نشر بتاريخ: 30/08/2015 ( آخر تحديث: 30/08/2015 الساعة: 10:48 )
الكاتب: صادق الخضور
بداية، كل التقدير للجهود التي بذلتها مؤسستا الرئاسة والحكومة لتدارك أزمة التعليم في وكالة الغوث، لكن الأزمة فعليا لم تنته من جذورها، وما جرى من تدخّل مشكور لدول عربية وصديقة بفضل المساعي البناءّة للرئيس ولرئيس الحكومة وأركانها، أجّل الأزمة لأوقات قادمة في إطلالة قد تكون أكثر تعقيدا، ما يستوجب البحث الجدّي في السبل الكفيلة بتوفير شبكة أمان لعمل الوكالة والخدمات التي تقدمها.
شاءت المصادفة أن يكون نصيب أزمة المخيمات التي واجه أهلها الرحيل الترحيل لا الحل، وتحدثنا سابقا عن تكرار نمطية ترحيل الأزمات في سياقنا الفلسطيني، والمطلوب الآن جهد منظم وشامل للبحث في ضمانات عدم بروز المشكلة مستقبلا نظرا لتداعياتها الخطيرة، فالمشكلة لم تقتصر على التعليم رغم أنه – أي التعليم- احتل الواجهة بحكم عنصر التوقيت المتزامن مع بدء العام الدراسي.
بالمناسبة، لا زالت إشكاليات العاملين في قطاع التعليم في الوكالة حاضرة، ولم نشهد انتظاما تاما بعد في المدارس، لكن وبما أن هذا الأمر مرتبط بقضايا مطلبية ونقابية، فالحل ممكن في أيّة لحظة، ومع ذلك يجب ألا ننسى أن العام الدراسي برمتّه كانت عرضة للخطر.
يجب ألا ننسى، وهذه النقطة تستوجب البدء الفعلي في بلورة إطار عمل واضح للجهد المفترض القيام به، وللدور المنوط بوكالة الغوث، وبالقضية الأساسية التي من أجلها وُجدت الوكالة أصلا، فالمشكلة كانت هذه المرّة بطابع تعليمي، وقد تظهر مجددا في طابع صحي، وفي كلتا الحالتين بل وفي الحالات كلها لا يغيب العمق السياسي.
لا يختلف اثنان على أن ما جرى كان ترحيلا وليس حلّا، بدليل أن المشكلة عرضة للبروز في أي وقت، وكأنه بركان قابل لقذف حممه فجأة، فهل ستكون هناك معالجة شاملة؟
إن مواصلة التعامل مع الكثير من الأزمات بمنطق الحلول الآنية لا يوفّر ضمانات على المدى البعيد بعدم عودة بروز المشكلة، ويجب أن يكون هناك إجماع على أن ثمّة قضايا يجب ألا ننتظر حتى بروز مشكلة لحلّها، وما أجمل أن يكون هناك استشعار للخطر قبل وقوعه، لأن الإجراء الوقائي قد يكون أجدى من الحل المرحلي.. بل هو كذلك.
في خضم علاج الأزمة، يجب تسجيل التقدير للجهود النوعية التي رافقت الأزمة، مع تسجيل التحفظ على غياب تلك الجهود بعد الحل المؤقت للأزمة لأن الأزمة لم تنته فعليا.
كل ما يرتبط بعمل الوكالة أكبر من مجرّد كونه خدمات أساسية -وإن كانت فعلا أساسية-، فالغياب المتواصل للقضية الأساسية وهي قضية معاناة هؤلاء الناس الذين لا زالوا طامحين بالعودة، تفرض على المجتمع الدولي معالجة تتجاوز نطاق الاعتيادي والمألوف.
في النهاية؛ يجب أن نغادر مربّع التعاطي مع الأمور بمنطق اللامنطق، ويجب الخروج من دائرة تعامل الكثير من الأطراف الفلسطينية مع قيادتنا الشرعية ممثلة بالرئيس أبو مازن بمنهجية القفز عنها في أوقات الأريحية، وتحميلها المسؤولية في الأوقات الحرجة، وكأن التعامل ينطلق من منطق:" في الهناء منسيّة، وفي العزاء مدعوّة" !!!!!!، فهذه المنهجية باتت سائدة فعلا في كثيرة من الحالات، وأزمة الوكالة أنموذج لها وهي ليست أولها ولن تكون آخرها.