الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تكاليف العرس الباهظة استعراض لا ضرورة لها

نشر بتاريخ: 09/09/2015 ( آخر تحديث: 09/09/2015 الساعة: 11:11 )

الكاتب: إبراهيم فوزي عودة

ان الزواج هو رباط بين شخصين ناقصين تختلف شخصيتهما بسبب اختلاف بيئتهما وطريقة تربيتهما.وان على الزوجين بذل جهود كبيرة كي ينجحا علاقتهما ،والأمر يستحق العناء لأنهما سيحصدان السعادة في نهاية الآمر . وهذا الرباط والتفاهم تبدأ جذوره عند التعارف ومرحلة الخطوبة وصولا للاستعدادات للزواج .

هذه الاستعدادات هذه الأيام تركز على النواحي المادية التي تخرج أحيانا عن المنطق في المبالغة في نفقات الزواج التي معظمها يذهب في يوم الزواج لتبق الديون المتراكمة سنوات بعد الزواج والتي من شأنها إضعاف تلك الرابط بين الزوجين والتي يجب آن تكون رابطا قويا مبني على الثقة والاحترام والإحساس بالمسؤولية والنظرة المستقبلية للأسرة وتربية الأولاد . وهذه المسؤولية يجب آن تبدأ منذ الخطوبة بحيث تكون نفقاتها فقط الضروريات لتلك المناسبة بعيدا عن السهرات والعشاء والزينة والفتسان الغالي الذي بإمكانه آن يكون جميلا وليس غاليا ، محتشما كما توصي المبادئ المسيحية . 

وعندما نأتي إلى مصاريف العرس هنا تكمن المشكلة ، فمصاريف العرس هذه الأيام كبيرة ومتعبة ومنهكة للعريس ، ليس لأنها كذلك بل التقليد الأعمى والمباهاة المزيفة تكمن وراء ذلك . فالعروس وللأمانة آم العروس تقارن عرس ابنتها بأغلى مصاريف عرس في بلدتها بغض النظر عن اختلاف الإمكانيات المادية .يركزون على أسماء المحلات سواء لتزين الورد آو الفستان الذي يستعمل لنصف يوم والسهرة التي أصبحت سهرات وهي مكلفة وغير ضرورية مثل سهرة الحنة التي ممكن آن تقتصر على المقربين وتكون في بيت العريس. إن المصاريف الباهظة للعرس والغير ضرورية تقع على عاتق العريس فمنهم من يستدين ومنهم من يقترض ومنهم من يكتب شيكات ويصبح بعد العرس مهدد بالسجن وتكثر المشاكل بعد الزواج بسبب تلك المصاريف . وأصبحنا نسمع عن حالات طلاق كثيرة في الوسط المسيحي لدرجة انه خيل لغير المسيحي آن هنالك طلاق في المسيحية .المبادئ المسيحية لا تتغير لا طلاق في المسيحية والمبدأ ثابت لا يتغير . وسمعنا آن اجتماعات للعائلات سواء الكبيرة آو الصغيرة هدفها الحد من ظاهرة التكلفة العالية والغير ضرورية للزواج وللأسف جميعها فشلت واستمرت التكاليف الباهظة للعرس واستمرت الديون واستمرت المشاكل بعد الزواج . لذلك لا بد من بدائل نفكر بها للتقليل من نفقات الزواج التي جعلت الكثيرين يؤجلون لدرجة أن البعض وصل مرحلة تجاوزت سن الزواج .

تقول الأمثال 16 : 20 ( من يعرب عن يصيرة في أمر يجد خيرا ) ويصح ذلك في الزواج والحياة العائلية . وكلمة الله هي أفضل مصدر لنيل البصيرة والحكمة .
هذه الأمور المهمة في الزواج ولا يقاس الزواج الناجح بكثرة نفقاته بل العكس هذه النفقات الكثيرة التي تراكم الديون بعد الزواج تكون سببا في خلق المشاكل بين الزوجين . وكثير من الأزواج بعد الزواج يندمون على المصاريف التي لا حاجة لها وليست من أساسيات الزواج ولكن يندمون بعد فوات الأوان وللأسف غيرهم من المقدمين على الزواج لا يقتدون .

إن التواصل الجيد بين الزوجين يقوي رباط الزواج وهو الأهم في زواج ناجح .إن عماد الزواج هو المحبة التي تشكل رباط وحدة كاملا . والحب الحقيقي ينمو بين الزوجين الوفيين فيما يعيشان الحياة معا بحلوها ومرها ، حتى أنهما يصبحان صديقين حميمين يستمتعان كثيرة واحدهما برفقة الأخر .والمحبة تدفع الزوجين إلى معرفة بعضهما بعضا . وهذه المعرفة تغذي حبهما وتعمقه رغم نقائصهما . فالزواج الناجح هو الذي يقوى بمرور الزمن . لذا اسأل نفسك إلى أي مدى اعرف رفيق زواجي ؟ هل افهم كيف يشعر أو يفكر ؟ هل أتأمل في صفاته الحسنة التي جذبتني إليه ؟

لقد تعالت الأصوات هذه الصيفية حول موضوع تكاليف المناسبات بشكل عام والأعراس بشكل خاص ، وتأثيرها على حياة الأسرة . ولقد أقام الديوان الثقافي الساحوري (والذي أنا احد مؤسسيه وعضو فيه )وبالتعاون مع بلدية بيت ساحور لقاء جماهيري من اجل مناقشة هذا الموضوع والخروج بتوصيات لعلها تجد أذان صاغية من اجل مصلحة الناس وخاصة أن هنالك أزمة اقتصادية عالمية ونصيبنا في فلسطين واضح مما يزيد العبء على رب الأسرة .نحتاج أن يبادر المسئولين وأصحاب رؤوس الأموال لكي يتشجع متواضعين الحال الذين يحاولون تقليد غيرهم من المقتدرين . إنها مصاريف باهضة لأمور وقتية قد تستمر ساعات فقط مثل ورد الزينة الذي يصل في بعض المناسبات عشرة ألاف شاقل ليوزع على المدعوين بعد انتهاء العرس لينتهي به الأمر إلى حاوية النفايات .
إننا ندق ناقوس الخطر من هذه المصاريف الغير ضرورية والتي هدفها الاستعراض فقط .وخاصة نحن والعالم مقبلين على أزمات اقتصادية وضيقات تحتاج كل التدبير والحكمة في إدارة شؤون الأسرة .