نشر بتاريخ: 10/09/2015 ( آخر تحديث: 10/09/2015 الساعة: 11:30 )
الكاتب: سمير عباهرة
سارع وزير الخارجية الامريكي جون كيري للعودة الى المنطقة التي ابتعد عنها منذ فترة بعدما نأت الولايات المتحدة بنفسها وتراجعت عن التدخل في الصراع الشرق اوسطي بما تم تفسيره بأنه انسحاب للسياسة الخارجية الامريكية من المنطقة بعد ان فشلت جهود كيري في احداث اختراق في استراتيجية نتنياهو المرتبطة بعدم الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة والاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والعودة الى طاولة المفاوضات. وبعد فترة انقطاع طويلة عاد كيري الى المنطقة من خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدما شعر بان مصالح الولايات المتحدة اصبحت مهددة بالخطر.
اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن عدم رغبته في الترشح لرئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وما اشيع في وسائل الاعلام عن نيته في انهاء حياته السياسية دفعت وزير الخارجية الامريكي جون كيري للاتصال بالرئيس الفلسطيني بعد قطيعة استمرت ما يزيد على العام،حيث طالب كيري الرئيس الفلسطيني بعدم الاستقالة التي قد تتسبب في فراغ سياسي من شأنه ان يؤثر على الاستقرار في المنطقة ويعطي الفرصة للقوى الراديكالية للسيطرة على القرار السياسي الفلسطيني وتضرب مشروع السلام في المنطقة. لكن وزير الخارجية الامريكي كان يهدف في الاساس الى لفت نظر القيادة الفلسطينية الى عدم اتخاذ قرارات فلسطينية حاسمة ضد اسرائيل في جلسة المجلس الوطني التي كانت مقررة يومي 14و15من الشهر الجاري وتأجل انعقادها الى حين اخر.
اعتراف امريكي صريح بان الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط مصلحة امريكية وان الولايات المتحدة لا تحتمل اي نوع من الفوضى وان اي تدهور قد يحصل فانه سيسبب قلقا للإدارة الامريكية التي تخشى من ان يؤدي ذلك الى اندلاع ازمة جديدة في المنطقة تهدد مصالحها. وإذا كانت الولايات المتحدة تعترف وتقر بان الفوضى تهدد مصالحها فأنها تعرف جيدا مصادر هذه الفوضى وعليها وضع حد لها ان ارادت الحفاظ على هذه المصالح .تدرك الولايات المتحدة ان استمرار الفوضى في المنطقة ناجم عن استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وسياسة اسرائيل في استمرار الاستيطان والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية.
عودة وزير الخارجية الامريكي الى المنطقة حتى ولو كانت من بوابة الاتصال الهاتفي تؤكد ان الهدف هو حماية المصالح الامريكية في المنطقة بما فيها اسرائيل التي تعتبر احدى المصالح الامريكية وتدرك الولايات المتحدة جيدا ان ذلك لن يتم الا بانتهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتحقيق السلام وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه في اقامة دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وهناك قناعة لدى قادة ورؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين بان اسرائيل من اكثر الاطراف في المنطقة بحاجة للسلام وان السلام هو مصلحة امريكية لحماية اسرائيل.
عودة كيري ومطالبه التي تقدم بها للقيادة الفلسطينية اقرار امريكي بأن الفلسطينيون رقما صعبا لا يمكن تجاوزه محليا وإقليميا ودوليا ويشكلون احد اطراف الصراع الذي يؤرق المجتمع الدولي وقادرين على التحكم في موازين الصراع بغض النظر عن الاختلال في موازين القوى، ولهذا على الفلسطينيين استثمار هذه التوجهات الامريكية الجديدة التي قد تفضي الى مرحلة جديدة من خلال الاجتماع المرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الامريكي جون كيري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في الشهر المقبل ومحاولة فرض مواقفهم طالما ان الولايات المتحدة استشعرت ان بعدها عن المنطقة سيولد الانفجار ونأمل انها قد توصلت الى حقيقة راسخة اكثر من اي وقت مضى بضرورة وضع حد للصراع في المنطقة وإجبار اسرائيل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية.