الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هوليوود تتحمل مسؤولية هجرة الملايين الى الغرب

نشر بتاريخ: 29/08/2015 ( آخر تحديث: 31/08/2015 الساعة: 20:53 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

اذا اعتبرنا ان الجيل الجديد صفحة بيضاء وان المجتمع يكتب عليها ما يريد، فان الجيل الراهن تربّى على مدخلات ثقافية ودينية وسياسية واقتصادية واجتماعية أدت الى النتيجة التي نراها الان، مع ضرورة الاقرار بوجود عوامل مساعدة او مؤثرات شديدة تدفع نحو نفس النتيجة.

ان جيلا يتربى على ما تقذفه الفضائيات العربية من عوامل الاحباط والتدمير الذاتي، وما ينتجه الاعلام العربي "القاهر"، وان العالم العربي مخجل ومزر ومقرف وبائس ويائس وفاسد وحاقد. مقابل اعلام غربي يحاول ان يظهر امريكا وأوروبا على انها جنة الله على الارض، وان جميع النساء هناك جميلات وان جميع المواطنين يعيشون في كنف الديمقراطية وعسل المواطنة الشريفة وسيادة القانون والرحمة والشفقة والحريات المطلقة والتوازن الدقيق والصناعات الحديثة والمواصلات المذهلة والطبيعة الساحرة .. طبعا سيفكر في الهجرة الى هناك ولو ان احتمالية غرقه في البحر تصل الى اعلى من 90%.

وسأحاول ان اتحدث هنا الى اهلي وأبنائي الذين لم يسافروا الى الغرب من قبل، وأقول لهم ان هذه صورة مبالغ فيها، انها صورة تلفزيونية فقط بينما الحقيقة غير ذلك تماما، فأمريكا وأوروبا تعيش نظام الرأسمالية المطلقة بدون رحمة، ومن لا يعمل لا يأكل، وربما يموت من الجوع والبرد في محطات المترو، وان النظام الرأسمالي هو نظام عبودية بكل ما في الكلمة من معنى، حيث لا يوجد عشيرة ولا قبيلة ولا تنظيم ولا شلة اصدقاء، وهناك انت لوحدك مع لقمة العيش فاما ان تكون او لا تكون.

وانني رأيت العشرات، من شبان منطقتي الذين هاجروا الى الغرب يعملون في محطات تعبئة الوقود وفي مطابخ المطاعم في ظروف قاسية وساعات عمل تصل الى 15 ساعة يوميا، ولو انهم كانوا في البلاد العربية يعملون 15 ساعة يوميا لحصلوا على مبالغ اكثر من تلك التي يحصلوا عليها في امريكا وأوروبا.

ان عملية تضليل الجماهير العربية لبعضها البعض، والقول ان هذا القطر العربي افضل من ذاك، وان الخليج افضل من الشام، وان الشام افضل من اليمن، وان اليمن افضل من المغرب العربي .. والقول ان الغرب افضل من الشرق هو الفكرة التي تقف وراء موجات الهجرة المحمومة.

والعبرة ليس في اعتراض السفن، او في استيعاب المهاجرين في معسكرات هناك، وإنما في دحض الفكرة نفسها.

وللتذكير ان سوريا كانت استوعبت 3 مليون لاجئ عراقي قبل ان يحل الدمار عليها، والاردن استوعبت ملايين من الفلسطينيين والعراقيين والنازحين من الكويت، والخليج يستوعب ملايين العمال،  ورغم ان اليهود جاءوا مهاجرين لفلسطين ونزلوا عليها كالجراد عن طريق البحر الا انها تلطم على خديها لان عشرة آلاف مهاجر وصلوا من افريقيا.

عواصم الغرب تبكي الان لان 3 ملايين مهاجر وصلوا الى شواطئها، فيما الاردن لوحدها استوعبت 7 مليون مهاجر دون ان يرمش لها جفن، وسوريا استوعبت بصمت 4 مليون مهاجر دون ان تشكو وتقاسمت معهم رغيف الخبز رغم الحصار عليها.

لا تهاجروا وتتركوا منازلكم ومدنكم وقراكم من اجل الهمبورغر ... بل اصنعوا وطنا جميلا، وإذا كان ولا بد ان يهرب احد من هنا الى الغرب فهم الحكام والحكومات وليس انتم.