نشر بتاريخ: 10/09/2015 ( آخر تحديث: 10/09/2015 الساعة: 14:28 )
الكاتب: احسان الجمل
حسنا فعل الرئيس ابو مازن، بالاستجابة الى الانتفاضة السياسية الفصائلية ومن الشحصيات الوطنية والمزاج الشعبي، لتأجيل انعقاد المجلس الوطني، الذي قرر وفقا للبعض، انطلاقا من حسابات خاصة، جعلت الرئيس يتورط في الطلب، لولا حكمة الاخ ابو الاديب، الذي تعامل بحرفة قانونية واخلاقية وطنية عالية مع الطلب، حيث اوضح المسارات القانونية، مما جعل الكثيرون يعيدون حساباتهم، بما فيهم الرئيس.
قد يقول البعض ان استجابة الرئيس جاءت وفقا لطلب وزير الخارجية الامريكية، الذي اراد ان لا يكون هناك برنامجا وقرارات من المجلس يحملها الرئيس الى الجمعية العمومية، تشكل مطلبا فلسطينيا لا تستطيع تحمله امريكا باعتبارها داعم الكيان الاحتلالي اسرائيل.
والبعض يقول ان حدة الانقسام التي احدثها الطلب، جعلت الرئيس ينتبه الى ميزان الربح والخسارة، ففضل التراجع، بعد ان تراجع معظم من استقالوا وشجعوا على الخطوة.
وايضا هناك من هم خارج اطار المنظمة، وجدوا في الطلب منصة لاطلاق صواريخهم الفراغية على الرئيس والمنظمة معا، وايضا من حاول ان يظهر بمظهر المخلص، ليس بفعله، بل اعتمادا على ما كان سيحصل من خطا تاريخي فادح.
باي حال من الاحوال، لا تكرهوا شيئا عسى ان يكون خيرا لكم، فالحديث عن الانعقاد، افضى الى عصف سياسي، وبازار، لم يبق احد دون ان يدلو بدلوه، منهم من كان محقا، ومنهم لعب لعبة الحق الذي يراد به باطلا.
هنا على الرئيس ابو مازن ان يلتقط اللحظة السياسية الراهنة، وان يعمل على اعادة البيت الفتحاوي اولا،من خلال اجراء مراجعة لكل ما حصل من اجراءات، سياسية كانت ام تنظيمية، لان في وحدة فتح وقوتها رافعة رئيسية في النضال الفلسطيني، وثم منظمة التحرير الفلسطينية البيت الفلسطيني الجامع، الذي اعترف الجميع الان بأن منظمة التحرير هي الهوية والكيان، لا يمكن القفز عنها، شرط اعادة تفعيلها وفق الانظمة والقوانين، وهذا مكسب اذا كانت الارادات صادقة، وليست مناورة لعبت على اوتار العصف الذي ساد.
وبما انه وجد قاسما مشتركا هو الاطار القيادي الموحد، فلا ضير لعقده بسرعة، قبل الذهاب الى الجمعية العامة، حتى نحمل برنامجا سياسيا، يمثل الكل الفلسطيني، يتضمن اعلان دولة فلسطين، والطلب الى تنفيذ قرار الجمعية19/67 الذي صدر العام 2012، واعتبار الدولة تقع تحت الاحتلال، ولا بد من تنفيذ سيادتها وفق البند السابع من ميثاق الامم المتحدة.
حسنا، ان اقترب البعض من الحق، ولامسه في طرحه السياسي، وهنا اقصد الخطاب الحمساوي الذي اطلقه خالد مشعل من قطر، لكن كم نود ان يكون هذا الطرح نابعا من مراجعة نقدية لسياسة الحركة، وعودتها الى الحضن الفلسطيني، والالتزام بالبرنامج الوطني، بعيدا عن انتماء الايدلوجية، اي تغليب مصلحة الوطن. لا ان يكون ذلك منطلقا ان القيادة الرسمية كادت ان تقع في خطأ ووجب استثماره، لانه هنا مع التراجع عن انعقاد المجلس سقط هذا الرهان.
ولا بد من الاشارة، انه ظهر باهمية من مكان، ضرورة عقد المجلس الوطني، وتجديد الهيئات ، وتفعيل المؤسسات والبرنامج، وهذا يتطلب التحضير الجيد، الذي يسبقه حوار وطني شامل، يضم كل مكونات الشعب الفلسطيني، القديم والمستحدث من فصائل وقوى وشخصيات، لان كثيرا من الفوارق السياسية قد سقطت عمليا، والسياسات عمليات اصبحت واحدة، ولو في مسارات محتلفة، مع خسائر اكبر، مثل مشروع بلير في غزة، او عدم التصدي الجاد للاستيطان والتهويد، ناهيك ان الجميع اصبح سقفه الاعلى تسوية في حدود العام1967.
نحن امام منعطف تاريخي، يسبق استحقاقات كبيرة، اما فعلا تكفر القيادات عن خطاياها، وتعود الى الشعب، مدافعة عنه وعن حقوقه، وتستعيد الثقة المفقودة، ام يأتي الغد ليكشف المستور، بأن كل ما قيل لم يكن سوى بازار سياسي، يضع شعبنا وجبة على مائدة اللئام. وان غدا لناظره قريب.الشعب يتمنى ان يكون كل ما سمعه، هو عودة الابناء الضالين الى الرشد.