هدفاً على كل هذه المفترقات.
والسؤال الآن : هل بعد المؤتمر السابع سنقول لقد انجزت مهمة إنهاء فتح وطابعها وروحها، لا يجوز أن يكون مجرد الانتقال السلس من جيل إلى جيل هو الهدف، يجب ان يكون الهدف إيجاد شبكة أمان وطنية ببرنامج يتناسب مع الضرورات وصيغة تشكل ضمانة وطنية.