نشر بتاريخ: 09/09/2015 ( آخر تحديث: 09/09/2015 الساعة: 23:18 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
انتقلت حكومة اسرائيل من الاستخفاف والمكابرة الى لغة التهديد ضد الرئيس ابو مازن ، اتصالات وزير الخارجية الامريكي كيري لم تقتصر على رام الله وتل ابيب، بل وصلت الى عواصم كثيرة ، والرسالة واضحة للرئيس : لا تستقيل ، وان استقلت فهذا شأنك ولكن اياك ان تعلن الغاء اتفاقية اوسلو او توقف التنسيق الامني مع اسرائيل .
الرئيس ابو مازن يبدي هذه الايام اهتماما كبيرا بترتيب منظمة التحرير أكثر من ترتيب السلطة ، ولكن " العواصم " صارت أيضا تظهر اهتماما أكبر بمنظمة التحرير ، وان كان تأجيل عقد المجلس الوطني يمثل رغبة وطنية فصائلية من جهة ، فانه كذلك يهدئ من روع " عواصم القرار " ويعطيها فرصة لتجنب مفاجئات ايلول التي اعلن عنها الرئيس عباس الشهر الماضي . فقد تنفّست دول كثيرة الصعداء ، وارتاح رؤساء مخابرات كثر من عناء مهمة حماية اوسلو من الانهيار .
لقد ارتاحت التنظيمات الفلسطينية لتأجيل انعقاد المجلس الوطني ، وارتاحت " العواصم " وارتاح المراقبون ، لكن المواطن لم يرتح بعد . فهو قلق على مستقبله وعلى طريقة ادارة القيادة لنفسها ، فالمحاصصة لا تزال هي سيدة الموقف بين حماس ومنظمة التحرير ، وليس التمثيل النسبي للقطاعات النقابية والشعبية والشبابية والمرأة والطفل والمزارعين والعمال وغيرهم .
المواطن في الضفة الغربية لم يرتح بعد ، والمواطن في قطاع غزة يرى أكثر ويفهم أكثر مما يتخيله المراقبون ، ويبدو ان الضمانة الاكثر فاعلية لحماية المشروع الوطني لم تعد المؤسسة ، ولا الهيئات . وانما التنظيم .
ان كلمة السر للفترة المقبلة هي " التنظيم " وهو اطار دال على قوة ضاربة لحماية الجماهير من الفلتان والمخدرات واللصوص والمتنمرين والمتعمشقين والانتهازيين والمتربصين، والتنظيم هو الاقل تعرضا للفساد والاكثر قدرة على العطاء والصمود في ظروف العمل الصعب وبموارد شبه معدومة .
ان حجم التهديدات الاسرائيلية ، وطبيعة المرحلة ، ومعادلات " العواصم " ورداءة المناخ السياسي العام يجعل من التنظيم هو الاداة الأنسب والاكثر قدرة على الاقتراب من الناس وحمل همومهم والتعبير عن طاقات الشباب وقطاعات الشعب الاخرى . فالتنظيم هو الشرطي وهو الامن الوطني الحقيقي وهو السياسي وهو رجل الاعمال وهو المواطن وهو المعلم وهو المرأة والطفل والجيل القادم . بل ان خط الانتاج التنظيمي هو الاكثر فاعلية وعملا بين جميع الهيئات والجهات الاخرى . والاهم انه الاقل عرضة لابتزاز الاحتلال وتهديداته .
والمقصود بالتنظيم هنا هو ( الحزب او الحركة او التيار او القوى ) ، وان لنا في تجربة الاخوة في مصر بعد ثورة يناير مثالا كبيرا لنتعلم منه ، فالاكثر تنظيما والاكثر دقة في فهم وادارة المرحلة هو الاكثر فرصة للفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية . وهو درس على الجميع التفكير به للحصول على دستور يضمن تواجد وحضور جميع القوى في المعادلة السياسية والا فان التطهير السياسي هو البديل المتوفر في الاسواق .
اسرائيل تستطيع ان تفرض فورا على الرئيس وطاقم القيادة اقامة جبرية ، وتستطيع ان تسجن أو تمنع جميع الوزراء والرموز والنشطاء من السفر ، وتستطيع بسهولة ان تنفذ تهديدات يعلون بتحطيم مؤسسات السلطة الاقتصادية ، وتستطيع ان تهدم مؤسسات السلطة خلال 24 ساعة . ولكنها ستحتاج الى 1000 عام حتى تقضي على تنظيم شعبي وطني .
الحواريون في هذه المرحلة هم ابناء التنظيم . هم الورثة الشرعيون لمنظمة التحرير وهم حملة الراية حتى تحرير الارض والانسان .
( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) صدق الله العظيم .