نشر بتاريخ: 01/09/2015 ( آخر تحديث: 01/09/2015 الساعة: 10:23 )
الكاتب: غسان مصطفى الشامي
عاشت غزة الصابرة المحتسبة الأيام الماضية الكثير من الآلام والنكبات التي تلاحقها باستمرار وما أن تنهض غزة من كبوة أو ألم أو تنتصر على تحدي جديد، حتى تواجه عقبات وتحديات أخرى تستهدف غزة، وهناك الكثير من المتربصين بغزة وشعبها الصامدون ينتظرون هذه النكبات، لا يريدون لغزة أي انجاز أو أي انتعاشة أو أي تحرك دولي وأممي لرفع الحصار عنها وفتح معابرها أمام العالم.
شعرت بألم كبير جراء الأحداث التي مرت بها غزة خلال الأيام الماضية، وعلى رأسها اختطاف أربعة من أبناء غزة سافروا عبر معبر رفح للعلاج والدراسة، وكان الله بعون أهالي المختطفين وأقربائهم وأتمنى الفرج القريب لهم ولكافة أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، كما عاشت غزة الأيام القليلة ألما في بداية العام الدراسي وهناك آلاف المعلمين لا يتقاضون رواتبهم ولا يملكون أجرة الوصول إلى مدراسهم، وهناك الآلاف من الطلبة يحرمون من شراء الملابس وقرطاسية المدرسة، كما عاشت غزة غضبا بسبب قرارات الأونروا الأخيرة بتهديد 13 ألف موظف بالفصل من عملهم أو منحهم إجازة بدون راتب والهدف وراء هذه القرارات ليس الضائقة المالية كما تعلنها الأونروا بل هو بالأساس هدف سياسي يستهدف قضية اللاجئين الفلسطينيين، كما مرت غزة بنكبات تتصل باستمرار انقطاع التيار الكهربائي على القطاع والأزمات التي تواجه القطاع الصحي من نقص وقود ونقص دواء واستمرار اغلاق المعابر وتكدس آلاف الحالات المرضية التي ترغب بالعلاج بالخارج ولن اغلاق المعابر عائق في وجهها .
ويرى كاتب السطور أنه رغم الآلام والنكبات الكثيرة التي تواجهها غزة، إلا أن غزة ليست بعيدة عن الآلام والنكبات التي تحدث للوطن الأكبر فلسطين، من مواصلة جرائم واعتداءات المستوطنين على أهلنا في الضفة المحتلة والقدس، ومواصلة مشاريع التهويد والاستيطان، واقتحام باحات المسجد الأقصى من قبل قطعان المستوطنين، واستمرار هدم منازل المقدسيين، كما أن غزة ليست بعيدة عما يحدث في السجون الصهيونية من جرائم بحق أسرانا البواسل و صمود أسطوري للأسرى في وجه ظلمة السجن والسجان، كما أن غزة ليست بعيدة عن الأحداث السياسية الكبرى من استقالات في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والمقاعد الشاغرة في المجلس الوطني الفلسطيني، والتغيرات السياسية التي ستشهدها الحالة السياسية الفلسطينية خلال الأيام القادم، خاصة أن شهر أيلول القادم يحمل تغيرات سياسية كبيرة، حيث سيعقد المجلس الوطني الفلسطيني جلسة هامة.
أمام هذه الآلام والنكبات التي تعيشها غزة، لدي وقفة إزاء ما حدث عبر صفحات الفيس بوك، والتوتير من خلال تعاطي شبابنا والمغردين في قضايا غزة وأزماتها، وهناك مغردين أشعلوا نارا عبر صفحات التواصل الاجتماعي في أزمات غزة، بل وأصبح الشغل الشاغل للكثير من شبابنا انتظار أزمة تحدث في أي منطقة من مناطق غزة لكي يظهرها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وينال اعجابات و(لايكات) الجميع.. لا ما هكذا يتم التعامل مع الأمور، ومن وجهة نظري يجب التعامل بروية وحكمة، والإدراك أننا نعيش في وطن محتل، والاحتلال هو أساس كل مشاكلنا وعذابتنا، ولا يجب أن ننساق وراء بوست هنا أو هناك قبل أن نتأكد من الحدث وأهدافه وأبعاده الخطيرة على قطاع ومقاومتها الباسلة، فقد تفاعلت في الأسبوع الماضي الكثير من القصص والأزمات التي يمر بها القطاع وغطت على قضايانا المركزية وهمومنا الأساسية في وطننا المحتل.
رسالتي إلى الشباب المغردين على صفحات التواصل الاجتماعي أن غزة تتعالى على نكباتها وآلامها وجراحاتها، وأن هناك الكثير من الابداعات والإنجازات لا تظهرها وسائل الاعلام الجديد، وأن الأزمات التي نحياها في غزة هذه الأيام لا تساوي الآلام التي عشنها خلال (51) يوما من الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة، ويجب على الجميع أن يدرك أن هناك من يتربص بغزة ويعمل على خلق الأزمات فيه، وإظهارها على السطح، لكن الناظر بعين البصيرة إلى غزة يجد أنها أفضل بكثير من المدن العربية التي تعاني ويلات الحرب الداخلية وفقدان الأمن والآمان فيها.
وأنقل إليكم أن العدو الصهيوني يرصد في كل ساعة ما يحدث من تطورات على القدرات القتالية للمقاومة الفلسطينية، فقد ركز العدو في أحدث تقاريره الاعلامية على قدرات كتائب القسام العسكرية المتطورة؛ حيث سلطت القناة العبرية الثانية الضوء على عمل وحدة الأنفاق في كتائب القسام، وركز التقرير على قدرات وحدة الأنفاق على التنظيم في العمل والتسلل وتنفيذ الهجمات والاستيلاء على مواقع عسكرية، وحتى إخلاء الجرحى، كما تحدث التقرير الصهيوني عن قدرات جيش القسام في حفر الأنفاق، وقدراتهم على التمويه أثناء تنفيذ العمليات، تنفيذ عمليات هجومية وصاروخية، هذه الأخبار والبشريات والمفآجات لدى المقاومة الفلسطينية يجب أن تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي وأن يعرفها الصغير قبل الكبير.
وأخيرا أقول لكم إن غزة العتيدة تحمل تجربة مقاومة كبيرة في حربها من العدو الصهيوني، والشجاعية والزنة ورفح وخانيونس أكبر شاهدة على تجربة غزة في المقاومة، ويكفي غزة شرفا أنها أول مدينة عربية تطلق الصواريخ بغزارة على المدن العبرية الكبرى، ويكفي غزة شرفا أن كل شارع فيها له ذكريات الكر والفر مع العدو الصهيوني، وهي بوابة العالم العربي نحو تحرير أرض فلسطين .